3 نظريات.. ما أصل لعبة الشطرنج؟

لا يزال الغموض يكتنف أصول لعبة الشطرنج، فلا يوجد دليل موثوق على وجود الشطرنج وصورتها الحديثة قبل القرن السادس الميلادي.

على الرغم من وجود ألعاب لوحية ذات صلة بعيدة تلعب بالنرد منذ 4000 عام، كلعبة (جو) شرق الآسيوية على سبيل المثال، فإنه توجد نظريات مختلفة عن أصل الشطرنج، والمؤكد أنه لا يوجد شخص محدد اخترعها، فقد تطورت لعبة الشطرنج على مر القرون، وقد تستمر في التغير مع الزمن.

وتتركز النظريات في مصدر واختراع لعبة الشطرنج على 3 مناطق هي: الهند وبلاد فارس والصين؛ لذا لا شك في أن الشطرنج لعبة آسيوية، وقد وصلت اللعبة إلى ذروة شعبيتها في المناطق الثلاث، ثم انتقلت مع هواتها إلى أجزاء أخرى من العالم.

النظرية رقم 1: أصل الشطرنج من الهند

دعونا نتحقق من بعض الحقائق عن ادعاء الهند بأنها المكان الذي نشأت فيه لعبة الشطرنج.

اخترعت الشطرنج ملكة سيلان (سريلانكا حاليًا) التي حاصرها الإله راما، ورغم أن هذا يبدو أسطوريًا بعض الشيء، فإن الأصول التاريخية الأكثر مصداقية للشطرنج في الهند يمكن إرجاعها إلى وقت متأخر جدًّا.

فقد نشأت الأشكال الأولية للشطرنج في الهند في القرن السادس الميلادي تقريبًا في إمبراطورية غوبتا، وقد ورد ذكر سلفها (شاتورانجا) -وهو اسم باللغة السنسكريتية- لنوع من تشكيلات المعارك.

نشأت الأشكال الأولية للشطرنج في الهند في القرن السادس الميلادي تقريبًا

في المهابهاراتا

كانت شاتورانجا لعبة حرب شعبية مكونة من 4 لاعبين، وتشترك مع الشطرنج الحديث في أوجه عدة كوجود قطع مختلفة في كلتا اللعبتين، ولهما قوى مختلفة، إضافة إلى أن النصر كان يعتمد على قطعة واحدة فقط، وهي الملك في الشطرنج الحديث.

بحلول القرن السابع كانت لعبة شاتورانجا -الكلمة مبنية على الأجنحة الأربعة القيادية للجيش- وهي أقدم الأشكال المعروفة للشطرنج الحديث، مزدهرة في شمال غرب الهند، وقد نقل الرحالة والقديسون والفنانون والملوك نسخة من شاتورانجا إلى بلاد فارس عبر طريق الحرير، وتغير اسم (الملك) باللغة السنسكريتية (راجا) إلى (شاه) بالفارسية.

الأسماء الأوروبية للعبة جميعها لها جذور في اللغة الفارسية، فـ(إيتشيك) الفرنسية و(مات الشاه) الإنجليزية تعود جذورها إلى الفارسية، وفي الوقت نفسه حملها الحجاج البوذيون إلى الشرق، فقد كانت توجد إصدارات عدة من الألعاب، وهي أقراص منقوشة توضع على تقاطع خطوط الرقعة بدلًا من المربعات.

بحلول القرن الحادي عشر وصلت هذه اللعبة إلى اليابان وكوريا، وهي النسخة الشائعة من اللعبة الشرقية المعروفة باسم الشطرنج الصيني.

وفي الختام تحولت الشاتورانجا التي كانت تُلعب بالنرد على رقعة من 64 مربعًا تدريجيًا إلى شاترانج أو شاترانج، وقد أصبحت هذه اللعبة التي يلعبها لاعبان شائعة في شمال الهند وباكستان وأفغانستان والأجزاء الجنوبية من آسيا الوسطى بعد عام 600 م.

النظرية رقم 2: أصل الشطرنج من بلاد فارس

نشأت لعبة الشطرنج التي نلعبها اليوم في بلاد فارس، وقد حصلت على تعديلاتها بعد أن أصبحت شائعة في أوروبا، وقد نشأت لعبة الشطرنج في بلاد فارس عام 600 ميلادي، وكانت النسخة الفارسية منها تحوي جيشين متعارضين، يضم كل منهما 16 قطعة.

ويذكر كتاب كرنامك أردشير بابكان، وهو أطروحة ملحمية بهلوية عن مؤسس الإمبراطورية الفارسية الساسانية، لعبة الشطرنج كأحد إنجازات البطل الأسطوري أردشير الأول مؤسس الإمبراطورية، وارتبطت لعبة الشطرنج بالنبل والثروة والمعرفة والسلطة في المملكة الفارسية.

بحلول القرن العاشر الميلادي جلب الرحالة المسلمون الشطرنج إلى شمال إفريقيا وصقلية وإسبانيا

أقدم لعبة مسجلة في تاريخ الشطرنج تعود إلى القرن العاشر بين مؤرخ من بغداد وتلميذ له، وكانت لعبة الشطرنج الفارسية تشبه لعبة الشطرنج الهندية (شاتورانجا)، لكن كان لها (مستشار)، ويمكن للاعب أن يفوز بلعبة الشطرنج إما بالقضاء على قطع الخصم جميعها باستثناء الملك أو الاستيلاء على الملك.

كلمة (شاه) كلمة فارسية تعني الملك، وكلمة (مات) تعني الهزيمة؛ لذا فإن كلمة (شاه مات) الفارسية تعني في الواقع (الملك مهزوم)، وهذا هو أصل مصطلح الشطرنج.

وبحلول القرن العاشر الميلادي جلب الرحالة المسلمون الشطرنج إلى شمال إفريقيا وصقلية وإسبانيا، وبالمقارنة نشرها السلاف الشرقيون في روسيا، وجلب الفايكنج اللعبة إلى أيسلندا وإنجلترا، وقد حظر الملك لويس التاسع ملك فرنسا اللعب بالشطرنج عام 1254.

النظرية رقم 3: أصل الشطرنج من الصين

تقول الأسطورة إن لعبة الشطرنج اختُرعت عام 200 قبل الميلاد على يد القائد هان شين الذي اخترع اللعبة ليجعلها تحاكي المعركة، وبعد مدة وجيزة من فوزه في المعركة نسيت اللعبة، لكنها عادت إلى الظهور في القرن السابع، أما بالنسبة للصينيين فقد اخترع الشطرنج الإمبراطور الأسطوري شنونغ أو خليفته هوانغدي، ولعل الدليل على هذه النظرية أن الشطرنج أو لعبة مشابهة كانت تُمارس في الصين نحو عام 750م، وهو ليس بعيدًا جدًّا عن الادعاءات الأصلية للحضارتين الأخريين، وكانت اللعبة الشائعة في الصين اسمها (شيانغ كي) التي تُترجم إلى لعبة الفيل، لكن هذه اللعبة كانت مختلفة تمامًا عن الشطرنج الذي نلعبه اليوم.

تطورت لعبة الشطرنج من تأثيرات حضارات مختلفة على مدار الـ1500 عام الماضية

على الرغم من أن الأصول الأولى للشطرنج كما نلعبها اليوم غير مؤكدة، فإن شيئًا واحدًا يبدو واضحًا وهو أن اللعبة نسخة معدلة من عدة ألعاب قديمة أخرى، وفعلًا تطورت اللعبة من تأثيرات حضارات مختلفة على مدار الـ1500 عام الماضية.

لا يمكن لمنطقة واحدة أو مجموعة واحدة من الناس أن تدعي أنها مخترعة اللعبة، فقد نشأت اللعبة بصورة أخرى غير التي هي عليها اليوم، وأصبحت لعبة الملوك قبل أن تصبح لعبة ذات جاذبية عالمية ومتابعات عالمية.

المصادر

J. R. Murray "A History of Chess," 1913

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة