كثيرًا ما تحدث مناوشات بين الأبناء والآباء، وبين الأزواج بسبب ممارسة الأبناء رياضة من الرياضات المفضلة لديهم، خاصة في أوقات الدراسة، بدعوى أن ممارسة الرياضة من شأنها أن تؤثر في التحصيل الدراسي لأبنائهم.
في هذه المقالة نناقش إلى أي مدى يمكن لممارسة الرياضة أن تؤثر في التحصيل الدراسي بالسلب أو الإيجاب.
اقرأ أيضًا: ما فوائد الرياضة على جسم الإنسان؟
لماذا يمارس أطفالنا الرياضة؟
لا يكاد يخلو بيت من الأطفال من اللعب والتنطيط، لدرجة أن الأمهات تضيق ذرعًا من حركة أبنائهم ويحاولون تقييدهم بالتهديد والصوت العالي وأحيانًا الضرب. للأسف هذه النوعية من الأمهات لا تدرك أن الأطفال مخلوقات جميلة أودع الخالق عز وجل داخلهم طاقة وحبًّا للحركة والنشاط، هؤلاء هم الأطفال العاديون الطبيعيون، أما غير ذلك فعلى الوالدين أن يقلقا بشأن طفلهما.
من هنا تبدو أهمية ممارسة الرياضة لأطفالنا في الأقل منذ العام الرابع، حيث يصل الطفل إلى درجة عالية من المهارة في المشي والجري، ولا أقصد هنا ممارسة رياضة بعينها، بل يفضل أن نترك المجال لأطفالنا كي يختاروا الرياضة التي يحبونها، فالطفل حينما يستهويه شيء يبدع فيه.
ممارسة الرياضة إذن فرصة للطفل لكي ينفِّس عن الطاقة التي بداخله، وإلا عاث في البيت حركة ونشاطًا وتنطيطًا، وتسبب في صداع مزمن لكل من في البيت. المشكلة إذن ليست في الأبناء وإنما في عقلية الآباء والأمهات للتعامل مع هذا الكائن الجديد على هذا الكوكب، ومن ثم يسعى بكل حواسه أن يكتشف هذا العالم الجديد، بحواسه كلها.
فضلًا على أن ممارسة الرياضة تخلص الأمهات من حركة الأبناء داخل البيت أو في الأقل تقلِّل منها، فهي أيضًا تحمي الطفل من النزول إلى الشارع والاحتكاك بأقرانه، ومن ثم قد يسمع منهم ألفاظًا بذيئة أو حركات مشينة، ويعتاد على ذلك، ويبكي بكاءً شديدًا عندما يطلب منه الدخول إلى البيت، فيكون تعلقه بالشارع أكثر من البيت، أو النادي الذي يمارس رياضته المحببة فيه.
إذا عددنا إذن فوائد ممارسة الرياضة بالنسبة للأطفال، فإنها كثيرة، يكفي فقط أنها تنفيس عن الطاقة التي بداخله في شيء مفيد وقناة شرعية ورسمية مرغوبة، فضلًا على أنها تحمي الطفل من النزول إلى الشارع ومن ثم مصاحبة أطفال الشارع والتأثر بما يقولونه من ألفاظ بذيئة وحركات نابية، إضافة إلى أن ممارسة الرياضة تنشِّط الدورة الدموية، وتحافظ على رشاقة الطفل، وتحميه من مخاطر السمنة المفرطة.
اقرأ أيضًا: أهمية التمارين الرياضية للصحة النفسية
أي رياضة يمارسها الطفل؟
يفضَّل أن تترك المجال لطفلك لاختيار الرياضة التي يرغب بها، سواء أكانت فردية أم جماعية، أو حتى تمرينات منزلية، إذا كان عمر الطفل دون الرابعة، مع التأكيد على أهمية الإرشاد والتوجيه من قبل الوالدين، كأن يعرِّف الطفل ببعض الرياضات التي تفيده بطريقة غير مباشرة، سواء عن طريق مشاهدة من يمارس هذه الرياضة فعلًا في النادي، أو على الإنترنت، فيتخذه قدوة له في هذه الرياضة.
أنت بذلك تضع طفلك على الطريق الصحيح نحو رياضة تعود بالنفع على صحته وعقله، إلى جانب أهمية مراعاة قدرات وإمكانات الطفل بأن تُجاري الرياضة التي يمارسها.
توجد رياضات فردية وأخرى جماعية، وهنا يلعب ذكاء الوالدين دورًا مهمًّا في توجيه أبنائهم نحو رياضة معينة، فالطفل الخجول الانطوائي الذي يخشى التعامل مع الآخرين، من شأن الرياضة الجماعية أن تقوي عنده هذه النقطة وتعالج مشكلة الخجل الاجتماعي والتعامل مع الآخرين، لأنه شئنا أم أبينا، يجب أن يتعلم الطفل المهارات الاجتماعية للتواصل مع غيره، لأنه بطبعه كائن اجتماعي لا يمكنه العيش بمفرده.
ملاحظة الأبوين لطفلهما منذ الصغر والتعرف على إمكاناته وقدراته، من شأنه أن يساعدهما في توجيهه نحو الرياضة التي يفضلها أو يمارسها مستقبلًا، تمامًا كاختيار المهنة التي تناسب قدراته مستقبلًا، فلا ينشغل الوالدان بحياتهما بعيدًا عن أطفالهما، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة التي تعدُّ الأساس الذي نبني عليه لاحقًا، وفيه تتشكل شخصية الطفل.
اقرأ أيضًا: كيف تختار الرياضة المناسبة لطفلك؟
الرياضة والدراسة
السؤال الذي يشغل بال كثير من الآباء والأمهات، بل ويُشعل كثيرًا من الخلافات داخل الأسرة، خاصة إذا اختلفت وجهات النظر بشأن ممارسة الرياضة خاصة وقت الدراسة، وتأثير ذلك على المذاكرة وكتابة الواجبات.
القول إن ممارسة الرياضة تؤثر في الدراسة، صحيح ولا غبار على ذلك إطلاقًا، لكنه تأثير إيجابي على عكس ما يتوقع كثير من المربين، وكما تقول الحكمة "العقل السليم في الجسم السليم". هذا يعني أن ممارسة الرياضة تفتح ذهن الطفل، وتنشِّط عقله، وتزيد فرص فهمه واستيعابه، وليس العكس.
انظر حولك بين أقاربك، وأصدقائك، ومعارفك، ممَّن تبوأ منصبًا أو مكانة اجتماعية، تجده ممارسًا لإحدى الرياضات، حريصًا عليها حتى بعد تخرجه وزواجه وعمله، دائمًا لديه وقت مخصص لممارسة الرياضة ضمن جدول أعماله.
بل انظر حتى إلى المشاهير في الفنون والآداب والعلوم والتكنولوجيا، واستمع إليه في مقابلة صحفية أو تلفزيونية، يتحدث فيها عن طفولته، وكيف أنه منذ صغره، كان محبًّا للرياضة ممارسًا لها، على الرغم من المشكلات والمشادات التي خاضها مع والديه بسبب ذلك، ظنًّا منهما أن تؤثر بالسلب على دراسته، وفي الحقيقة، أن جزءًا كبيرًا من وصوله لهذه المكانة كان بسبب ممارسته الرياضة، التي كانت بمنزلة طبيب نفسي للتخلص من الضغوطات وتحسين مزاجه ونفسيته من أي كدر يصيبها.
ليس هذا فحسب، بل يمكن للوالدين أن يستخدما الرياضة معززًا إيجابيًّا من شأنه أن يؤثر بالإيجاب على الدراسة ويقوي دافعية الطفل نحو المذاكرة وتحصيل أعلى الدرجات. فالطفل الذي يهوى لعبة كرة القدم، وبل ويفضِّلها عن الأكل والشرب والفُسح حتى، يمكن أن تستخدم ذلك معززًا إيجابيًّا نحو الدراسة والمذاكرة، كأن تقول لطفلك: إذا انتهيت من واجباتك ومذاكرة دروسك سوف نذهب إلى النادي ونلعب سويًا.
أو أن تقول له: إذا حصلت على درجات مرتفعة في نهاية العام الدراسي، سأشترك لك في لعبة كرة القدم بالنادي، لتنمية مهاراتك الرياضية، وهكذا على هذا النحو حتى إذا رغب الوالدان في تعديل بعض السلوكيات الخاطئة لدى الطفل، نحذره إذا صدر منه سلوك معين وتكرر عدة مرات بعد أنواع مختلفة من العقوبات المتدرجة، حتى نصل إلى العقوبة التي من شأنها أن تردعه عن سلوكه غير المرغوب، بأن نهدده بأنه لا ذهاب للنادي لحين تغيير هذا السلوك.
اقرأ أيضًا: تعليم الطفل ركوب الدراجة بخطوات بسيطة
متى تعيق ممارسة الرياضة الدراسة؟
يمكن أن يكون لمخاوف الأمهات معنى، عندما تطغى ممارسة الرياضة على معظم وقت الابن، فتعيقه عن كتابة واجباته أولًا بأول، ويؤجل مذاكرة دروسه حتى تتراكم عليه، ولحل هذه المشكلة يجب وضع جدول للمذاكرة ينظم وقت الابن، على أن يحدد بالجدول كل تفاصيل اليوم، موعد النوم، وموعد الاستيقاظ، الذهاب والعودة من المدرسة، وقت الدروس، وأيضًا وقت اللعب، وفي حال لم يلتزم الابن يُحرم من ممارسة الرياضة المفضلة له.
التوازن إذن مطلوب في حياة الابن، ويتم تعويده عليه منذ نعومة أظفاره، حتى يشب على النظام، وتكون حياته منظمة. من الأشياء التي تؤثر في الدراسة، أن يمارس الابن تمرينات قوية وشديدة، تؤدي إلى شعوره بالتعب والإرهاق، وبمجرد وصوله البيت، يشعر بحاجته الماسة إلى النوم.
لذلك يجب التأكيد على أهمية التخطيط الجيد وإدارة الوقت على نحو فعال، من أجل تحقيق التوازن المنشود بين ممارسة الرياضة التي يحبها طفلك، وبين دراسته.
أشهر ما قيل في ممارسة الرياضة
- الرياضة ليست مجرد نشاط بدني، بل هي أسلوب حياة.
- الرياضة هي الطريق إلى الصحة والعمر الطويل.
- الرياضة ليست عن الفوز أو الخسارة، بل عن المشاركة.
- كلما زادت مقاومتك في التدريب، زادت قوتك في المنافسة.
- أفضل وقت للبدء في ممارسة الرياضة كان قبل 10 سنوات. ثاني أفضل وقت هو الآن.
- الرياضة هي أفضل دواء للحفاظ على الجسم والعقل في حالة ممتازة.
- الرياضة ليست عن كونك الأفضل، بل عن كونك أفضل من كنت عليه بالأمس.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.