أتأمل خيبتي في عجز، وأحاول أن أفحص كل جوانبها؛ عساني أستنير بأحدها لانتشال نفسي. تتنازعني رغبة في المُضي قدمًا وأخرى للاستسلام. مدة طويلة اعتدت على الاستسلام، لا خوفًا ولا عجزًا، بل فقدانًا للإيمان بجدوى المحاولة. جيد أو سيء، لي سيان.
هي مجرد لحظات تمضي لتفسح المكان لأخرى تأتي. عندما أتأمل حياتي وأتساءل كيف أمضيتها يكون الجواب صادمًا كأنه لا يعنيني: «لا حزينة ولا سعيدة... مضطربة وفقط». أي تلك الحالة حينما يتطلب مني الأمر التجاوز فلا أفعل، وحينما يقتضي التوقف أتجاوز. كل ما أحسن فعله هو تقليب التفاصيل بيد خاوية من كل شيء.
أما بالنظر للوقائع، فلا يمكن أن أنكر أنها كانت حياة صعبة، لكن من قال إن الحياة وُجدت لتكون سهلة؟ من زرع فينا هذه الفكرة الحمقاء بأن الأصل هو السلام والأمن والصحة. الأصل هو الحرب والأمراض. وحروبنا لن يخوضها أحد بدلًا عنا، علينا أن نخوضها فحسب، لا يهم إن كسبنا أو خسرنا. ففي النهاية كل ما نملكه يغوينا بخسارته، تولد خاسرًا لإمكان اللاوجود وتموت خاسرًا للحياة.
أعيد التأمل في خيبتي وأقول لربما نتشه كان محقًا عندما قال: «الضربات التي لا تقتل تقوِّي».
لكنها لي شعار مخيب للأمل ولا يشحذني بأية قوة. ما الفائدة من الضربات إن لم تقتل؟
أفضِّل الضربة التي تقتلني، إن كان قتلًا فيزيقيًا فسأكون مدينة لقاتلي براحتي الأبدية. وإن كان القتل بمعناه المجازي فأفضله أيضًا. أحب أن أنبعث من جديد كي أتعلم كيف أكون قوية قوة غير مشروطة لا بضربات ولا مداعبات.
لماذا علينا أن ننحني لجلادنا ونحب معاناتنا حد اعتبارها مصدر قوة؟ الكل يؤمن بهذه الأفكار لكني لا أستطيع حتى فهمها. أؤمن فعلًا بالقوة لكن ليست تلك التي تأتي بتلقي الضربات، بل بالقوة التي تجعلني أراقص الضربات.
لعل القوة هي أن أعانق خيبتي بدل أن أتأملها.
وهكذا عبَّر عنها سيوران: «الطريقة الوحيدة لمواجهة الخيبات المتوالية، هي أن يعشق المرء فكرة الخيبة نفسها. إذا أفلح المرء في ذلك؛ لا يعود يفاجئه شيء، يسمو فوق كل ما يحدث، يصبح الضحية التي لا تُقهر».
رائعة 👍👍👍👏👏💐💐
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.