أصبحت الهواتف الذكية جل اهتمامنا وجزءًا لا يتجزأ من حياتنا لا سيما لدى الشباب والمراهقين، وبهذه الهواتف التي تملأ أيدينا، نعَرِّض أنفسنا لتحديات تهدد النسيج الاجتماعي والمناخ التوعوي، فالهواتف الذكية التي كانت في البداية وسيلة للتواصل والتعلم، أصبحت اليوم مصدرًا للاهتمامات الزائفة والانحرافات الفكرية. وستكون بؤسًا يلاحقنا وينغص عيشنا إن لم نفق من غفلتنا ونضع لها حدًّا.
تؤثر الهواتف الذكية سلبًا على العلاقات الاجتماعية، وتنخر النسيج الاجتماعي المتماسك، غير أنها تقضي على التواصل وجهًا لوجه وتضعف الروابط الأسرية، فيجعلها الأولاد صوب أعينهم، وأول اهتمامهم، وتجد الأولاد يقضون معظم وقتهم خلف شاشات الهواتف ما بين ألعاب متعددة اللاعبين لا يُعرف من يلاعب من؛ وما بين مشاهدات للمحتوى الرائج التافه عديم الفائدة، الذي تفشى واستشرى في أوساط السوشال ميديا، وغمر مواقع التواصل الاجتماعي رواجه وإعلانه.
ومن جراء هذا الارتباط الكبير والاهتمام المفرط، نجد الأولاد متأثرين بهذه الأجهزة وروادها، وتُكوِّن شخصياتهم بناءً على ما وجدوا فيها، أو –إن صحت الكلمة– على ما أراد الغير، وبذلك تتوسع الفجوة بين الآباء والآباء، ويزيد تفاوت الاهتمامات، ما يؤدي إلى تباين آرائهم وعدم التوافق فيما بينهم، ويصعب على الآباء انتشال الأولاد من هذا الوحل، وإخراجهم من هذه المعضلة، ويصعب كذلك على الأولاد التفهم لآبائهم والانصياع وراء تعاليمهم.
وحينئذ يبدأ الأسى ويُستشعر الشجن؛ لذا يجد الآباء أن ما أرادوه من جلب هذه الهواتف لأبنائهم، أثمر بنتائج عكسية تمامًا، فلا الوصل الفعلي حصل، ولا المحبة زادت، ولا الطاعة دامت، وما هذا إلا يسير من كثير، فالأضرار الصحية والأخلاقية لا محدودة.
وفي مقابل ذلك أيضًا لا تخلو هذه الهواتف من نفع، ففيها فوائد جمَّة ومنافع متعددة، ولها باع طويل في التثقيف وتوسيع المعرفة وسهولة الوصول إلى المعلومات، ولكن الإشكالية في سوء التعامل وإفراط الاستخدام.
لذا يجب علينا أن نعي ذلك الضرر، وأن نسعى جميعًا إلى تفاديه والحد منه، فمن الضروري أن نضع حدًّا لاستخدام الهواتف بعقلانية، ووضع توازن بين التكنولوجيا والحياة الاجتماعية، ويجب علينا أن نشجع الأبناء على استخدام هواتفهم فيما يفيدهم ويعود عليهم بالنفع أولًا، وعلى المجتمع ثانيًا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.