تربية البنات على الأنوثة وقوة الشخصية.. قد يستصعب كثير من الآباء والأمهات تحقيق هذه المعادلة. فنحن معاشر الآباء التقليديين تربَّينا على أن الفتاة في الخارج تتعامل بـ"رجولة" مع الآخرين، وفي البيت نعاملها كـ"دلوعة".
أي أن البنت خارج البيت تبرز جديتها وقوة شخصيتها في تعاملاتها مع الآخرين؛ بحيث إنها لا تسمح لأحد بتجاوز الحدود المسموح بها في التعامل، أما داخل البيت فتبرز أنوثتها أمام أبويها وإخوتها.
قوة الشخصية والأنوثة عند البنات
فالمرأة تجمع بين قوة الشخصية وبين الأنوثة، على عكس الرجل، فهو خلاف المرأة، يتعامل برجولة داخل البيت وخارجه. فالأنوثة تجذب انتباه واهتمام الرجال، وكلما أظهرت من مواطن أنوثتها كانت أكثر جذبًا للرجال والعكس الصحيح.
المرأة مخلوق رقيق، أقل كلمة تجرحها، وهذا ما يجب أن يأخذه الآباء والأمهات في الاعتبار في تربيتهم لبناتهم، عليهم ألا يسمحوا لأحد من إخوتها الذكور أن يجرحوا أنوثتها بكلمة، وكذلك الوالدين، وهذا ما نلاحظه في تربية البنات خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، أقل كلمة أو تعامل بشيء من القسوة، يجرحهن.
اقرأ أيضًا: 7 نصائح هامة لتربية البنات
قوة الشخصية والعناد
يوجد مَن يخلط بين قوة الشخصية وبين العناد عند المرأة، والحقيقة أنه يوجد فرق شاسع بينهما، فالعناد مدمر للشخصية، وعندما تكبر وتتزوج فإن يحول البيت إلى جحيم، خاصة مع نوعية الرجال الذين يرفضون أن تحاول المرأة فرض كلمتها في البيت أو الجدال مع كل طلب يطلبه منها.
في حين أن قوة الشخصية تعني تحمل المسؤولية داخل البيت أولًا حيث تُدرَّب البنت وهي في سن صغيرة على تحمل بعض المسؤوليات داخل البيت. من الضروري ونحن نربي بناتنا أن نغرس فيهن المرجعية التي يعودون إليها، فلا يكون حكم الناس ونظرتهم أو العرف السائد هو الذي يحكم تصرفاتهم.
هذه النقطة بالتحديد نجدها بوضوح في كثير من الأبناء الذكور والإناث، أنهم تربوا على: ماذا يقول الناس عندما يرونك بهذا المظهر أو هذا الملبس؟ فالأصل أننا نغرس في أبنائنا منذ نعومة أظفارهم مفهوم المراقبة الذاتية والضمير الحي، وتذكُّر أن الله معنا في كل مكان وزمان.
اقرأ أيضًا: أخطاء تربوية يقع فيها الآباء والأمهات.. التدليل الزائد
كلمات المدح والتشجيع
مما يقوي شخصية الابنة داخل البيت، كلمات المدح والتشجيع، فالفتاة بطبيعتها رقيقة تحب الكلام الطيب، والحضن الدافئ، وأن تضع يدك على جبهتها وشعرها وتشعرك بقربها، فكل هذه الأشياء تشعرها بأنوثتها وتقوي شخصيتها وثقتها بنفسها.
فضلًا عن أن تحمل البنات بعض المسؤوليات داخل البيت منذ صغرهن يعلمهن الثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرار الصحيح.
وهنا تحديدًا وفي المجتمعات الريفية بشكل خاص والمدن الصغيرة، نجد أن الفتيات دون العاشرة من عمرهن يمارسن كل أعمال البيت من الطهي إلى الغسيل إلى التنظيف وترتيب البيت حتى الخروج إلى الحقل ومساعدة الوالدين، فينمو لديهن منذ صغرهن تحمُّل المسؤولية والثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرار حتى في غياب الوالدين أيًا كانت الأسباب لوفاة أو طلاق أو سفر أو غيرها.
تربويًا نؤكد أهمية قرب الأب من ابنه، والأم من ابنتها منذ مرحلة الطفولة، فالأم تربي ابنتها على الرعاية الذاتية، والاهتمام بنظافتها الشخصية، حتى إذا ما وصلت مرحلة المراهقة، أمكن لها التعامل مع التغيرات الجسدية التي تمر بها الفتيات في هذه المرحلة دون قلق أو توتر.
اقرأ أيضًا: صفات الشخصية القوية وكيف تكون قوي الشخصية
ما هدف ابنتك في الحياة؟
من علامات قوة الشخصية عند الفتاة أن يكون لها هدف في الحياة تسعى إلى تحقيقه، وعندما نتكلم عن وجود هدف للفتاة في الحياة سواء أكان وظيفيًّا أم ماديًّا أم غير ذلك، فالنجاح أو الفشل ليس له علاقة بذلك، العبرة أن يكون لها هدف تسعى إلى تحقيقه في الحياة.
الجرأة والقدرة على قول كلمة الحق مهما كانت، واحدة من علامات قوة الشخصية عند الفتاة، فإذا رأت سلوكًا غير مقبول في المدرسة، فإنها تخبر به المعلمة أو الأخصائية الاجتماعية، وكذلك في البيت، ولكي تصل الفتاة إلى هذه الدرجة من الشجاعة، على الأبوين أن يغرسا فيها منذ الصغر حرية الرأي والتعبير مهما كانت، وأن يأخذا برأيها في الأمور التي تخص الأسرة والبيت.
ومما يقوي شخصية الفتاة أيضًا أن يركز الوالدان على مواطن القوة لديها، وهذا لن يحدث إلا إذا كان الوالدان يراقبانها من كثب منذ نعومة أظفارها لمعرفة مواهبها وقدراتها وإمكاناتها، فيعملان على تنميتها. فعلى سبيل المثال إذا كانت الفتاة موهوبة في الرسم، نوفر لها الأدوات ونشجعها على الاشتراك في المسابقات، فمثل هذه المسابقات تقوي شخصيتها وثقتها بنفسها.
اقرأ أيضًا: خاطرة «هل وظيفة المرأة تهز أمومتها؟».. خواطر اجتماعية
خلاصة القول.. المرأة يمكنها أن تجمع بين نقيضين، على عكس الرجل، أن تكون جادة وصاحبة شخصية قوية، وأن تكون أنثى حقيقية، بما أودعه الله فيها من صفات تميزها عن غيرها، وكل هذا يأتي بالتربية منذ الصغر، وبالتشجيع المستمر واحترام رأيها وتحميلها بعض المسؤوليات بما يناسب عمرها داخل البيت، فكل ذلك من شأنه أن يقوي شخصيتها ويزيد ثقتها بنفسها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.