ساتيا ناديلا، شانتانو ناراين، راجيف سوري وسوندار بيتشاي، هؤلاء الأشخاص يشتركون في شيء واحد، وهو أنهم من أصول هندية، وهم المديرون التنفيذيون لبعض شركات التكنولوجيا الأكثر نفوذًا في العالم كجوجل وتويتر ومايكروسوفت.
ثمة شيء واحد واضح وهو أن الهنود يتفوقون في شركات التكنولوجيا. لكن لماذا يحدث ذلك؟ فيما يلي خمسة أسباب توضِّح لك لماذا يهيمن الهنود على قطاع التكنولوجيا. فتابع القراءة للنهاية.
اقرأ أيضاً 4 أفضل وجهات سفر للمغامرة في الهند!
الهند
بداية دعنا نلقي نظرة سريعة عزيزي القارئ على حال الدولة التي يزيد تعداد سكانها عن مليار نسمة، إنها الهند التي تعاني الفقر والفساد وسوء التعليم ومحدودية الفرص، فلم يكن أمام مواطنيها غير الخروج من حدودها حتى يغيروا واقعهم المرير.
ففي عام 2016 بلغ عدد المهاجرين إلى الخارج 5 ملايين هندي للدراسة والتعلم والعمل. وبما أننا نتحدث عن التكنولوجيا، أريد أن أخبرك أن نحو 800 مليون هندي يستخدمون شبكة الإنترنت في العالم، وتمتلك الهند 75% من الموهوبين في قطاع التكنولوجيا؛ وهذا ما جعلها الفيل الآسيوي الصاعد في عالم التكنولوجيا رغم فقرها. لكن توجد عدة أسباب لسيطرة هؤلاء الموهوبين على أقوى وظائف التكنولوجيا بالعالم.
اقرأ أيضاً مراسم الاحتفال بالزاوج في الهند.. الراكاشاه الهندي
أسباب جعلت الهنود رؤساء تنفيذيين فى كبرى شركات التقنية
البداية من إتقان الهنود للغة الإنجليزية
يتعين على المرء أن يلتحق بنظام تعليم جيد ومناسب، والحقيقة أن الهند كان يحكمها في المقام الأول البريطانيون في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، ما أدى إلى وضع كثير من المدارس في البلاد اللغة الإنجليزية لغة أساسية.
وهذا يعني في الأساس أنه منذ سن مبكرة، أصبح كثير من الهنود على دراية جيدة باللغة الإنجليزية ويتحدثون بها بطلاقة، وبحلول الوقت الذي ينتقلون فيه إلى الخارج، يمكنهم الجمع بين براعتهم التقنية ومهارات الاتصال الجيدة.
وإذا قارنت كبار المسؤولين التنفيذيين من الصين وكوريا الجنوبية وتايوان، فهم ليسوا بطلاقة الهنود في اللغة الإنجليزية، وعلى هذا لا يمكنهم التواصل على نحو صحيح. نعم قد تكون منتجات تلك الدول جيدة، لكن اللغة الإنجليزية بمنزلة الحصان الرابح دائمًا، فمن أتقنها ضمن وظيفة العمر بمرتبات خيالية.
إتقان الهنود المهارات الناعمة كالطموح والفكر الإبداعي
لقد جعل الفقر الهنود طموحين على نحو لا يُصدق، فمنذ الميلاد يمر الهنود بمشكلات كبيرة، إلا إذا كانوا من طبقة ثرية، فهم يعانون بيروقراطية شديدة، كل هذا يجعلهم يتحملون المسؤولية مبكرًا ويطمحون في تحسين حالهم.
وها هو سوندار بيتشاي مثال جيد، ذهب إلى دراسة علوم هندسة الكمبيوتر بأمريكا، ثم جاءت له منحة دراسية إلى جامعة ستانفورد، وأخيرًا حصل على ماجستير إدارة الأعمال من مدرسة وارتون في جامعة بنسلفانيا، حتى توظف في كبرى شركات التكنولوجيا.
كان أسلوب الهندي بتشاي يوصف بالملين في حل المشكلات، حتى عندما أصبح مديرًا تنفيذيًّا لشركة جوجل في وقت سئم عمال قطاع التكنولوجيا من عجرفة المديرين التنفيذيين وأسلوبهم الأناني. نعم فالهنود يتمتعون بفكر إبداعي رائع.
ويقول رجل الأعمال الملياردير الهندي الأمريكي فينود خوسلا: تمنح طبيعة المجتمع الهندي التنوع في العادات والثقافات واللغات. فالمديرون الهنود قادرون على التعامل مع المواقف المعقدة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بتوسيع نطاق المؤسسات، ومن ثم فهم قادرون على الإدارة الجيدة للشركات.
اقرأ أيضاً أهم 20 شجرة من أشجار الهند
أسباب أخرى جعلت الهندود رؤساء تنفيذيين فى شركات التقنية
فهم الهنود الأسواق الناشئة
تُعد الأسواق الناشئة هدفًا كبيرًا لشركات التكنولوجيا؛ لأنها تعدها وسائل نمو محتملة، ودجاجاتها هي التي ستبيض لها نقودًا بالمستقبل؛ لذلك من الحكمة أن يكون لديك أفراد يفهمون مشكلات الدول مثل الهند.
كان ساتيا ناديلا الهندي الذي يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت العالمية، مثالًا رائعًا على فهم ما احتاج إليه السوق. فعندما تولى منصبه عام 2014، كان بيل جيتس سريع الغضب جدًّا، لكن ساتيا كان هادئًا، وجعل تطبيقات الشركة متاحة على الهواتف الذكية. فإذا كنت تستخدم تطبيقات الوورد والباور بونيت والإكسيل على هاتفك، فالفضل للهندي العبقري ساتيا، لدرجة أنه جلب للشركة مليارات الدولارات بحسن إداراته الرائعة.
دعني أخبرك أن الهنود يستحوذون على مناصب الرؤساء التنفيذيين في 60 شركة في الولايات المتحدة، وهم قادة تنفيذيون لنحو 25 شركة من شركات مدرجة في البورصة الأمريكية، بل إنهم يديرون نحو %25 من الشركات الناشئة في وادي السيليكون.
الشهادات العلمية
والسبب الأكثر وضوحًا لاستهداف الهنود للمناصب التنفيذية العليا في شركات التكنولوجيا هو أن معظمهم من المبرمجين ومهندسي التصميم، ويحملون شهادات علمية في مجالات الهندسة والبرمجة والإدارة على حد سواء.
تقدر شركات التكنولوجيا، مثل Google وMicrosoft وFacebook، المهندسين أكثر من الأشخاص ذوي الخلفيات الإدارية والتسويقية فقط. فإذا كنت مهندسًا، فما المانع من أن تنمي مهاراتك في الإدارة، وعلى هذا ستكون فرصة عظيمة لك حتى تحظى بوظيفة جيدة في شركات التكنولوجيا العملاقة.
إنهم يحبون الأشخاص الذين يبنون الأشياء أكثر من الذين يبيعونها. فمثلًا في Microsoft، عندما كان مجلس الإدارة يتطلع إلى خلافة ستيف بالمر.
كان بيل جيتس يرى أن الشركة بحاجة إلى شخص كان مهندسًا في صميمه يتمتع بذكاء الأعمال. فكان ساتيا ناديلا، الذي وُصف بأنه «مدير الشركة السحابي»، هو الرجل الذي وقع عليه الاختيار؛ لكونه مهندسًا عبقريًّا وإدرايًّا ماهرًا.
فعلت Google الشيء نفسه مع بيتشاي الحاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة، والماجستير من جامعة ستانفورد، والماجستير في إدارة الأعمال من جامعة بنسلفانيا.
كان التعليم سببًا أساسيًّا في مكافحة الفقر مثلًا بالهند بنسبة 16% وفق آخر الإحصائيات عام 2022.
لك أن تعرف أن السكان المنحدرين من أصل هندي إلى أمريكا يمثلون 1% من إجمالي عدد السكان، و6% من القوى العاملة في قطب التكنولوجيا وادي السيليكون.
الغريب أنه رغم نسبتهم الضئيلة تلك، يُعد الهنود أكثر المتعلمين في أمريكا بنسبة 77% حاصلون على درجة البكالوريوس، مقارنة بـ%31 من سكان الولايات المتحدة الأصليين.
وبما أن التعليم الجيد، يكون سببًا في تواضع الأشخاص في العمل، كان الهنود يفعلون ذلك. ويمكن القول إن الرؤساء التنفيذيين من أصل هندي أكثر تواضعًا، وبذلك فهم جيدون في دحر النرد، حتى يتمكنوا من إجراء تعديلات قبل أن يخرج الموقف عن السيطرة.
لا يمكن قول الشيء نفسه عن مؤسسي التكنولوجيا ذوي الرؤية المستقبلية مثل بيل جيتس وستيف جوبز ولاري بيدج ومارك زوكربيرج، أو حتى ستيف بالمر في هذا الشأن فهم إلى حد ما مغرورون.
الرواتب المرتفعة
وكان أحد أسباب سيطرة الهنود على كبرى الشركات التقنية هو الرواتب المرتفعة في الخارج. فمثلًا العامل الذي يعمل في التكنولوجيا بأمريكا متوسط مرتبه 98 ألف دولار سنويًّا، في حين أن العامل نفسه في الهند يأخذ 20 ألف دولار فقط.
لكن رغم المعاناة التي تشهدها الهند، حفرت اسمًا لها من ذهب في عالم التكنولوجيا، فوراء نجاح شركات التقنية العملاقة مُديرون تنفيذيون من أصول هندية.
كانت تلك هي الأسباب الأساسية في هيمنة الهنود على قطاع التكنولوجيا في العالم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.