إذا كان طفلك من الشخصيات الخجولة، المنطوية على نفسها، شخصيته ضعيفة، يخشى التعامل مع الأقران والمحيطين، لا يمكنه الدفاع عن نفسه، مترددًا، يلجأ إلى البكاء..
لا يمكنه تحمل المسؤولية والاعتماد على نفسه، ثقته بنفسه مهزوزة، يخشى الفشل، فعليك بقراءة هذه المقالة.
اقرأ أيضًا خطوات زرع الثقة بالنفس عند الأطفال
هكذا تقوِّي ثقته بنفسه
الخطوة الأولى نحو علاج ضعف شخصية طفلك، هي العمل على تقوية ثقته بنفسه، وهو ما يمكن تحقيقه بواسطة الوالدين، بتعريفه بنقاط القوة والضعف لديه، نزيد نقاط القوة والإيجابيات التي يمتلكها، ونتغافل أو نتجاهل السلبية منها.
أذكر أنني في كل تمرينة مع طفلي صاحب الـ 12 عامًا الذي يعشق كرة القدم منذ صغره، يتوجب عليَّ بعد نهاية التمرينة أن أشيد بنقاط القوة لديه، سرعته، انطلاقاته القوية، مراوغاته الذكية، تسديداته القوية، تمريراته السحرية، وأهدافه الممتعة.
ولا يمنع أن ألفت انتباهه إلى ضرورة أداء دوره الدفاعي جيدًا، فليس كونه جناحًا أن يركز على الشق الهجومي ويهمل الشق الدفاعي، بل يجب أن يكون لاعبًا متكاملًا بأداء الدورين الهجومي والدفاعي على أكمل وجه.
فضلًا عن ضرورة الضغط على المنافس عند فقد الكرة، لمحاولة استعادتها بسرعة وعمل هجمة سريعة لفريقه، واستغلال تقدم المنافس، وتحقيق الانتصار في النهاية.
وهكذا مطلوب من الوالدين التركيز على الإيجابيات ونقاط القوة لدى الطفل، والعمل على تقويتها لتعزيز ثقته بنفسه، فيجب علينا أن نتقن فن التعامل مع الإيجابيات لدى أبنائنا وهي عدّة، دائمًا ننظر إلى نصف الكوب الممتلئ، ونتغاضى عن النصف الفارغ منه ولو مؤقتًا.
من الأشياء التي تعزز ثقة الطفل بنفسه، كلمات المدح والثناء، خاصة في حضور العائلة، أغلب العائلات تجتمع مرة كل أسبوع أو كل شهر، في هذا التجمع يتم ذكر إيجابيات الطفل والثناء عليه.
على سبيل المثال، أحمد مرتب ومنظم، لا يؤجل واجباته المدرسية، أسيل تساعد ماما في أعمال المنزل، إنها بارعة في عمل المعكرونة، مالك مطيع وودود ويساعد ماما في أعمال البيت وهكذا.
اقرأ أيضًا لماذا يخطئ أطفالنا؟
تنمية قدرات طفلك ومهاراته
ليس كافيًا أن تكتشف نقاط القوة لدى طفلك، بل يجب العمل على تنميتها، على سبيل المثال، أب يكتشف مهارة ابنته في الرسم أو فن الإلقاء، ماذا يجب عليه فعله في هذه الحالة؟
على الأب هنا أن يشجع ابنته ماديًّا ومعنويًّا قدر المستطاع، وأن يبرز إيجابياتها ونقاط قوتها، وأن يعمل على توفير أدوات الرسم لها داخل البيت، وأن يشترك لها في المسابقات سواء في المدرسة أو الأندية والمراكز الشبابية، وحبذا لو ألحقها بكلية الفنون التطبيقية أو كلية الفنون الجميلة أو كلية الهندسة، التي تتيح لها الرُّسُوم الهندسية أن تُخرج طاقاتها الإبداعية.
من الضروري جدًّا تقديم النماذج المضيئة في هذا المجال، كأن تعرف ابنتك بالفنانة العراقية الراحلة زها حديد، التي أذهلت العالم برسوماتها وتصميماتها الهندسية لأشهر المباني في العالم.
أعرف أحد الآباء وقد حصلت ابنته في الشهادة الثانوية على درجات مرتفعة تجعلها تلتحق بكليات القمة بكل أريحية، ومع ذلك الأب حزين، لأن ابنته ترغب في الالتحاق بكلية الفنون التطبيقية، فهي تعشق هذه الكلية منذ الصغر.
في حين أن رغبة الوالدين، أن تلتحق بكلية الطب، حتى يقال له والد الطبيبة الفلانية، هكذا نحن الآباء للأسف في كثير من الأحيان، نهتم بالمظهر ونهمل الجوهر!
الأب الذي يكتشف مهارة ابنه في كرة القدم، ويرغب في تنمية مهاراته الكروية، عليه أن يلحقه بأقرب أكاديمية كرة قدم، وأن يشجعه ويقدم له القدوات والنماذج الرياضية المشرفة، من أجل أن يصبح يومًا ما لاعبًا مشهورًا ناجحًا مؤثرًا مثلهم.
انظر إلى النجم محمد أبو تريكة، لقد كان لاعبًا فذًّا داخل الملعب وخارجه، حصل على أفضل الجوائز الفردية والجماعية مع ناديه ومنتخب بلاده لعطائه ومجهوده ومهارته، وقبل كل ذلك التزامه وسلوكياته داخل الملعب وخارج الملعب، فالله يكافئ كل مجتهد، ولا يضيع أجر من أحسن عملًا.
قِس على ذلك كل المجالات والفنون والمهارات، يتعين على الأب اكتشاف موهبة طفله، والعمل على تنميتها، بحكم أنه الأقرب له والأكثر دراية بنقاط القوة والضعف لديه.
بعض الأطفال يكتب بخط جميل على الرغم من حداثة سنه، على الأب أن يشجعه ويدعمه بالاشتراك له في دورة الخطوط العربية، لتنمية هذه المهارة فيها، مع تقديم نماذج من أعمال الخطاطين، وكيف أن الخط وسيلة راقية لإبراز الجمال من حولنا والتعبير عنه بالكلمات.
اقرأ أيضًا مشكلة الخوف عند الأطفال.. أسبابها وعلاجها
جسد قوي وصحي
كلنا نحفظ مقولة "العقل السليم في الجسم السليم" لكن للأسف كم واحد منا يطبق هذه المقولة في حياته الشخصية والأسرية؟ للأسف القليل جدًّا، وإلا لم يكن هذا حال معظم الشباب اليوم، يدخنون السجائر، يتسكعون على النواصي وأمام مدارس الفتيات، يرتدون البناطيل المقطعة، وغيرها من أحوال شبابنا التي لا تخفى على أحد.
فضلًا على أن عدمالاهتمام بجسم الطفل وضعفه، قد يجعله هدفًا لتنمر أقرانه، ومحاولة فرض سيطرتهم عليه، والاستعراض أمام زملائهم بقوتهم الجسدية على هذا الطفل الضعيف؛ ما يؤثر عليه نفسيًّا وينال من عزيمته ومعنوياته، وقد يكون سببًا في إحجامه عن الذهاب إلى المدرسة أو النادي خشية تعرضه للتنمر أو الاستعراض من الأقران.
والجسم السليم يتطلب ممارسة رياضة سواء أكانت فردية أم جماعية، أو عمل بعض التمارين البدنية داخل البيت، وتناول الطعام الصحي، وتجنب الوجبات السريعة، وغيرها من الأشياء التي تحسن صحة الطفل الجسدية.
أعين الوالدين يجب ألا تغيب عن أبنائهم، يرصدون سلوكياتهم وتصرفاتهم، أقرانهم وأصدقاءهم، مع من يخرجون، وإلى أي مكان يذهبون، كل ذلك لا يمكن حدوثه إلا إذا كنت قريبًا منه، بحيث تكون له أبًا وصديقًا عند الضرورة.
ترك الطفل دون رقابة، قد يفسد أخلاقه وصحته، فالصحبة السيئة قد تقوده إلى التدخين أو الإدمان، تناول المخدرات، شرب الخمر، وغيرها من السلوكيات التي تضر بصحة الابن.
لذلك من العادات الصحية التي تبني جسدًا قويًّا لطفلك، النوم الصحي، الغذاء الصحي، ممارسة الرياضة، تجنب التدخين، والحذر من الصحبة السيئة.
اقرأ أيضًا 10 وسائل لتنمية ذكاء الطفل
تحمل المسؤولية
من أهم الأشياء التي تزيد ثقة طفلك بنفسه هو إسناد بعض المسؤوليات إليه والاعتماد عليه في قضاء بعض احتياجات المنزل، كشراء متطلبات البيت من السوبر ماركت، أو شراء بعض الخضراوات والفاكهة من السوق، وغيرها من الأشياء البسيطة لكن قوية المفعول والتأثير في شخصية الطفل.
أنت بذلك توصل رسالة لطفلك مؤداها: أنا أثق بك، أنت قادر فعلًا على ذلك. وهذه أشياء إيجابية لا غنى عنها في تربية النشء تربية سليمة.
يتعين على الوالدين توزيع المهام والواجبات داخل البيت، الفتاة تساعد أمها في الطبخ والمسح والغسل والكنس وتجهيز السفرة وغيرها من الأعمال التي تتماشى وأنوثتها، وعلى الابن أن يرتب غرفته، يحضر جدوله، والمذاكرة بمفرده.
كذلك نصيحة لكل أب وكل أم، الأشياء التي يمكن لطفلك ذكرًا كان أم أنثى أن يفعلها بمفرده، دعه يفعلها لوحده دون مساعدة، وقدِّم له الدعم والتشجيع إن احتاج لذلك.
اقرأ أيضًا نصائح هامة لتربية طفل سوي نفسياً
إشعار الطفل بالأمن والأمان
منذ لحظة ميلاد الطفل، يعد الوالدان الأقرب إليه، هما مصدر الأمان والثقة، فالحروب والزلازل والبراكين لا تخيفه، لكن توتر العلاقات بين الأب والأم، والصوت المرتفع والتهديد المتكرر بالطلاق، يصيبه بالقلق والتوتر، خشية أن يحدث الانفصال في أي وقت، ويكون هو الضحية.
لذلك على الأبوين دعم طفلهما نفسيًّا، وتذكر دائمًا أن البيت السوي هو الذي تسوده لغة الاحترام المتبادل بين أفراده، يرحم الكبير الصغير، ويحترم الصغار الكبار، يشعر فيه الأبناء بالدفء في الشتاء القارس.
أما البيوت التي يسودها الصوت المرتفع، والمشادات والشجار، فهي بيئة خصبة لإخراج أبناء منحرفين سلوكيًّا ونفسيًّا، يمثلون خطرًا على أنفسهم وعلى غيرهم.
اقرأ أيضًا تعرف على أسباب السلوكيات الخاطئة في المدرسة وطرق علاجها
تقديره لذاته
قد يبدو غريبًا للبعض أن بعض الكلمات مثل "شكرًا"، "من فضلك"، "لو سمحت" لها مفعول السحر لدى طفلك، تشعره بتقديره لذاته وأهميته لدى أبويه.
ولأن التربية بالقدوة، يجب على الوالدين أن يكونا قدوة ونموذجًا صالحًا لأطفالهما يقتدون بهما في حياتهما، أقوالهما وأفعالهما.
عندما تريد من ابنك أن يحضر لك شيئًا، ماذا عليك لو قلت له: من فضلك أو لو سمحت ممكن تحضر لي ريموت التليفزيون.
لن يقلل منك على الإطلاق بل يرفع قدرك في عين أبنائك، فيقلدونك في تصرفاتهم مع الآخرين، فتكون النتيجة، أن يدعو له من تعامل معه، يدعو لمن رباه هذه التربية الحسنة، وهذه حسنة الدنيا لك أخي الكريم.
جلوسك مع طفلك ولو ربع ساعة يوميًّا على انفراد، تستمع إليه، تنصت لكلماته باهتمام، تبدي تعاطفك معه بتعبيرات وجهك، لغة جسدك، أن تضع يدك على رأسه أو كتفه وهو يتحدث، كل ذلك يزيد تقديره لذاته، ويشعره بقيمته ومكانته لدى أبويه.
اقرأ أيضًا تعرف إلى علامات ذكاء الطفل
حرية حرية
الطفل منذ لحظة ميلاده، حتى فطامه، وتعلمه المشي، وأن يخطو أولى خطواته، يتطلع إلى الاستقلالية والاعتماد على النفس في الحصول على ما يريده، فما تقع عينه عليه، يرغب في الوصول إليه بنفسه دون مساعدة من أحد، ولذلك تجده يبكي عندما يحاول الوالدان منعه من الوصول إلى الشيء الذي يريده، أو حتى عندما يرغبان في مساعدته.
الطفل بحاجة لتعويده منذ صغره على الحرية، أعطه مساحة من الحرية يتحرك فيها دون قيد أو شرط، راقبه من بعيد، وإذا شعرت بأنه قد يعرض نفسه للخطر، تدخَّل وقدِّم له الدعم والمساعدة.
تذكَّر أن شخصية طفلك لن تصبح قوية، إلا بمساحة من الحرية وقدر من الاستقلالية وتحمل المسؤولية والاعتماد على النفس، لاتخاذ القرار المناسب، وهذه أشياء لا تُكتسب، بتقييد حريته، أو إخافته من الوقوع في الخطأ، بل بالدعم والتشجيع وتعليمه الاستفادة من أخطائه.
فالناجحون ليسوا هم من يحققون النجاح في المرة الأولى، بل إن التجربة والواقع يؤكد أن أبرز المخترعين والمبدعين مروا بعشرات بل بمئات التجارب الفاشلة حتى وصلوا إلى النجاح والإبداع في مجالهم، وهكذا أنت عليك أن تحاول، حتى وإن أخطأت لا تسمح لنفسك بالسقوط، بل عاود الكرَّة، وتعلَّم من الأخطاء، وستكون النتيجة نجاحًا منقطع النظير.
وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم في التعليقات أسفل هذه المقالة، أيًّا من الوسائل التي ذكرتها في هذه المقالة، جرَّبتها مع طفلك؟ وما النتيجة؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.