حاول الباحثون في مجال الاتصال والاعلام تفسير الاتصال المواجهي المباشر بين الأفراد وأيضا الاتصال عبر وسائل الإعلام من خلال أكثر من نموذج للاتصال، ومن بين هذه النماذج كان النموذج الخاص بالباحث ولبر شرام والذي استند على العناصر الرئيسية لعملية الاتصال والتي تمثلت في " المصدر، وأسلوب التعبير، والمستقبل، والاستجابة".
واعتبر ولبر شرام في نموذجه أن المصدر هو صاحب الفكرة، والمستقبل هو الشخص الذي يتلقى الرسالة الإعلامية، وأخيرًا تأتي الاستجابة وهي هدف الرسالة الإعلامية التي تم بثها من خلال وسيلة اتصال جماهيري.
وارتكز الباحث هنا على نماذج سابقة قام بها زميله شانون وزميله ويفر، حول معدل الاستجابة للرسالة الإعلامية والتشويش الذي تتعرض له تلك الرسالة أثناء نقلها للمستقبل، ولكن شرام لم يكتفي فقط بهذا الحد، بل أضاف على تلك الرسالة النواحي الوظيفية التي تحتاجها عملية الاتصال لكي تحقق أهدافها وتصل الرسالة للمستقبل، وظهر في نموذج شرام الخبرات المشتركة المؤثرة في وصول الرسالة للمستقبلين.
وبعد شارل جاء الباحث ويلز، الذي أن اتصال أفراد المجتمع ناتج عن تطور التاريخ الإنساني، معتبرًا أن ذلك التطور ضرورة بشرية يحتاجها الإنسان، معتبرًا أن عملية الاتصال بشكل عام مرت على عدة مراحل أثناء تطورها وهي "الكلام، والكتابة، الوصول لآلات الطبع، الإذاعة، الاتصال الإلكتروني" وفي المرحلة الأخيرة تجلت قدرة الإنسان على الاتصال لكي يتخطى جميع الحدود عن طريق البث الإذاعي والتلفزيوني، حتى جاء عصر الإنترت الذي زاد من احتياج الإنسان لعملية الاتصال.
يمكننا هنا أن نتوصل إلى أن جميع نظريات الاتصال ارتكزت على مفهوم ضرورة أن تشتمل عملية الاتصال على مجموعة من العناصر، هي "المرسل أو صاحب الفكرة، أسلوب مناسب تحتاجه الفكرة لكي تصل إلى أفراد المجتمع، والوسيلة المناسبة لإيصال تلك الفكرة للمستقبل
كما استندت نظرية مولس أيضا إلى النظرية النقدية التي تركز هذه النظرية للباحث هور كايمر على إعطاء الأولويات لتحليل الحيز المجتمعي الذي تتم فيه عملية الاتصال، ويرى باحثون أن تلك النظرية تأثرت بالفكر الماركسي، لأنها تتعمد على البحث النظري بدون التطرق للمسائل الموضوعية.
مثلها مثل جميع نظريات الاتصال، واجهت نظرية مولس انتقاادات وإشكاليات عدة من وجهة نظر المختصين والباحثين في مجال الإعلام والاتصال الجماهيري، وأبرز هذه الانتقادات تمثل في ضعف قدرة نظرية مولس على توضيح ماهية العلاقة بين المستقبلين ووسائل الاتصال الجماهيري، وذلك يعود إلى التباين بين المستوى التعليمي والقدرات الفردية للمستقبلين، وكذلك اختلاف ظروفهم الاقتصادية والتعليمية، وأغفلت نظرية مولس وضع تصنيفات للمستقبلين كتمهيد للتأثير فيهم مستقبلًا.
ومن عيوب نظرية مولس أنها اعتمدت على الجانب الثقافي فقط في التأثير في معتقدات وميول الأفراد، ولكن لم تشير من قريب أو بعيد إلى معايير لهذا الجانب، ما قد يدفع بعض وسائل الاتصال تقديم محتوى غير ملائلم لثقافات المجتمع.
وأغفلت نظرية مولس التطور الهائل الذي تشهده وسائل الاتصال في وقتنا هذا، واقتصرت على التركيز على نشر الثقافات من العلماء والأدباء والباحثين إلى عموم أفراد المجتمع، ولم تراعي هل وسائل الاتصال قادرة على نشر هذه الثقافة أم لا؟
وهناك من يعتقد أن نظرية مولس لم توفر الشروط والمعايير المطلوبة في أي نظرية اتصال، حيث لم يتم فيها وصف ظاهرة انتشار ثقافات غير ملائمة للمجتمع بين أفراده، ولم تضع حلولًا للتحكم في نشر هذه الثقافات
وعلى الرغم من أن نظرية مولس تذهب للقول بأن وفي نفس الوقت فإن هذه النظرية تذهب للقول بأن وسائل الإعلام ليست قوية تماما بمفردها، ولكنها تستمد قوتها المفترضة أنها تملكها وتؤثر بها في المجتمع من النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في المجتمع الذي تعمل فيه، لأن هذه النظم، سواء من ناحية السياسة وطبيعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، هي التي توفر الموارد البشرية والمالية التي تعتمد عليها وسائل الإعلام في عملها وفي استمرارها بتأدية الدور المطلوب منها للمجتمع، إلا أنه يؤخذ على هذه النظرية أنها تعكس سمة سلبية للعناصر المشاركة في عملية الاتصال وتجعل النظرية النقدية هذه العناصر مجرد متغيرات تابعة لا تساهم في التأثير وتكتفي فقط بالتأثير السلبي.
كما يؤخذ على هذه النظرية ايضا أنها تهتم في نفس الوقت بالحفاظ على النظام القائم الذي تعمل وسائل الإعلام في إطاره أكثر من اهتمامها بإحداث التغيير، كما أن الأشخاص مختلفين تمامًا عن بعضهم البعض في الناحية الاجتماعية والنفسية، وبالتالي سوف يختلفون في ناحية استجابتهم للمنبهات التي يتعرضون لها. وفي نفس الوقت فإن اختيار الفرد بناء على تقديره سوف يجعله يختار الموضوعات ويفسرها وفقًا لرؤيته وبنائه المعرفي فقط. كما تتجاهل هذه النظرية أنه تتفاوت حدود تأثير وسائل الإعلام وقوتها بتأثير تلك العوامل التي تعمل على ضغط القوى الاجتماعية والنفسية للفرد.
كما هذه النظرية غير قادرة على الصمود في وجه التحديات الإعلامية الجديدة وظهور أشكال الإعلام الحديث. وفي نفس الوقت يؤخذ على هذه النظرية أنها لا تأخذ في اعتبارها أنه لم يعد هناك مقدرة على حجب المعلومة بسبب تكنولوجيا الاتصال الحديثة التي تمتاز بالشبكية واللامركزية، وأنه لم يعد هناك مقدرة على الاحتكار المطلق للمعلومة والخبر. كما أنه في نفس الوقت يؤخذ على هذه النظرية أنها تبالغ في نظرتها للفروق الفردية وتأثير هذه الفروق الفردية على تأثير الرسالة الإعلامية على المتلقي. وفي نفس الوقت هذه النظرية تجعل ثقافة المتلقي وإطاره المعرفي والدلالي هو المتحكم في طبيعة الاتصال واتجاهه وتأثيره، وذلك دون الأخذ في الاعتبار المهارات التي قد تكون لدى القائم في الاتصال وقدرته على بناء رسالة اتصال ناجحة ومؤثرة في الجمهور المستهدف.
أما أكثر ما يؤخذ على هذه النظرية أنها لا تناسب المجتمعات في العالم الثالث وخاصة المجتمعات التي تقوم على نظام حكم عشائري أو قبلي أو غير متعدد الخيارات السياسية ، وذلك لأن النظرية أيضا نشأت في الغرب، وفي أمريكا بالذات فهي متأثرة بالجو الليبرالي أو مناخ الحرية السائد هناك، وهو ما يمكن تطبيقه في مجتمعات أخرى. كما يؤخذ على هذه النظرية أيضا أنها تقوم على الفلسفة التي تحكم عمل الإعلام في الغرب تقوم على الكسب المادي دون أي ضابط أخلاقي، ولذلك فلا يمكن أن نؤكد أن التعرض الاختياري لوسائل الإعلام سوف يكون متاحا بشكل انتقائي أو اختياري لأفراد الجمهور في كل الحالات.
وفي الوقت فإن وصف النظرية شديد التبسيط ويؤدي لحجب الحقيقة التي تقول أن عدم المساواة الاجتماعية أساس الفجوة. كما أنه في كثير من الأحيان قد يمتلك الأشخاص الذين ينتمون المستوى الاجتماعي المنخفض معلومات ومهارات أكثر من الآخرين. و تكمن المشكلة في فرضية النظرية نفسها والتي تعتمد على من يمتلك أو يستحوذ على المعرفة
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.