لا يخلو شخص على وجه الأرض من العيوب والأخطاء مهما بلغ من الاستقامة والتوجه، غير الأنبياء المصطفين من ذلك، لكن من كبح عيبه وطبعه السلبي، وواجهه بصرامة تجده يأخذ من الحياة لذتها، ومن العيش طيبه، ومن الراحة عنفوانها، ومن الصحة ذروتها.
أما من يسلم حاله ومآله لذلك الجزء في نفسه الذي وصفه الله بالآمر بالسوء تجده يألف طبعه السيئ، ويحن إليه، بل ويصل به الحال إلى الإصرار على جعله روتينًا يوميًّا يستوجب إلزام من حوله بالسير عليه، فاقدًا بذلك الوعي والإدراك بما يجب أن يكون، وما يجب ألا يكون.
هنا وفي هذا الوضع بالذات سيتحمله من حوله، كلٌّ على مستوى القرب منه، لكن في النهاية سيجد نفسه وحيدًا طريدًا من رحاب جمال الحياة التي أوصى الدين، وشدد على المسلم أخذ أقصى ما يستطيع من هذا الجمال، مع جعل الجمال الأُخروي هدفًا ساميًا يجب التوقف عنده عند اتخاذ القرارات المصيرية في الحياة.
وحسب نظرتي للحياة وفكرتي عنها أرى أن الإنسان كلما كان مستجيبًا لنداء الذات الحقة العادلة، الذات الرحيمة به هو قبل الآخرين، كان قريبًا من تحقيق الخيرية الإنسانية في نفسه، وفيمن حوله، سواء أكانوا أبًا، أمًا، زوجة، أولادًا، إخوانًا، أقارب، مجتمعًا... إلخ.
وكلما كان بعيدًا عن الاستجابة لنداء الذات الحقة العادلة، الذات الرحيمة به هو قبل الآخرين، كان قريبًا من الشقاء والضنك والهم والغم والأذية النفسية لذاته ولمن حوله.
فلم يُسمع الشقاء عمن أنزلوا جناح العناد والإصرار على رفض أمر أجمع الناس على صواب ضده، ولم تُسمع السعادة عمن رفعوا جناح الأنا والإصرار على أحقية أمر أجمع الناس على صواب ضده.
يجب أن يعلم المرء أن الله يعطي الإنسان ما يحب ويتمنى بقدر استقامته، وبقدر توافق ما يحبه الإنسان ويتمناه مع مرضاة الله وأوامره. ويجب أن يحقق المرء أمنياته ومحبوباته من الدنيا في إطار ما يحبه الله ويرضاه لعباده، حتى وإن تعارض ذلك مع أهوائه ومزاجه، ومع ما لا تستسيغه نفسيته.
هنا فقط توجد السعة والمتسع والرحابة واليسر.
هنا فقط ستنبهر من النتائج التي كنت لا تتوقعها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.