لو كنت شخصًا لا يحسن الاختيار -خاصة لو كان أمامك كثير من الخيارات الممكنة- أو تخاف أن تأخذ قرارات كبيرة بحياتك وتحاول أن تتجنبها، أو تأخذ قرارات متسرعة وتندم عليها لاحقًا، أو تتردد في اتخاذ القرار وتفوت عليك الفرصة، وإن كان عندك مشكلة في التعامل مع الندم والإحباط عند اتخاذ قرار معين، أو تعجز عن معرفة الخطأ في قراراتك غير الموفقة... إلخ.
أنا أدعوك لمتابعة السلسلة القادمة بعنوان (تأثير القرارات على مستقبلنا) لحل كل هذه المشكلات، ولنعلمك كيف تزيد مهارتك وقدرتك على اتخاذ القرارات الصعبة على نحو صحيح.
سوف نتعلم في هذا المقال كيف نأخذ قرارات صعبة على نحو يساعدنا في تحديد الفائدة والخسارة من اتخاذ القرار؛ وبذلك تكون قادرًا على تحديد موقفك من اتخاذ القرار عن طريق أسلوب (تحديد المخاوف) (fear setting)، هذا الأسلوب قدمه المؤلف الشهير (TIM FERRISS) وهو مؤلف مجموعة كبيرة من كتب تطوير الذات وريادة الأعمال، والكتاب يقدم خطة مفصلة لمن يريد أن يتحرر من وظيفة وينتقل لعمل خاص.
والأسلوب الذي سوف نتحدث عنه ورد في أحد كتبه، وبالتحديد كتاب(TOOLS OF TITANS).
اقرأ أيضًا ماذا يعني اتخاذ القرار؟
خطوات اتخاذ قرار صعب
وأسلوب هذا الكتاب يكمن في ثلاث خطوات هي:
1- الخطوة الأولى
حدِّد القرار الصعب الذي تفكر باتخاذه.
مثلًا قرار ترك العمل الحالي أو قرار زواج أو بدء مشروعك الخاص، واسأل نفسك: ماذا سيحدث إذا قمت بهذا القرار؟
إجابتك على السؤال سوف تكون الخطوة الثانية.
2- الخطوة الثانية
أحضر ورقة وقسِّمها لثلاثة أعمدة، واكتب بالعمود الأول مخاوفك من اتخاذ القرار. وتخيل السيناريو الأسوأ.
مثلًا لو كان القرار أن تترك العمل الحالي فالسيناريو الأسوأ أنك لن تجد عملًا آخر بسرعة، أو براتب مناسب، ويمكن أن تضطر للدين مثلًا.
العمود الثاني تكتب فيه كل الأشياء التي بإمكانك فعلها حتى تتجنب أن تحدث مخاوفك التي كتبتها في العمود الأول.
وهذا يعني أنك قد لا تجد عملًا آخر بسرعة، أو أنك ستجد عملًا لكن براتب قليل، أو تضطر للدين من صديق ما.
يمكن مثلًا أن تبحث في مواقع التوظيف أو تعمل في أي عمل بسيط مدة ما، أي أفكار تساعدك في أن تتجنب بقاءك مدة طويلة دون عمل.
أما العمود الأخير فتكتب فيه أن كل مخاوفك كما لو أنها حدثت فعلًا ولم تستطع تجنبها، وماذا تستطيع فعله لتنقذ الموقف.
لو فرضنا أنك تركت عملك الحالي ولم تجد عملًا ماذا تفعل لتقلِّل الضرر الذي يأتيك أنت وعائلتك بهذه الحالة؟
أن تعمل مثلًا فريلانسر حتى تجد عملًا، أو في عمل بسيط براتب بسيط حتى تجد العمل الذي يناسبك.
اقرأ أيضًا كيف يكون فن اتخاذ القرار الصحيح؟
خطوات ضرورية لاتخاذ القرارات الصعبة
3- الخطوة الثالثة
وهي الخطوة الأهم طبعًا- على ورقة جديدة اكتب تبعات عدم اتخاذ هذا القرار؛ حياتك كيف ستكون بعد سنة أو سنتين لو بقيت في عملك ووضعك الحالي وأنت غير راضٍ، لو لم تغير عملك أو تتزوج أو تبدأ مشروعك الجديد.
اكتب كل توقعاتك ومخاوفك لعدم اتخاذ القرار وتأثير هذا على مستقبلك.
وهذه النقطة مهمة جدًّا لأنك عادة عندما تتخذ قرارًا صعبًا عادة ما يكون الحاضر في الذهن عند اتخاذ القرار هو توابع اتخاذ القرار وليس توابع عدم اتخاذه.
لأن توابع محاولة تغيير الوضع الحالي عادة تكون واضحة وظاهرة وسريعة، ولكننا ننسى أن عدم اتخاذ القرار وبقاء الوضع كما هو عليه يمكن أن يستنزفنا ولو كان ببطء، وتأثيره لن يظهر إلا في المستقبل، وهنا يجب أن نركز تمامًا.
من أجل هذا نسأل أنفسنا عن توابع عدم اتخاذ القرار في المستقبل بعد مرور مدة من الزمن.
بعد كتابة كل هذا فالمفروض أن تكون الصورة قد وضحت لك.
أحيانًا عند كتابة هذا الأسلوب وكتابة مخاوفك لو حدثت وكتابة سبل إصلاحها أو تجنبها، سوف تكتشف أن القرار ليس مخيفًا بالدرجة التي كنت تتخيلها الذي كتبته من وسائل لتجنب المخاوف أو إصلاحها سوف يشجعك على اتخاذ القرار لو كان في مصلحتك.
أيضًا في كتابة تبعات عدم اتخاذ القرار يمكن أن يوضح لك أن عدم اتخاذ القرار وتغيير وضعك الحالي مخيف أكثر من توابع اتخاذه، وهذا أمر سوف يشجعك أكثر على اتخاذ القرار.
ويمكن أيضًا أن نكتشف عدم استعدادنا لاتخاذ القرار في الوقت الحالي، لكن في الأقل يكون قد وضحت لنا النقاط التي نحتاج أن نحسب حسابها حتى نخفف الضرر.
المهم أنك تواجه مخاوفك ولا تحاول الهرب من القرارات الصعبة.
إن مواجهة القرارات الصعبة -وإن كان صعبًا على النفس على المدى القريب- غالبًا ما يجعل الحياة أسهل على المدى البعيد.
أما لو استسهلنا واخترنا الهروب من اتخاذ القرارات الصعبة في الحاضر فسوف نصعب علينا الحياة في المستقبل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.