هل يشعر الأطفال حديثو الولادة بمن حولهم؟

قد يظن بعض الناس أن الأطفال الصغار -حديثي الولادة- محض دمى صغيرة تسكن البيت، بلا مشاعر أو إحساس بالمحيطين بهم أو تفاعل معهم، فإلى أي مدى هذا الكلام يصح عن الأطفال حديثي الولادة؟

مفعمون بالحيوية والحساسية

الحقيقة التي يدركها كل مَن رُزق بالذرية -نسأل الله أن تكون صالحة- أن الأطفال الصغار يستكشفون البيئة المحيطة بهم منذ اللحظات الأولى للميلاد، وقبل ذلك أيضًا؛ فقد أثبت العلم أن الجنين في شهره الرابع يستطيع سماع الأصوات وتمييزها، حتى إنه يميز صوت الأم عن بقية الأصوات.

لذلك ومنذ لحظة الميلاد، تنشط حواس الطفل الخمس، للحصول على المعلومات عن البيئة المحيطة بكل مكوناتها وعناصرها وتفاعلاتها، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، والطفل كذلك يميل إلى التفاعل مع المحيطين به، وهو ما يتضح في مناغاته للوالدين والإخوة في الأسابيع الأولى من الميلاد، قبل أن تتطور مع الوقت، بالأصوات حتى البكاء الذي في مرحلة ما يعد لغة تواصل بين الطفل والأم التي تعرف من نبرة صوته وبكائه ماذا يحتاج.

هذا يعني أن حاجة الطفل في هذه المرحلة من عمره، ليست فقط جسدية من أجل البقاء حيًّا، ولكنه بحاجة لمن يُشبع احتياجاته العاطفية والاجتماعية أيضًا، وهو ما يظهر بوضوح في سعادة الطفل التي ترتسم على وجهه عندما يلاعبه المقربون.

اقرأ أيضًا: 12 وسيلة للتعامل مع الطفل حديث الولادة

عالم الطفل الصغير

صحيح أن عالم الطفل الصغير يكون محدودًا وبسيطًا في الشهور الأولى من حياته، فهو يقتصر على الأسرة والعائلة والوالدين بنسبة كبيرة، فذاك الرضيع الذي يرتشف اللبن من ثدي أمه، وهذا الصدر الحنون، يمثل له العالم برمته، لذا إذا قامت الحروب، ووقعت الزلازل والبراكين، كل ذلك لا يهم، ما دام أنه في حضن أمه الذي يمثل له العالم كله.

بذلك يتضح التأثير الكبير للأبوين في شخصية طفلهما منذ اللحظات الأولى للميلاد، وخلال سنوات عمره الأولى، تأثير ينقش في شخصيته مدى الحياة. لذلك على كل أب وكل أم أن يدركا أن الحالة المزاجية، طريقة التعبير، نبرة الصوت، درجة القلق والتوتر، الاهتمام والاستجابة لطفلها، كل ذلك له تأثير بالغ في تشكيل شخصية الطفل. يكتسب الطفل من والديه مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين، يتعلم كيف يضبط مشاعره، وكيف يشعر بالثقة والطمأنينة، كل ذلك بواسطة طريقتك وأسلوبك أيها الأب وأيتها الأم.

وما أشبه الطفل بقطعة الإسفنج التي تتشرب كل ما تمتصه، فالطفل يولد ولديه صفات فطرية، لكن لديه الكثير ليتعلمه ويقوله حتى قبل أن يتكلم. فاللغة لدى الطفل استقبالية- كالإسفنجة الجافة التي تمتص كل ما تقدمه لها- وتعبيرية عندما يكتمل لديه جهاز النطق والكلام، فتجده يعبر عما يشعر به بالكلام، وغالبًا ما تكون أول كلمة ينطقها في الشهر التاسع.

اقرأ أيضًا: ما هي مدة الرضاعة الطبيعية لحديثي الولادة؟

السؤال الآن..

ما لغة التواصل المشتركة بين الوالدين والطفل؟

توجد لغة مشتركة تتولد تدريجيًا بين الأم تحديدًا وطفلها منذ اللحظات الأولى للولادة، تتطور تدريجيًّا مع تغير نغمة صوت الطفل لكي تعبر عن احتياجاته المختلفة، فنبرة الصوت هذه تريد أن توصل رسالة للأم بأنه جائع، وتلك لتخبرها أنه يريد تغيير الحفاضة، والثالثة لتخبرها أنه يعاني ألمًا في بطنه، وهكذا.

إذن فالصراخ والبكاء المتقطع وغيرها من التعابير الأخرى التي يظهرها الأطفال حديثو الولادة تعدّ لغة التواصل المشتركة مع الأم خلال الأسابيع الأولى من الولادة، تتطور تدريجيًّا حسب تطور الأصوات والإشارة واللغة لدى الطفل شيئًا فشيئًا.

الحقيقة أنه- بالتوازي مع هذه العلاقة التي تبدأ في التأسيس بين الوالدين من جهة (الأم تحديدًا) وطفلهما- يمكننا ملاحظة تطور الطفل في نواحٍ أخرى، فالابتسامة التي ترتسم على وجهه وفي عينيه تشعرك بالسعادة وكأنك في عالم آخر، أما البكاء والصراخ والغضب، فيصيبك بالانزعاج والقلق والتوتر خوفًا عليه.

في الوقت الذي يزعم بعضهم أن الطبيعة الوراثية للطفل هي المسؤول الأول عن تشكيل شخصيته وسلوكه، يذهب آخرون إلى أن التربية هي المؤثر الأقوى في شخصية الطفل، تتشكل بتفاعله مع البيئة التي يوجد فيها ويتفاعل مع أفرادها.

قبل أن تثبت دراسة دانييل ستيرن وباحثين آخرين في مجال الطفل أن شخصية الطفل تتشكل نتيجة تفاعل ثلاثة أشياء: الصفات الفطرية، وصفات الوالدين، والتجارب التي يمر بها في حياته.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة