9 أمور في الحياة لن تُجدي نفعًا على المدى البعيد

يُجسِّد هذا المثل حالنا حين نقلق بشأن أمورٍ لن تُفيدنا بشيءٍ مع مرور الوقت. في لحظات التوتر والقلق، قد نجد أنفسنا منهمكين في التفكير في أشياء لا تُسمن ولا تُغني من جوع على المدى البعيد.

علم النفس هنا يمكن أن يكون نقطة تحوِّل حقيقية؛ فهو يُساعدنا على التمييز بين ما يستحق طاقتنا وما لا يستحقها، مُزيحًا ستار الأوهام التي تُرهقنا دون داعٍ. دعونا نتعرَّف على تسعة أمورٍ يؤكد لنا علم النفس أنها ليست بالقدر من الأهمية الذي نعتقده.

قراءة هذا المقال قد تُخفِّف عنك عبئًا لطالما أثقل كاهلك.

الشعبية

"الشجرة المثمرة تُرمى بالحجارة."

يتراءى لنا العالم مع ترعرعنا فيه وكأنه يحوم حول دائرة مركزها الشعبية والشهرة. نحن ندرك أن محبة الناس هي المفتاح الرئيس لفك مغالق أبواب النجاح والسعادة، لكن علم النفس لا يوافقنا الرأي؛ فما تفتأ هالة الشهرة تنزاح أهميتها رويدًا رويدًا. وتكمن الحقيقة الجوهرية في أن قيمتك الذاتية لا تُقدَّر بمدى تردد اسمك بين الناس أو عدد متابعيك على إنستجرام، بل بجودة علاقاتك وما تمثله نفسك في عينيك.

إن مطاردة أباريق الشهرة أمرٌ يستنزف طاقة الجسم والعقل وليس منه بُدٌّ في الأغلب، والتركيز عوضًا عن ذلك على بناء علاقات متماسكة مع من يقدِّرونك فعليًّا بالصورة التي أنت عليها. وبالنظر إلى واقع الأمر وتقبله، نرى أن الشهرة غير مجدية بانقضاء وتلاشي وهم مدة فورانها.

الماديات

"ما طار طيرٌ وارتفع إلا كما طار وقع."

ظللت شهورًا أدَّخر لشراء هاتفٍ آخر إصدار ظنًّا أنه من يحول بيني وبين سعادتي، وكنت في قمة السعادة بعدما اشتريته، ولولا مرور الوقت ما تلاشت هذه الإثارة؛ فسرعان ما افتتنت عيناي بالنسخة الأحدث منه.

حينها خطر في ذهني مفارقة سرعة زوال سعادة امتلاك تلك الممتلكات المادية.

يؤكد علم النفس ظاهرة التكيف مع المتعة اللحظية الكامنة في المواقف والممتلكات الجديدة.

وبالنظر على المدى البعيد، لن تستمر سعادة سيارتك البراقة الحديثة أو حقيبتك المصممة على آخر طراز، لكن الخبرات المكتسبة والعلاقات الاجتماعية هي المتعة المستمرة التي لا تُقدّر بثمن.

إضمار الضعينة للآخرين

"النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله."

هل تعلم أن مشاعر الضغينة والعداوة قد تُلحِق ضررًا بصحتك الجسدية؟ فقد أظهرت الدراسات أن استمرار المشاعر السلبية لأوقات طويلة يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر، وارتفاع ضغط الدم، حتى ضعف الجهاز المناعي.

يشبه إضمار الضغينة حمل حقيبة ثقيلة مملوءة بالغضب والكره أينما ذهبت. وبينما قد تشعر بلذة مؤقتة في الاحتفاظ بهذا الشعور، عليك أن تدرك الضرر الكبير الذي يُلحقه بجسدك ونفسك مع مرور الوقت.

التسامح، وإن بدا صعبًا، هو المفتاح لتحرير نفسك من هذا العبء. فهو ليس فقط بوابتك لحياة أكثر سعادة، بل أكثر صحة وراحة نفسية كذلك.

الضغينة

السعي إلى الكمال

"الكمال لله وحده."

قد يبدو السعي إلى الكمال غايةً نبيلةً، غير أن علم النفس يوضح أنه قد يؤدي إلى توترٍ لا داعي له وتوقعاتٍ غير واقعية. الكمال -إن جاز لي القول- ليس إلا وهمًا؛ فالحياة بطبيعتها مملوءة بالتعقيدات، متقلبة، وحافلة بالمفاجآت. إن كنت تسعى بلا انقطاع نحو الكمال، فأنت بذلك ترتب لقاءً محتومًا مع خيبة أملٍ لا مفر منها. بدلًا من ذلك، اجعل همَّك تحقيق التقدم المستمر. تقبَّل عيوبك وتعلم من أخطائك، فهي التي تمنحك فرديتك؛ فجلَّ من لا يخطئ.

الانشغال الدائم

"وإذا ما راحت النفسُ في سلامٍ

أتى كلُّ ما فيها من خيرٍ وتمامِ"

في ظل الوتيرة المتسارعة لعالمنا الحديث، يبدو أن فكرة النجاح أو المكانة مرهونتان بمقدار انشغالنا المستمر. لكن علم النفس يقدم رؤية مغايرة: فالإفراط في الانشغال قد يؤدي إلى الإنهاك النفسي وتدهور صحتنا العقلية.

وفي النهاية، ليس المهم مدى انشغالنا، بل مدى شعورنا بالرضا النفسي عن العمل. تكمن المسألة في وجود التوازن وأخذ الوقت للاهتمام بالنفس، والاستمتاع بالهوايات، وتعزيز العلاقات الإنسانية.

لا بأس أن نبطئ الوتيرة قليلًا ونلتقط أنفاسنا. لسنا بحاجة إلى ملء كل دقيقة من يومنا بالمهام لنعيش حياة ذات مغزى.

الخوف من الفشل

"لكل جوادٍ كبوة، ولكل عالمٍ هفوة."

الفشل تجربة مرعبة؛ فهو قد يدفعنا للشعور بعدم الكفاءة، والتشكيك في قدراتنا، حتى تقويض ثقتنا بأنفسنا.

لكن الحقيقة هي أن الفشل جزء لا يتجزأ من الحياة؛ فهو لا يظهر قيمتنا الذاتية بقدر ما يتيح لنا فرصة للتعلم والنمو.

يدعونا علم النفس إلى اغتنام فرصة الفشل بوصفها نقطة انطلاق نحو النجاح، وكثيرًا ما كانت أبرز قصص النجاح في العالم نتاج تجارب فشل كبيرة.

في النهاية، ما يهم ليس عدد المرات التي نفشل فيها، بل عدد المرات التي ننهض فيها بعد كل فشل للاستمرار قدمًا. لذا، لا تخشَ الفشل، بل دعه معلِّمًا يقودك نحو تحقيق أحلامك.

الفشل

الحاجة الماسة للتأييد

"رضا الناس غايةٌ لا تُدرك."

لقد أمضيت سنوات أبحث عن تأييد الآخرين، محاولًا أن أصوغ نفسي وفق ما ظننت أنهم يريدونه. كان ذلك مرهقًا، ولم يجلب لي السعادة الحقيقية قط.

يؤكد علم النفس أن السعي الدائم وراء رضا الآخرين قد ينهك تقديرنا لذاتنا ويؤثر سلبًا على صحتنا النفسية.

وفي المحصلة، الأهم هو رؤيتنا لأنفسنا، فبدلًا من البحث عن القبول الخارجي، يمكننا أن نزرع حب الذات وتقديرها، ما يقودنا إلى حياة أكثر رضًا واكتمالًا.

انظر إلى ذاتك على أنك كافٍ كما أنت، قيمتك ليست رهن آراء الآخرين.

التماس الحذر

"من خاف سَلِم، ومن تجرأ غنِم."

كثيرٌ منا يخشى الخروج من مناطق الراحة؛ فنحن نميل إلى المألوف، الآمن، والمتوقع. لكن الحياة لا تزدهر بالبقاء في هذه المناطق الآمنة.

يشير علم النفس إلى أن المخاطرات المدروسة وتحدي حدودنا يمكن أن يقودا إلى النمو الشخصي حتى السعادة. على المدى البعيد، قد يفضي التمسك بالحذر إلى فرص ضائعة وندم دائم.

خذ تلك الخطوة الجريئة، جرب شيئًا جديدًا، لا تعلم إلى أين قد يقودك. الحياة، في النهاية، مغامرة عليك الاستمتاع بها.

كن جريئا

المقارنة مع الآخرين

"كلٌّ يرى غيره بعين طبعه."

قد تكون هذه واحدة من أكثر العادات تدميرًا للنفس. مقارنة حياتنا، وإنجازاتنا، ومساراتنا بالآخرين قد تتركنا نشعر بالنقص وعدم الرضا.

يذكرنا علم النفس بأن لكل منا مساره الفريد، رحلتنا ملك لنا وحدنا، بكل ما تحمله من توقيت خاص وتحديات وانتصارات.

على المدى الطويل، المقارنة الوحيدة التي تستحق الاهتمام هي تقدمك عن ذاتك التي كنت بها بالأمس. لذا، ركز على نموك الشخصي وسعادتك، واعلم أن الآخرين يعيشون قصصهم، كما تعيش قصتك أنت.

في نهاية المطاف، الحياة ليست سباقًا للفوز بأكبر عدد من الشعبية، أو الممتلكات، أو تأييد الآخرين. إنها رحلة شخصية مملوءة بالتجارب التي تُمثل من نحن. لذلك، توقف عن إهدار طاقتك على ما لا يُجدي نفعًا. تعلم أن تضع نفسك أولًا، وتقبل عيوبك، وتحتفي بنجاحاتك الصغيرة.

تذكر أن السعادة الحقيقية تنبع من الداخل: من حبك لذاتك، من تقديرك لها، ومن شجاعتك لخوض المغامرات التي تخيفك. الحياة قصيرة لتُضيِّعها في المقارنات أو إرضاء الآخرين. عشها بصدق، وانظر إلى كل يوم وكأنه فرصة للنمو والتعلم. أنت كافٍ كما أنت، وهذه هي البداية إلى حياة تستحق أن تُعاش.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

اتفق معك جدا ، السعادة الحقيقية تنبع من ذاتك وارضاء الناس غاية لا تدرك والشجرة المثمرة تقذف بالحجارة
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

ماشاء الله تبارك الله أبدعت 🤝🌹🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة