عزيزي القارئ..
في هذا المقال سأصطحبك في رحلة ممتعة داخل أعماق وسراديب ذاتك وعقلك الباطن بما يحويه من ملفات كبيرة مخزنة في الداخل منذ نعومة أظفارك وحتى هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذا المقال.
موضوع اليوم عن العبودية، فإنك ربما عندما تقع عينك على كلمة العبودية ستتذكر على الفور العبادة المتعارف عليها منذ الصغر، والتي هي عبادة الله سبحانه وتعالى وقضاء الفروض الدينية.
اقرأ أيضًا: متلازمة عبادة المشاهير في علم النفس.. من هبل قريش حتى عصرنا الحالي
ولكن مع الأسف يا عزيزي ليس هذا هو المقصود هنا، لأن هناك عبادات أخرى يفعلها الإنسان دون وعي وإدراك منه.
هل هذا صادم بالنسبة إليك؟
حسناً.. سأبدأ الآن في صميم الموضوع، ولن أطيل أكثر من ذلك.
الذي ربما لا تعرفه يا عزيزي أن هناك شيئاً يُطلق عليه العبودية أو التعلق غير السوي.
فالعبودية هنا تعني عدم الاتزان في مشاعرك وفقدان القدرة على التحكم بذاتك تجاه أمرٍ ما في حياتك، وربطه بمشاعر المنافسة أو الخوف من الفقدان أو حتى من عدم الحصول على الشيء، وأنك ربما تجعل هذا الشيء هو مصدرك الأساس للحصول على السعادة، وإذا كان هذا الشيء غير متوفر فإذن أنت غير سعيد وهكذا.
والآن.. سأطرح عليك مثالاً حتى يسهل عليك إدراك ما أعنيه بين السطور.
المال
فالمال هو نعمة عظيمة وُهبت لنا من الله عز وجل، وهو أحد المصادر الأساسية للحياة والعيش، وهو أيضاً شكل من أشكال الوفرة التي نلبي من خلالها احتياجاتنا ورغباتنا.
فمن منا لا يحب المال يا عزيزي؟
اقرأ أيضًا: من العبودية إلى الحرية
ومن لا يرغب في أن يكون لديه مال وفير بشكل دائم حيث يطور من خلاله مستوى معيشته وحياته الاجتماعية ومستقبله على مختلف الأصعدة وإن تنوعت الأهداف؟
ولكن هناك فخ كبير يقع فيه معظم الناس للأسف، وهو حب وعبادة المال بشكل غير واعٍ.
بمعنى أن هناك فرق شاسع بين هدف التطور المالي والانتقال إلى الوفرة والثراء، ولكن هذا هدف من ضمن أهداف متعددة بالنسبة إليك، وتسعى إليه بشكل متوازن.
وفي نفس الوقت أنت مستمتع باللحظة التي تعيشها في حاضرك وتشعر بالرضا الداخلي عن واقعك الحالي على الرغم من رغبتك في التغيير والارتقاء إلى الأفضل، وأن حياتك غير متوقفة حتى بلوغ هذا الهدف.
وعلى النقيض أن يكون هذا الهدف هو محور حياتك وتفكيرك وشغلك الشاغل طول الوقت، وأن تكون سعادتك متوقفة على حدوث الهدف الذي ترجو، وأن تكون طوال الوقت غير مدرك لما تملكه من النعم العديدة التي بإمكانك أن تحقق من خلالها السعادة لامتنانك لها واستغلالها.
وما يزيد هذا الأمر سوءاً أن تكون سعادتك مرتبطة ومرهونة بحدوث هذا الهدف، وبالتالي تبدأ هنا مخاوفك من عدم بلوغك هذا الهدف.
اقرأ أيضًا: إذا كنت تائها اقرأها..
للأسف يا عزيزي..
أنت هنا أصبحت عبداً وأسيراً لهدفك، ومتعلقاً به بشكل غير متزن حيث إنك فقدت ذاتك دون وعي منك وقدرتَك على الاستمتاع بالنعم المتاحة لك في حياتك الحاضرة التي من المفترض أن تعيشها.
لذلك يا عزيزي عليك أن تبحث وتفتش داخل ذاتك وعقلك ما السبب الذي كوِّن عندك تلك المعتقدات الفكرية السامة والمدمرة، وجعلك أسيراً وعبداً مملوكاً لهدفك؟
حين تتصل بحقيقة ذاتك، وتتجرد من تلك الأفكار الوهمية سيدخل النور إلى نفق عقلك وستدرك كم كنت مخطئاً وأضعت على نفسك لذة استمتاعك بحياتك الحاضرة.
عزيزي القارئ..
إلى هنا نختتم الجزء الأول من سلسلة (هل تعيش حياة العبودية)، ونلتقي بالجزء الثاني.
اقرأ أيضًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.