هل يدوس الإنسان على الدنيا؟

هذا السؤال يحمل بين طياته تأملات فلسفية أخلاقية للعلاقة الممتدة بين الإنسان والبيئة من حوله؛ لأن الإنسان له حقوق، وعليه واجبات، لذا يجب أن تكون علاقاته متوازنة يحكمها ميزان العدل في قلب الإنسان، لا يجعل شيئًا يغلبه على فعل مضلل، بل يكون ظهيرًا للحق حتى لا يقع في المحذور.

وهنا يأتي الجواب أنه لا يحق للإنسان أن يدوس على الدنيا؛ لأنه لا يعيش في الكون بمفرده، أو أنه صاحب التصرف المنفرد يفعل ما يشاء دون اعتبار لغيره من المخلوقات. فالكون ملك للجميع، للبشر وغير البشر، ولا تدور عجلة الحياة من أجل فرد واحد، هذا منطق منقوص، وتفكير هزيل في التعامل. ويجب ألا يتصرف الإنسان بأنانية وفكر انفرادي يستمتع بكل ما هو مباح وغير مباح مستفيدًا من الفرص والموارد التي توافرت له.

وعندما يدوس الإنسان على الدنيا لن يرى إلا فكره الضيق المظلم الأناني، وبذلك يستغل كل شيء مباح أسوأ استغلال، ويتعامل بمنطق عدم المبالاة. لا بد أن يعي الإنسان أن القسوة تبدو واضحة عند استغلال الحياة استغلالًا غير عادل أو قاسيًّا، مثل استغلال الموارد الطبيعية أو استغلال الآخرين لتحقيق مكاسب شخصية، دون النظر إلى العواقب.

صحيح يحق للإنسان أن يعيش حياته بحرية، وأن يحقق مصالحه الخاصة. في هذا السياق، حينما يدوس على الدنيا فيكون ذلك بحق مشروع، وفي حدود ألا يهمل حقوق غيره من الناس؛ لأن لكل فرد الحق في السعي وراء سعادته ورفاهيته.

بالتأكيد، لا يمكن للإنسان أن يعيش طائشًا تمامًا دون أن يأخذ في حسبانه تبعات أفعاله. في الحياة، يجب على الإنسان أن "يحسب حسابات" مسؤوليته تجاه الآخرين؛ لأن الإنسان ليس كائنًا منعزلًا، بل هو جزء من المجتمع؛ لذلك، عليه التدبر في توابع أفعاله وردود الفعل من جانب الآخرين عليها. عليه التفكير في مسؤوليته تجاه الجيل القادم وليس هو فقط، بل يجب أن يتحمل مسؤولية الحفاظ على البيئة والمجتمع للأجيال القادمة. وهذا يتطلب التفكير في عواقب أفعاله على المدى الطويل.

يجب ألا يعيش الإنسان فقط من أجل نفسه، بل هو موجود لتحقيق هدف أسمى أو لتحقيق التوازن بين حياته الشخصية وإسهامه في الصالح العام، يتطلب الأمر توازنًا بين الاستمتاع بالحياة وبين تحمل المسؤولية.

اقرأ أيضًا: أهمية الفلسفة في جميع نواحي الإنسان

في كثير من الأحيان، قد يجد الإنسان نفسه في صراع داخلي بين رغباته الشخصية وواجباته تجاه الآخرين والبيئة. ويمكن أن يعيش الإنسان حياة ممتلئة بالنجاح الشخصي والسعادة، ولكن ذلك يجب ألا يأتي على حساب الآخرين.

إن هذه الحياة ليست كلها متعة فقط؛ بل توجد فيها تحديات وصعاب يتعين على الإنسان مواجهتها، بما في ذلك المسؤولية عن العواقب التي تترتب على أفعاله.

التحدي الحقيقي يكمن في وجود هذا التوازن بين الاستمتاع بالحياة وبين التصرف المسؤول، فلا يصبح "الدوس على الدنيا" طيشًا أو استغلالًا، بل فرصة للعيش حياة كاملة الجوانب وبإحساس بالمسؤولية تجاه الذات والآخرين.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة