لقد تعددت الأخطاء الموصوفة منها بهذا النوع الموسوم بالخطأ غير المغتفر الذي وردت صيغته في التشريع الفرنسي الخاص بإصابات العمل، ومضمونه: أن العامل إذا أصيب بضرر نتيجة خطأ غير مغتفر من صاحب العمل أو ممن يمثله استحق تعويضًا إضافيًا يجاوز التعويض الجزافي المنصوص عليه في القانون، وبالعكس إذا نتجت الإصابة عن خطأ لا يغتفر من جانب العامل فإن من شأنه تخفيض التعويض الجزافي عليه.
اقرأ أيضاً لماذا قد يقع الإنسان في الأخطاء الجسيمة؟
ما تعريف الخطأ غير المغتفر؟
وقد عرف القضاء الفرنسي الخطأ غير المغتفر بأنه: الخطأ الذي يبلغ من الجسامة حدًا غير عادي، ونتج عن فعل إرادي أو عن معرفة بالخطر كان يجب أن توجد لدى الفاعل، مع تخلف أي سبب مبرر، ويتميز عن الخطأ العمد بتخلف عنصر العمد.
ويتضح من ذلك التعريف الذي أورده القضاء الفرنسي للخطأ غير المغتفر أنه يقترب من الخطأ العمد من حيث إرادة الفعل أو الترك لكنه لا يماثله لعدم توافر نية الإضرار قصدًا، كما أنه لا بد أن تتوافر في الخطأ غير المغتفر أربع سمات حتى يمكن أن يوصف بذلك الوصف.
اقرأ أيضاً أخطاء خطيرة يقع فيها الكثير من الشباب.. تعرف عليها الآن
سمات الخطأ غير المغتفر
السمة الأولى
الجسامة الاستثنائية للخطأ والتي تحدد من خلال النظر إلى الفعل المكون للخطأ، لا بما ينجم عنه من ضرر، مثل: ترك رب العمل غاز خطر في خزان دون أن ينبه العمال عن المخاطر التي قد تنجم عن تقريب النار منه.
السمة الثانية
تخلف أي عذر كحالة الضرورة والدفاع الشرعي مما يبرر الفعل أو الترك.
السمة الثالثة
إمكان معرفة الخطر الذي يمكن أن ينتج عن الفعل أو الترك، يجب أن يكون الفاعل عالمًا بخطورة النتائج التي يمكن أن يؤدي إليها فعله أو امتناعه، ويقدّر هذا العلم، كما ذهبت إلى ذلك محكمة النقض الفرنسية بمعيار موضوعي وليس بمعيار شخصي.
السمة الرابعة
الصفة الإرادية للفعل أو الترك لكي يكون الخطأ غير مغتفر، ومقتضى ذلك أن يكون وليد فعل أو امتناع إرادي؛ أي إتيان الفعل أو تركه دون قصد تحقيق الآثار الضارة منه، وإلا كان خطأ عمدًا، ولإثبات هذا الشرط لا بد من اللجوء إلى المعيار الشخصي.
يجب على القاضي أن يتوسل في الكشف عنه بالدخول إلى نفس الفاعل وسرائره ونواياه، ونظرًا لصعوبة إعمال ذلك المعيار فقد لجأ القضاء الفرنسي إلى اعتماد المعيار الموضوعي، وذلك باشتراطه توفر الوعي بالفعل فقط ويعد ذلك عنصرًا موضوعيًا يمكن للقاضي أن يستشفه من الظروف المحيطة بالحادث.
وبذلك نجد أن الخطأ غير المغتفر نص عليه التشريع الفرنسي ووضع القضاء له ضوابط بها تحددت ماهيته هي تلك السمات الأربع سالفة الذكر، فإذا ما توافرت في الخطأ المرتكب عُد بذلك خطأ غير مغتفر، وكان موضعه بين الخطأ الجسيم والخطأ العمد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.