ولادة جديدة من رحم الألم

في يوم من الأيام، كنت لا أزال خارجة من علاقة مرهقة استنزفت سنين من عمري. منذ أن كنت طفلة، تحملت المسؤولية والعمل وجني المال، وصارعت الحياة.

ومرت السنين دون أن أعيش طفولتي كما الأطفال الآخرين، فقد كان سني صغيرًا، أما الأعمال التي كنت أقوم بها تفوق قدرتي. جاهدت في هذه الحياة غير المنصفة، وحاربتها، ووقفت من جديد.

وجاء اليوم المشؤوم، وسني لم يتجاوز الخمسة عشر عامًا، حيث فُرض عليّ قبول الزواج بشخص لا أريده، ولم أفكر حتى في الزواج. لكن المجتمع الظالم، والحياة غير العادلة، وربما قدري المحتوم، كتبوا لي الدخول إلى القفص الذهبي، الذي لم يكن سوى سجن لي وقيود فرضتها عادات وتقاليد متخلفة وجاهلة. عشت في هذه الحياة الزوجية التي لم يكن فيها حب أو مشاعر، سوى تأدية الواجب.

ورغم ذلك، كنت أحمل بداخلي طموحي وأهدافي، ولم أنسها أو أرمي بها، بل كانت تتجدد كل يوم، وتولد من جديد خلف الألم، وتشرق مع كل بزوغ فجر جديد.. واصلت السعي، وحققت حلمي، ودرست وتفوقت، وأكملت دراساتي العليا. أصبحت أقوى من قبل، وأكثر نضجًا، ووصلت أخيرًا، وحطمت قيود الجهل والتخلف.. ولدت من جديد من رحم الألم، وعدت إلى الحياة بقوة أكبر.

طلبت الانفصال من ارتباط لم أجد فيه سوى الألم والظلم والمعاناة والجحود.. لم أستسلم، وأثبت ذاتي أمام العالم، وجعلت النور يجد طريقه إلى حياتي. أصبحت أنثى فولاذية، سوارها من حديد، وجدرانها تحيطها النيران. تحررت من ارتباطي، وانطلقت إلى الأمام دون أن ألتفت إلى الوراء..

وها أنا أقف الآن في قمة جبال نجاحاتي، أنظر إلى الأسفل، ليس ضعفًا، بل لأقول لمن لا يزالون هناك: «ها أنا قد وصلت إلى القمة، وقطعت كل هذه المسافات بما فيها من صعوبات وعراقيل ومطبات، لأستعيد ما ضاع مني، وألملم شتاتي، وأداوي جروحي».

وبين زحام الحياة والصدف غير المتوقعة، وجدت شخصًا يشبهني في كل شيء.. بدأت قصتنا بخصام، ثم تحولت إلى صداقة، ومن ثم إلى حب.. كبر حبنا يومًا بعد يوم، وزاد تعمقنا ولهفتنا واشتياقنا، على الرغم من أننا لم نرَ بعضنا بعد، لكن أرواحنا التقت قبل أجسادنا.. أصبحنا نعيش غرامًا وحبًّا مقدسًا، تجمعنا الذكريات الجميلة والضحكات العفوية.

ولا أدري ماذا يخبئ لنا المستقبل، وما الذي يخبئه لنا القدر؟

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة