عزيزي القارئ تناولنا في المقالات الثلاثة السابقة عدداً من الأمثلة الواقعية في حياة الإنسان، والتي توضّح وتفسّر بشكل مبسط، مفهوم "حياة العبودية"..
وفي هذا المقال سنتناقش في أحد الأمثلة، حتى تدرك إذا كان لديك أيّ شكل من أشكال العبودية في حياتك..
إصدار الأحكام على الآخرين..
عزيزي القارئ، في حين أنه من الطبيعيّ في حياة الجميع هو الاندماج والانخراط في المجتمع؛ ممّا ينتج عن ذلك تواجد العديد من العلاقات في حياة الفرد على هيئة أصدقاء وزملاء العمل، والجيران وشريك الحياة وهكذا...
وفي الحاضر الذي نعيش الآن، أصبح الأمر أكثر اتساعاً وتطوراً من السّابق..
حيث مواقع التواصل الاجتماعيّ، والذي من خلاله يستطيع الإنسان تكوين الصداقات من خلف الشاشات والهواتف، ومشاركة الاهتمامات، والتجارب، ووجهات النظر، والمناسبات الشخصية، وما إلى ذلك...
اقرأ من هنا: هل تعيش حياة العبودية (الجزء الثالث)
على الرّغم من أن الانفتاح على مختلف الثقافات حول العالم وبين الشعوب يُعدّ أمراً غاية في الإيجابية، ويشكّل هذا توسعاً في مدارك الإنسان ويبقيه أكثر متعة، إلّا أن هناك جانباً سلبياً وخطيراً حين أصبح كل شيء أكثر وضوحاً بين الناس..
حيث هناك من يشارك أخباره يوماً بيوم، ومناسباته الشخصية، وأحداث يومه، وحتى ما يتناوله من طعام..
كل هذا أعطى مساحة كبيرة للأشخاص أن يتدخلوا في حياة بعضهم البعض بشكل مبالغ فيه، وكسر الحدود فيما بينهم؛ ممّا أدّى إلى أن عدداً كبيراً من الناس يجلسون على كراسي إطلاق الأحكام على حياة الشخص الآخر..
يتَّهموه بما لم يفعل ويكوّنون أفكاراً عن حياته على تفاصيل ضعيفة جداً، ويهاجمون وجهات نظره فيما يكتب ويتحدث دون وجه حق.
لذلك للأسف الشديد بعد التطوّر الهائل في التكنولوجيا ، وتداول أخبار الجميع في كل لحظة على مدار اليوم جعل معظم الناس أسرى وعبيداً للذّة الشعور في الحكم على الآخرين فيما يفعلون!
هذا السلوك والعادة السيئة، كفيلٌ بأن تدمر حياة الإنسان الذي يصدر الأحكام..
لأنه بهذا الشكل أفرغ يده من حياته وشؤونه الخاصّة، وذاته، وعمله، وحاضره، ومستقبله، وجلس متفرغاً للتفكير في حياة شخص آخر وأين أخطأ؟ وأين أصاب؟ ولماذا فعل هذا ولمَ لا..
وهكذا تتوالى السلسلة من الانشغال بحياة الآخرين..
لا يا عزيزي كلا، أنت لم تُخلق لهذا، بل أنك خلقت لتبني حياتك، وترتقي بها وتطورها وتحسّن من سلوكك وتفكيرك وهكذا، دعك من أخبار الآخرين وأمر حياتهم؛ لأن هذا لن يفيدك على الإطلاق وانظر لحياتك أنت فقط فهذا ما يعنيك.
عزيزي القارئ إلى هنا ينتهي مقال اليوم، ونلتقي بالمقال القادم من سلسلة "هل تعيش حياة العبودية".
اقرأ من هنا: هل تعاني من ضعف الذاكرة؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.