9 حلول عملية لعلاج مشكلة العناد عند الأبناء

إحدى الشكاوى التي لا تنتهي من الأمهات تحديدًا، هي مسألة عناد الأبناء، سواء في المذاكرة وكتابة الواجبات أو مواعيد النوم، أو تناول بعض الأطعمة وغيرها؛ ما يجعل البيت في حالة تأهب وتوتر مستمرة.

في هذه المقالة نطرح حلولًا عدة للتعامل مع الطفل العنيد، إذا ما طبقها الوالدان جيدًا؛ فإنها تسهم كثيرًا في علاج هذه المشكلة لدى معظم الأبناء.

لكن في البداية لا بد من التأكيد على معنى مهم للغاية، وهو أن تكون طاعة الطفل لتعليمات الوالدين نابعة منه، وليست مفروضة عليه، يطيع كلام الأب لأنه يحبه، لا خوفًا منه، والفارق بينهما كبير.

أيضًا الأطفال كأصابع اليد الواحدة لا يشبهون بعضهم بعضًا، ولذلك قد تأتي طريقة بنتيجة مع أحد الأبناء، وعند تطبيقها مع شقيقه الأصغر، لا تؤتي النتائج نفسها، وحينئذ يتعين على الوالدين تجربة حلول جديدة وأساليب أخرى مع الطفل العنيد.

اقرأ أيضًا هل طفلك مصاب باضطراب العناد والتحدي؟

لماذا يعاند؟

الخطوة الأولى نحو علاج مشكلة العناد عند الأطفال، هي الوقوف على الأسباب التي تدفع الطفل إلى العناد، وذلك بالجلوس معه والتحدث إليه، والاستماع والإنصات لكل كلمة يقولها، وتفهم مشاعره وأحاسيسه، وإبداء التعاطف معها.

إذا كانت وجهة النظر سديدة نثني عليها وندعمه فيها، أما إذا كانت بحاجة إلى تقويم أو غير مناسبة، فنعبر عن تفهمنا لمشاعره، ونحاول عن طريق الحوار والاستماع إليه بيان خطأ وجهة نظره في هذه النقطة تحديدًا، فقد يكون محقًّا في وقت آخر، لكن في هذا الوقت بالتحديد لا يمكن تنفيذ ما يريد.

على سبيل المثال، الابن الذي لديه امتحان مهم في الغد، ويريد أن يخرج مع أصدقائه في مناسبة من المناسبات ويصر على ذلك، وأمام رفض الوالدين، يعاند ويبدي غضبه الشديد من موقف الأبوين.

حينئذ يتعين على الأبوين الجلوس والتحدث إليه، والاستماع له، ثم يبينان له ألّا مانع من خروجه مع الأصدقاء في هذه المناسبة، لكن التوقيت عير مناسب؛ لأن لديه امتحانًا مهمًّا في الصباح، يمكنه الذهاب في وقت آخر لكن ليس اليوم.

ودائمًا ما نؤكد أهمية الحزم تجاه الأبناء، وليس القسوة والشدة؛ لأن الأب في النهاية هو قائد السفينة، وصاحب القرار في البيت، حتى وإن شار واستشار من حوله، لكن يبقى في النهاية صاحب القرار والمسؤولية عن كل من هم تحت إمرته.

خلاصة القول، يجب على الوالدين الوقوف على سبب العناد عند الأبناء، وأكثر الموضوعات والمواقف التي يعاند فيها، وكذلك التوقيت، ومع من يعاند أكثر، فقد يدفعه استهتاره بالأم واستغلال طيبتها في العناد معها.

الطفل قد يعاند من أجل لفت الانتباه، أو لأنه كسول، وقد يكون العناد من الطفل انتقامًا من الوالدين، وحينئذ يتعين على الوالدين التقليل من العناد مع هذا الابن.

وقد يكون العناد بسبب الغيرة من تمييز الوالدين لأحد الإخوة على الآخرين، ومن ثم يجب على الوالدين العدل بين الأبناء، وهكذا، فالوقوف على سبب العناد يؤدي بالضرورة إلى حلول أكثر للعلاج.

اقرأ أيضًا أفضل طريقة للتعامل مع طفل التوحد العنيد

كن قدوة لطفلك

لا يمكن أن نطلب من الطفل إطاعة الأوامر وتنفيذ التعليمات وعدم العناد، إذا كان يرى الوالدين في البيت لديهما المشكلة نفسها، فالأم تعاند الأب، والأب يعاند الجميع بحكم سلطته الأبوية، وبذلك يكتسب الابن هذا السلوك من الوالدين، ويكون بالنهاية هو الضحية في هذه المشكلة.

كون الوالدين قدوة ونموذجًا لأبنائهما، يجعلهم يتحملان مسؤولية أن يكونا نموذجًا يُحتذى وقدوة صالحة بالأفعال والأقوال أمام أبنائهما.

فالابن عندما يرى أباه يطيع جده أو جدته، يكتسب هذه الطاعة مع والده والعكس صحيح، فالعقوق والعناد ينتقل للأبناء، وكما تدين تدان، وتدور الدائرة عليك عندما تكبر، ويرد لك أبناؤك دين آبائك.

الفتاة التي ترى أمها تطيع كلام أبيها، لا تعاند، لا تكابر، لا تحاول فرض رأيها أو كلمتها على زوجها في حضور أبنائها، لا شك أن الفتاة سوف تكتسب هذا السلوك ويصبح جزءًا من شخصيتها عندما تكبر وتتزوج، وتصبح زوجة مطيعة لزوجها.

إظهار الوالدين للتفاهم والاحترام المتبادل أمام الأبناء، من شأنه أن يعلم الأبناء الطاعة.

فالأب لا يأخذ قرارًا دون الرجوع واستشارة من معه في البيت، خاصة في الأمور التي تتعلق بالبيت وتهم أفراد الأسرة، والأم عندما يطلب منها أحد الأبناء شيئًا تقول له: ارجع إلى أبيك وخذ رأيه. كل هذه المواقف والتصرفات تهيئ بيئة سوية لأطفال مطيعين.

خلاصة القول، النمذجة وأسلوب التقليد، من أفضل وأنجح أساليب تعديل السلوك عند الأبناء؛ لذلك على الوالدين أن يكونا قدوة صالحة لأبنائهم؛ لأنهم يتشربون قيمهم ومعتقداتهم وأفكارهم من والديهم.

اقرأ أيضًا أهم 5 أسباب للعناد عند الأطفال

السلطة داخل البيت

لكل سفينة قائد، وقائد هذه السفينة في البيت بلا منازع هو الأب، لكنه ليس الأب السلطوي التسلطي الذي يستغل سلطته لفرض رأيه على من معه في البيت خاصة في الأمور التي تهم أفراد الأسرة جميعًا، بل يجب أن يكون قائدًا حقيقيًّا يستشير رعيته ويأخذ برأيهم، ويعتمد معهم أسلوب الحوار والنقاش، لا فرض الرأي والإجبار.

ويجب للقائد من نائب وهي الأم، فإذا كان الأب غير موجود، فالأم موجودة ولديها الصلاحيات أيضًا، وعلى الأبناء إظهار الطاعة والاحترام لها تمامًا كما لو كان الأب موجودًا.

ثم الابن الأكبر الذي نعلمه الرحمة بالصغار، وأن يكون لهم أبًا في غياب الوالد، أن يجعل الأولوية لمصلحتهم وأن يقدمها على مصلحته الشخصية، كذلك نعلم الأبناء الصغار احترام الأخ الأكبر، فهو بمنزلة الأب الثاني في البيت، وكل هذا ليس بالكلام النظري، ولكن بالأفعال والتصرفات التي تثبت ذلك.

اقرأ أيضًا العناد لدى الأطفال وكيف تتعامل مع الطفل العنيد

بيت له قوانين

لا بد من قواعد وقوانين منظمة للأفراد داخل البيت، على الكبار قبل الصغار احترامها، وعدم السماح بتجاوزها، ومن هذه القواعد، مواعيد النوم والاستيقاظ، ومواعيد الطعام، وموعد العودة إلى البيت في المساء، والوقت المسموح به للجلوس أمام الشاشات، والواجب المنزلي لكل فرد في الأسرة، وهكذا.

سواء أكانت هذه القواعد مكتوبة أم معروفة شفهيًّا لأفراد الأسرة، فيجب على الجميع احترامها، ولا مانع من لفت النظر عند تجاوزها مرة أو اثنتين قبل اتخاذ العقوبة المناسبة حال تكرارها مرة أخرى.

كلما كانت هذه القواعد واضحة منذ البداية، كبر ونضج الأبناء على احترامها، ومن ثم ارتاح الوالدان مع أبنائهما، ولم نكن لنسمع عن كثير من مشكلات العناد التي تحدث من الأبناء، كونهم لم يتربوا من صغرهم على احترام هذه القواعد المنظمة للبيت.

اقرأ أيضًا كيف أتعامل مع طفلي العنيد بعمر السنتين؟

العصا والجزرة

مبدأ الثواب والعقاب من المبادئ المهمة والضرورية داخل كل بيت، بحيث يُثاب ويُكافأ من يطيع الأوامر ويلتزم بالقواعد والقوانين داخل البيت، ويعاقب من يتجاوز هذه القوانين.

 الابنة التي تساعد والدتها في أعمال البيت، ترتب غرفتها، تُحضر الطعام مع أمها، تُنهي كتابة واجباتها أولًا بأول، تستحق الثناء والمكافأة تقديرًا لها ولإطاعتها الأوامر، ولكي تكون نموذجًا يُحتذى للإخوة لكي يقلدوها رغبةً في الحصول على المكافأة.

والعكس صحيح، الابن الذي يتجاوز الوقت المسموح به بالجلوس أمام الشاشات يُعاقب أمام إخوته، بالحرمان من الجلوس أمامه مدة معينة يحددها الأب، ومن الضروري هنا على الوالدين الثبات على الرأي وعدم التراجع تحت ضغط الأبناء وتوسلاتهم.

سواء أكان الثواب أو العقاب ماديًّا أم معنويًّا، يجب توضيح ذلك في البداية، بحيث يكون الأبناء على علم بما ينتظرهم حال وقوع هذا التصرف منهم، وهذا يوفر كثيرًا من الوقت والجهد في التربية، ويجعل الأبناء أكثر تقبلًا لقرارات الأب.

اقرأ أيضًا ١٩ أسلوبًا للتعامل مع طفل اضطراب العناد والتحدي.. تعرف عليهم

التواصل الجيد

الإنصات الجيد للأبناء ضرورة لا غنى عنها في التربية لكل مربٍّ، فإذا كنت تريد أن ينصت إليك أبناؤك عندما تتحدث إليهم، فعليك أن تظهر الإصغاء الجيد لكل كلمة يقولها الأبناء.

ولتحقيق ذلك يجب أن تستقطع من وقتك يوميًّا ما لا يقل عن 15 دقيقة تستمع فيها لأبنائك كلٍّ على حدة، سواء أكان ذلك بعد عودتهم من المدرسة، أم قبل خلودهم إلى النوم.

تشجيع الطفل على التعبير والكلام يحسِّن النطق لديه، يزيد ثقته بنفسه، يجعله أكثر قدرة على المشاركة في النقاشات والتفاعل مع المعلم داخل الفصل المدرسي، وهي مشكلة تواجه عددًا كبيرًا من الأبناء الذين لا يُترك لهم الفرصة للتعبير عن آرائهم داخل البيت، ولا يجدون مَن يجلس ويستمع إليهم.

وللتواصل الفعال شروط، أن تكون عينك في عينه وهو يتحدث إليك، وأن تبادله ابتسامة، أو قبلة حانية أو حضن دافئ، أو بالطبطبة أو لغة التلامس الجسدي، فكل هذه الأشياء تزيد فاعلية التواصل مع الأبناء.

عندما يجلس طفلك ليطلب منك مساعدته في مشكلة وقع فيها، تفاعل معه ولا تنفعل عليه، عبِّر له عن دعمك له، واجعل تعبيرات جسدك وإيماءات وجهك توصِّل له هذا المعنى التضامني.

اتبع دائمًا نهج الحزن لا الغضب، عندما يخطئ طفلك، عبِّر له عن حزنك أن يصدر منه هذا التصرف غير المتوقع منه: معقول هذا التصرف يصدر عنك! لا أصدق ما أرى، فأنت ولد مهذب لا تصدر منك مثل هذه السلوكيات.

ولا تغضب عليه؛ فيخاف منك، ويبتعد عنك، ويتجنب الحديث إليك، وعرض المشكلات التي تواجهه للوصول إلى حل لها.

ولكن يجب على الآباء ألا يكثروا من إشعار أبنائهم بالذنب؛ لأن الإفراط يؤدي إلى نتائج عكسية، فالمطلوب الاعتدال في كل شيء دون إفراط أو تفريط.

اقرأ أيضًا ملخص كتاب «مشكلات الأطفال» للدكتور عبد الكريم بكار

خيارات متعددة

من الحلول الناجعة في مشكلة العناد لدى الأبناء، اتباع أسلوب التخيير، بمعنى ألا تفرض على طفلك شيئًا محددًا، ولكن ضع له 3 خيارات عليه أن يختار من بينها.

أهمية هذا الأسلوب أنه يُشعر الطفل أنه صاحب القرار، وفي الوقت نفسه يُبقي سلطة الأب الذي وضع الخيارات الثلاثة أمام الابن للاختيار من بينها، وهذا من شأنه أن يقلِّل سلوك العناد لدى الأبناء.

الابن -تحديدًا- وخاصة في مرحلة المراهقة يريد الشعور بالحرية وأنه صاحب القرار، وأنت بهذه الخيارات تعطيه الإحساس بهذا الشعور، وعلى هذا تقلِّل العناد، وتزيد احتمالات تقبله للتعليمات برضا وسماحة نفس، لا بالإكراه والإجبار.

اقرأ أيضًا ماذا أفعل مع طفلي ذي الـ4 سنوات؟

سياسة الأمر الواقع

تتلخص هذه الطريقة في الحل بعدم السماح للابن بفعل ما يريد، إلا عند الانتهاء من الواجبات المفروضة عليه.

فالابن الذي يريد الخروج مع الأصدقاء، يكون رد الأب حازمًا: لا خروج، قبل الانتهاء من واجباتك المدرسية.

الحزم مطلوب في تربية الأبناء دون قسوة أو شدة، يكفي أن تكون حازمًا ومصرًّا على موقفك مهما كانت توسلات الأبناء.

كثيرًا ما يواجه الآباء مشكلة كبيرة عند الخروج في مناسبة تتلخص في تأخر الأبناء والزوجة في التجهيز، هنا على الأب أن يكون صارمًا: أمامكم نصف ساعة ونخرج.

وحال تأخر أحد الأبناء يُعاقب وفقًا لرؤية الأب، حتى وإن اقتضت الحاجة تركه بمفرده عقابًا على تأخيره.

اقرأ أيضًا 5 مشكلات رئيسة لدى طفل الخامسة والسادسة

القصص والحكايات

القصص والحكايات على مسامع الأبناء لها مفعول السحر في تقويم السلوكيات الخاطئة، وتعزيز الإيجابية منها، خاصة قصة ما قبل النوم، وهنا على الوالديْن اختيار القصص ذات المغزى التربوي التي يخرج منها الطفل بقيمة تربوية كالصدق، الأمانة، احترام الكبير، العطف على الصغير، بر الوالدين وغيرها.

قد تكون قصصًا مقروءة على مسامع الطفل، وقد تكون قصصًا مرئية كرتونية، وهذه يكون وقعها أكبر على الطفل؛ نظرًا لإغراءات الشاشة وسحرها الذي يجذب انتباه الطفل.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة