هل يمكن أن تؤثر المواد الإباحية سلبًا فيك أو تُخلّف آثارًا جانبية ضارة في صحتك الجنسية والعقلية، وصحة مجتمعنا؟ الإجابة المختصرة هي نعم، أما الإجابة التفصيلية فتُحتاج إلى شرح يعتمد على عقود من البحوث والدراسات.
هل يؤثر استهلاك الإنترنت على دماغك؟
هل تعلم أن المستخدم العادي للإنترنت يقضي أكثر من 40% من ساعات استيقاظه في استخدام الإنترنت؟ 40%! إنها نسبة كبيرة.
سواء كنت تشاهد سلسلة جديدة عبر نتفليكس، أو تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أو ترسل النكت والأميمات لأصدقائك، فإن كل ما نستهلكه ينقل رسالة معينة: هل يؤثر الإعلام الذي نستهلكه عبر الإنترنت فينا فعلًا، أم أنه مجرد استهلاك عابر وسرعان ما يُنسى؟
لطالما طرحت بحوث عدة أسئلةً مشابهة من ظهور الإنترنت، ووفقًا لنتائج هذه الدراسات، فإن الإجابة هي نعم، إن استهلاكنا للإنترنت يؤثر في طريقة تفكيرنا وسلوكنا، من تدهور الصحة النفسية إلى صورة الجسم السلبية، أصبحت الدراسات أكثر وضوحًا في أن ما يستهلكه الناس عبر الإنترنت له القدرة على التأثير فيهم إيجابًا أو سلبًا.
ومع وضع هذا في الحسبان، ونظرًا لأن نحو 91.5% من الرجال و60.2% من النساء يستهلكون المواد الإباحية، دعونا نأخذ لحظة للتفكير في كيفية تأثير الإباحية في مستهلكيها، هل الإباحية سيئة لك؟ هل يمكن أن تؤثر سلبًا في صحتك الجنسية، وصحتك النفسية، وصحة مجتمعنا؟
الإجابة القصيرة هي نعم، أما الإجابة الطويلة فتتطلب عددًا من البحوث وشرحًا ودراسات، وإليك 6 آثار سلبية تتسبب فيها استهلاك الإباحية.
1. الإباحية قد تؤثر سلبًا في العلاقات
وفقًا لدراسة تتبعّت الأزواج في مراحل زمنية محددة، كان استهلاك الإباحية ثاني أقوى مؤثر في العلاقة وطبيعتها، فضلًا على ذلك تظهر البحوث باستمرار أن من يستهلكون الإباحية هم أكثر عرضة بمرتين في العالم الغربي للطلاق، وذلك بسبب عدم الرضا الجنسي عن الطرف الآخر، وكذا عدم قدرة المدمن على إدارة العلاقة.
2. الإباحية قد تصبح إدمانًا
يفاجأ عدد من مستهلكي الإباحية بأن الإقلاع عنها قد يكون صعبًا جدًّا إن لم يكن مستحيلًا في كثير من الأحيان.
ففي الوقت الذي يعد فيه من يشاهدون الإباحية ليسوا مدمنين بمعنى التشخيص السريري، فإن كثيرًا من الخبراء يتفقون على أن استهلاك الإباحية سلوك يمكن أن يُصنف في الواقع على أنه إدمان في مرحلة متقدمة وشديدة الخطر.
وبغض النظر عن إذا كان استهلاك الإباحية يُصنف إدمانًا أو دافعًا قهريًا أو مجرد عادة غير صحية، فإن الإقلاع عنها قد يكون عملية صعبة جدًّا، لكن حتى إذا كان الأمر يبدو شاقًا يوجد دعم متاح، ما يجعل الإقلاع عنها أكثر إمكانية من أي وقت مضى!
3. يمكن أن تعزز الإباحية العنف والإساءة
نحن نعلم أن الإباحية تمجد العنف، لكن البحوث تشير أيضًا إلى أن القصص الجنسية العنيفة في المواد الإباحية يمكن أن تؤثر في مواقف وسلوكات المستهلكين لها.
في الواقع تشير البحوث إلى أن مستهلكي الإباحية هم أكثر عرضة لتشييء الآخرين جنسيًا وتجريدهم من إنسانيتهم، وللتعبير عن الاغتصاب، وأقل احتمالًا للتدخل في الاعتداء الجنسي، وأكثر احتمالًا لإلقاء اللوم على ضحايا الاعتداء الجنسي، ولدعم العنف ضد المرأة، وإرسال صور جنسية دون موافقة، ولارتكاب أعمال عنف جنسي فعلية.
4. الإباحية تغيّر دماغ المستهلك
إن أدمغتنا لها القدرة على التكيف العصبي، فهي تتغير باستمرار، فعندما نشارك في نشاط معين، لا سيما إذا كان نشاطًا ممتعًا، ويتضمن التكرار والتركيز الشديدين يعدل دماغنا نفسه ليصبح أكثر كفاءة في فعل ذلك النشاط في المرة القادمة.
لكن هذه العملية الدماغية يمكن أن تتأثر بما يُسمى بالتحفيز الفائق، وهو شكل مبالغ فيه من المتعة لا يمكن الحصول عليها من الممارسة الطبيعية، فعلى سبيل المثال يمكن أن تأخذ الإباحية المحفزات الطبيعية لأدمغتنا رغبتنا في الألفة والتواصل، وتعطينا نسخًا أكبر، وأكثر مبالغة لتلك الرغبة بعملية التكيف العصبي.
ويمكن للإباحية تغيير ما نعده طبيعيًا، وما نجده مثيرًا، وتجعل الممارسة الحقيقية تبدو أقل إثارة بالمقارنة، وذلك نظرًا لكمية الدوبامين الذي تفرزه أدمغتنا، فلا يمكن لأي نشاط آخر أن يفعله بتلك الجودة والكمية وقلة الجهد.
5. تطبيع الإباحية للإساءة
وفقًا لدراسة حللت عناوين الإباحية فقط، فإن واحدًا من كل ثمانية عناوين اقترحت للمستخدمين الجدد عبر مواقع الإباحية كانت تصف أعمالًا من العنف الجنسي. وتشير الأبحاث أيضًا إلى أن ما يصل إلى 1 من كل 3، وما يصل إلى 9 من كل 10 مشاهد إباحية تحوي عنفًا جسديًا أو عدوانًا، والأكثر إثارة للقلق هو أن 95% من المشاهد الإباحية تظهر الاعتداء الجنسي أمرًا طبيعيًا أو مرغوبًا فيه.
6. يمكن أن تعزز الإباحية مشكلات الصحة النفسية
أظهرت دراسات عدة العلاقة الوثيقة بين استهلاك الإباحية والنتائج النفسية مثل الاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة وانخفاض الرضا عن الحياة وتدهور تقدير الذات والصحة النفسية عمومًا. كما أظهرت هذه الدراسات أن هذه الروابط تكون قوية عندما يستهلك الأفراد الإباحية للهروب من المشاعر السلبية، ما يجعل نظرة الشخص إلى نفسه أقل تقديرًا.
ويمكن أن يساعد التوقف عن مشاهدة الإباحية في قطع دورة الهروب غير الصحية من المشكلات، ومحاولة معالجتها بالإباحية والمشكلات النفسية.
يبدو أن تأثير المواد الإباحية لا يقتصر فقط على السلوكات الجنسية، بل يمتد إلى صحة الفرد النفسية والجسدية، وقد يؤثر في العلاقات الاجتماعية والعاطفية، وأصبح من الواضح أن الإباحية قد تؤدي إلى تغييرات في الدماغ، وتشجع على التطبيع مع العنف، وتعزز مشاعر القلق والاكتئاب.
لذلك من الضروري أن يوجد وعي أكبر عن الآثار السلبية للإباحية، وأن نقدّم الدعم إلى أولئك الذين يسعون إلى التوقف عنها لتجنب هذه الآثار الضارة.
مقال مفيد جدا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.