ربما تقابل شخصًا تقيًّا متدينًا يخشى ربه، ويؤمن بالقدر خيره وشره، وتجده يخاف من المستقبل!! وتقابل آخر لا يعرف ربه وبعيدًا عن الله، ولا يُقيم شعيرة واحدة من شعائر الله، وتجده أبداً لا يخاف من المستقبل فتزداد حينها حيرتك!! لذلك يأتي السؤال ما هي الأسباب النفسية التي تؤدّي إلى الخوف من المستقبل بعيداً عن الأسباب الروحانية والدينية التي يعرفها أكثر منّا سادتنا علماء الشريعة.
- البنية النفسية القلقة عن ذلك الإنسان، فتجد عنده دائمًا نظرة تشاؤمية تجاه المستقبل، ليس بالضرورة أن يكون إنساناً تشاؤمياً أو سلبياً ولكن سمات الشخصية القلقة هي التي تدفعه إلى هذا الخوف من وعلى المستقبل.
- سمات الشخصية الشكاكة أيضًا تدفع إلى الخوف من المستقبل لأنه بطبيعة الحال في حالة شكّ مستمر وقلق مستمر، ومن ثم جاء الخوف من المستقبل واحدة من تلك الأعراض ومظاهر الشك التي لديه.
- الشخصية الحساسة والدقيقة التي تهتمّ بكل التفاصيل ويحمل هم الأمور أكثر ممّا ينبغي، ينتج عن هذا الخوف من المستقبل كنتيجة طبيعية وامتداد طبيعيّ لمفهومه الذي يجعله يهتم بكلّ التفاصيل (يعمل حساب الصغيرة قبل الكبيرة) فكان من المتوقع أن يخاف من المستقبل الذي لا يعرف عنه شيء.
- حدوث مصيبة معينة أو مشكلة معينة بعدها بدأ الخوف يتسلّل إلى قلبه، وبدأ القلق يسيطر على كل مجريات حياته.
- أعراض ذهانية مثل الضلالات المرضية التي تصيب الإنسان وتجعله على يقين بأن هناك من يريد الضّرر به أو بعمله، فيصبح في حالة خوف مستمر، ومن ثم يخاف أيضًا من المستقبل (هذا يحتاج إلى تدخل طبيّ عاجل).
- تقدّم الإنسان في العمر... فإذا نظر الإنسان إلى ما تبقى له من العمر والمستقبل فبدأ في مراجعة نفسه وعلاقته بربه، وزاد من عبادته وقربه إلى الله كان هذا طبيعيّ، ولكن إذا عاق هذا الشعور وظائفه الحيوية، وازداد الخوف عنده، ولم يبعده عن معاصيه أو أخطائه في حق الآخرين، فهذا هو الأمر المرضي غير الطبيعيّ، وينتج عنه أيضًا الخوف من المستقبل.
- توهم المرض... وهذا يدفعه أيضًا إلى الخوف من المستقبل، فكيف أعيش باقي حياتي وأنا صاحب مرض، بل أمراض (هذا يحتاج إلى تدخل طبيّ عاجل).
تلك كانت الأسباب النفسية التي تدفع الإنسان إلى الخوف من المستقبل، كما أشار إلى ذلك علماء النفس، فسمات الإنسان الشخصية تحدّد وتشكل مدى خوف الإنسان من المستقبل، لذلك على الإنسان أن يلجأ إلى طبيب نفسيّ حين يشعر من داخله أن هذا الخوف بدأ يسيطر عليه، لأن الطبيعيّ أن المستقبل بيد الله عز وجل، نعم عليك أن تأخذ بالأسباب، ولكن ليس من المطلوب أن أظل مهمومًا وخائفًا من المستقبل، فربما جاء المستقبل على غير ما تخاف منه فتكون قد أضعت فرحة اليوم لخوفك من الغد الذي لا تعرف كيف سيكون، هذه ليست دعوة للسلبية أو دعوة لعدم الأخذ بالأسباب، وإنما هي دعوة للاعتدال والتصالح مع النفس، وقبلها هي دعوة لزيادة مساحة الرضا داخلنا والتفاؤل والتمسك بتلك الطاقة الأسطورية التي بداخلنا ألا وهي (الأمل )، واعلم أن قدر الله كله خير فاطمئن أيّها الإنسان، وخذ بكامل الأسباب...
حفظنا الله جميعاً، وزاد مساحة الرضا داخلنا، وزاد تصالحنا مع أنفسنا.
حفظ الله مصر... أرضاً وشعباً وجيشاً وأزهراً.
مايو 13, 2022, 10:20 ص
جميل
يونيو 1, 2022, 6:36 م
fantastic
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.