تساقط الشعر مشكلة شائعة تؤرِّق كثيرين من مختلف الأعمار والأجناس؛ ففي عالم مملوء بالضغوط اليومية، يعاني بعض من الأشخاص من تراجع كثافة شعرهم أو فقدانه تدريجيًّا. لكن هل تساقط الشعر دائمًا يعني مشكلة صحية؟ أم أن هناك أسبابًا طبيعية وراءه؟
في هذا المقال، سنأخذك في رحلة لفهم ظاهرة تساقط الشعر، ونكشف لك عن الأسباب المتنوعة التي قد تكون وراءه، إضافة إلى الأعراض التي قد ترافقه وكيفية التفريق بين أنواعه المختلفة.
تعرَّف معنا على هذا الموضوع المعقَّد الذي يمس جمالنا وصحتنا، واستعد لاكتشاف الأسباب الحقيقية وراء تساقط الشعر وسبل التعامل معه.
ما يجب أن تعرفه: كمية تساقط الشعر الطبيعية تختلف من شخص لآخر، ولكن بوجه عام، يُعدُّ تساقط نحو 50 إلى 100 شعرة يوميًّا أمرًا طبيعيًّا.
اقرأ أيضًا: طرق التخلص من الشعر الزائد.. تعرف الآن
ما دورة نمو الشعر؟
مراحل نمو الشعر تنقسم إلى ثلاث مراحل رئيسة، وهي:
1- المرحلة النَّمو:
- المدة: تستمر من 2 إلى 7 سنوات، ويمكن أن تكون أطول أو أقصر حسب الشخص.
- الوصف: هي المرحلة التي ينمو فيها الشعر على نحو نشط. خلالها، ينمو الشعر بمعدل ثابت يتراوح بين 1 إلى 2 سنتيمتر شهريًّا. في هذه المرحلة، يتكون معظم الشعر في الرأس، فيمثِّل نحو 85-90% من إجمالي الشعر.
- التأثير: إذا كانت هذه المرحلة أطول، ينمو الشعر مدة أطول، وهو ما يسهم في زيادة طوله.
2- المرحلة الانتقالية:
- المدة: تستمر من 2 إلى 3 أسابيع.
- الوصف: هذه المرحلة تُعدُّ انتقالية، ويتوقَّف نمو الشعر ويتقلَّص الجذر داخل البصيلة. الشعر في هذه المرحلة يثبت في مكانه ولكنه لا ينمو. هذه المرحلة تمثل نحو 1-2% من الشعر في فروة الرأس.
- التأثير: في نهاية هذه المرحلة، يبدأ الشعر في التحرك من بصيلته استعدادًا للمرحلة التالية.
3- مرحلة الراحة:
- المدة: تستمر من 3 إلى 4 أشهر.
- الوصف: في هذه المرحلة، يتوقَّف الشعر عن النمو تمامًا ولكنه يبقى في مكانه. في نهاية هذه المرحلة، يبدأ الشعر في السقوط ليحلَّ محلَّه شعر جديد. تُمثِّل هذه المرحلة نحو 10-15% من الشعر في الرأس.
- التأثير: عند انتهاء هذه المرحلة، يتساقط الشعر القديم ليبدأ نمو شعر جديد في نفس البصيلة.
اقرأ أيضًا: تعرف على أسباب تساقط الشعر وطرق علاجه
ما هو تساقط الشعر؟
هو فقدان الشعر من فروة الرأس أو أجزاء أخرى من الجسم على نحو يفوق المعدل الطبيعي. يحدث عندما لا يتم استبدال الشعر المتساقط بشعر جديد، ما يؤدي إلى ترقُّق الشعر أو ظهور مناطق خالية من الشعر.
ما أنواع تساقط الشعر؟
تساقط الشعر يمكن أن يظهر بعدة أنواع مختلفة، بناءً على الأسباب والعوامل المسببة له. من أبرز أنواع تساقط الشعر:
1- الصلع الوراثي (الأنثوي والذكري):
- الصلع الذكوري: هو النوع الأكثر شيوعًا لدى الرجال، ويتميز بتساقط الشعر التدريجي في منطقة الجبهة وأعلى الرأس، ويؤدي في النهاية إلى الصلع.
- الصلع الأنثوي: يحدث أيضًا بسبب الوراثة، لكنه يظهر بشكل مختلف في النساء، حيث يبدأ بتساقط الشعر من الجزء العلوي للرأس مع الحفاظ على خط الشعر الأمامي.
2- التساقط الكثيف (تساقط الشعر غير المنتظم):
- التساقط المفاجئ: يحدث بسبب التوتر النفسي أو الإجهاد البدني المفاجئ (مثل مرض خطير أو صدمة نفسية). يؤدي إلى تساقط كمية كبيرة من الشعر فجأة، لكنه عادة ما يكون مؤقتًا.
- تساقط الشعر بسبب الحمل أو الولادة: يمكن أن يؤدي الحمل إلى تغيُّر مستويات الهرمونات، ما يسبب تساقطًا مؤقتًا للشعر بعد الولادة.
3- تساقط الشعر الموضعي (البقعي):
- الثعلبة البقعية: هو نوع من تساقط الشعر الناتج عن اضطراب في الجهاز المناعي، حيث يهاجم الجسم بصيلات الشعر عن طريق الخطأ، ما يؤدي إلى ظهور بقع صلعاء في أماكن معينة من فروة الرأس أو الجسم.
4- التساقط الناتج عن نقص التغذية أو الصحة العامة:
- نقص الفيتامينات والمعادن: مثل نقص الحديد أو الزنك أو البروتينات، الذي يمكن أن يؤدي إلى تساقط الشعر.
- نقص الهرمونات: مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو التغيرات الهرمونية المرتبطة بانقطاع الطمث أو الحمل.
5- التساقط الناتج عن العلاجات الطبية:
- التساقط بسبب العلاج الكيميائي: يتسبب العلاج الكيميائي في تساقط الشعر مؤقتًا بسبب تأثيره على بصيلات الشعر.
6- التساقط بسبب الاستخدام المفرط للمنتجات أو الأساليب الضارة:
- تساقط الشعر الناتج عن التصفيف القاسي: مثل التسريحات الضيقة أو استخدام المنتجات الكيميائية الضارة مثل الصبغات والمثبتات.
7- التساقط بسبب التهاب أو عدوى:
- التساقط الناتج عن التهاب فروة الرأس: مثل التهاب الجريبات أو فطريات فروة الرأس، وهو ما يسبب تساقط الشعر في المناطق المصابة.
اقرأ أيضًا: كيف نتخلص من الشعر الزائد بفعالية؟ وما الأدوات المستخدمة؟
ما مدى شيوع تساقط الشعر؟
-
شيوع تساقط الشعر عالميًّا:
يُعدُّ تساقط الشعر من الحالات الشائعة في جميع أنحاء العالم، حيث يُصاب به نحو 50% من الرجال بحلول سن الخمسين. أما بالنسبة للنساء، فيُقدَّر أن حوالي 40% منهن يعانين تساقط الشعر لأسباب وراثية أو هرمونية. -
شيوع تساقط الشعر في الوطن العربي:
في الوطن العربي، يُعدُّ تساقط الشعر من المشكلات الشائعة أيضًا، حيث تُشير الدراسات إلى أن حوالي 60-70% من الرجال يعانون من تساقط الشعر تدريجيًّا بسبب العوامل الوراثية، وأن نسبة النساء اللواتي يعانين هذه المشكلة قد تصل إلى 30-40%، لا سيما في مرحلة انقطاع الطمث أو بسبب العوامل النفسية.
ما أسباب تساقط الشعر؟
تساقط الشعر يمكن أن يحدث بسبب مجموعة من الأسباب المتنوعة. من أبرز الأسباب:
1- العوامل الوراثية:
يُعدُّ الصلع الوراثي أو تساقط الشعر الوراثي من أكثر الأسباب شيوعًا لتساقط الشعر. في هذا النوع، يتأثر الشعر بالتغيرات الجينية المرتبطة بالعمر والهرمونات، وهو ما يؤدي إلى تساقط تدريجي في مناطق معينة من فروة الرأس.
2- التغيرات الهرمونية:
- الحمل والولادة: تغيُّرات الهرمونات في أثناء الحمل قد تؤدي إلى تساقط الشعر بعد الولادة. هذه الحالة تُسمى "تساقط الشعر بعد الحمل".
- انقطاع الطمث: مع التقدُّم في العمر، تتغير مستويات الهرمونات في جسم النساء، وهو ما يسبب تساقط الشعر، لا سيما بعد انقطاع الطمث.
- مشاكل الغدة الدرقية: اضطراب الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية يمكن أن يسبب تساقط الشعر.
3- الإجهاد النفسي والبدني:
التوتر الشديد أو الصدمات النفسية يمكن أن يؤدي إلى نوع من تساقط الشعر يسمى "التساقط المفاجئ"، حيث يتساقط الشعر فجأة وبكمية أكبر من المعتاد.
4- النقص في التغذية:
نقص بعض الفيتامينات والمعادن مثل الحديد، الزنك، أو فيتامين د يمكن أن يؤدي إلى تساقط الشعر. نقص البروتينات في النظام الغذائي أيضًا قد يكون له تأثير سلبي على صحة الشعر.
5- الأدوية والعلاجات الطبية:
بعض الأدوية مثل العلاج الكيميائي، أدوية الضغط، الأدوية المضادة للاكتئاب، أو أدوية علاج حب الشباب قد تتسبب في تساقط الشعر كأثر جانبي.
8- الأمراض والاضطرابات الصحية:
- أمراض المناعة الذاتية: مثل الثعلبة، حيث يهاجم جهاز المناعة بصيلات الشعر.
- أمراض الغدة الدرقية، السكري، فقر الدم، أو التهاب فروة الرأس يمكن أن تؤدي إلى تساقط الشعر.
9- العوامل البيئية:
- التعرض المستمر لأشعة الشمس المباشرة، التلوث، أو المواد الكيميائية في مستحضرات التجميل قد يُضعِف الشعر ويؤدي إلى تساقطه.
- التصفيف القاسي والمنتجات الضارة: استخدام تسريحات شعر ضيقة (مثل الضفائر أو ذيل الحصان) أو المواد الكيميائية مثل الصبغات ومثبتات الشعر والمستحضرات التي تحتوي على مواد قاسية قد تتسبب في تساقط الشعر.
10- الشيخوخة:
مع التقدُّم في العمر، يتباطأ نمو الشعر ويقل سمكه؛ ما قد يؤدي إلى ترقُّقه وتساقطه.
ما أعراض تساقط الشعر؟
أعراض تساقط الشعر تشمل عدة علامات قد تظهر تدريجيًّا أو فجأة، وهذه بعض الأعراض الشائعة:
1- زيادة كمية الشعر المتساقط:
- تساقط الشعر على نحو أكبر من المعتاد (أكثر من 100 شعرة يوميًا)، سواء في أثناء غسل الشعر، تمشيطه، أو حتى عند لمس الشعر.
- وجود كميات من الشعر على الوسادة بعد النوم أو على الأرضية بعد الاستحمام.
- تراجع خط الشعر (نموذجي للصلع الذكوري).
- تساقط الشعر في جميع أنحاء الرأس (نموذجي لتساقط الشعر الأنثوي).
2- ترقق الشعر:
- ملاحظة أن الشعر أصبح أرق أو أقل كثافة، لا سيما في مناطق معينة مثل الجزء العلوي أو الجانبي من فروة الرأس.
- قد يظهر الشعر في مناطق معينة أقل كثافة مع مرور الوقت.
3- ظهور بقع صلعاء:
- ظهور بقع خالية من الشعر في مناطق معينة، لا سيما في حالات مثل الثعلبة، فقد تظهر بقع دائرية أو بيضاوية من الصلع المفاجئ.
4- الشعر الضعيف والهش:
- يصبح الشعر أكثر هشاشة، ويكسر بسهولة في أثناء التمشيط أو التصفيف، حتى دون الضغط أو العوامل الخارجية.
5- تساقط الشعر المفاجئ:
- تساقط الشعر على نحو مفاجئ وملحوظ بعد التوتر النفسي أو الصدمات، أو بعد مرض حاد؛ ما يؤدي إلى تساقط الشعر بكميات كبيرة.
6- حكة أو التهاب في فروة الرأس:
- في حالات تساقط الشعر المرتبط بمشكلات في فروة الرأس مثل التهاب الجريبات أو الفطريات، قد يشعر الشخص بحكة أو التهاب في الجلد في نفس المنطقة التي يحدث فيها التساقط.
7- التساقط عند لمس الشعر:
- قد يُلاحظ الشخص تساقط الشعر عند تمرير اليد بلطف على فروة الرأس أو عند تمشيط الشعر.
ما مضاعفات تساقط الشعر؟
تساقط الشعر يمكن أن يسبب مجموعة من المضاعفات التي تؤثر في الصحة النفسية والجسدية، لا سيما إذا كان شديدًا أو مستمرًا. من أبرز هذه المضاعفات:
1. التأثير النفسي والعاطفي:
- الاكتئاب والقلق: يُعدُّ تساقط الشعر من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى مشكلات نفسية، فيشعر عدد من الأشخاص بالحرج وفقدان الثقة بالنفس؛ ما قد يسبب اضطرابات مثل الاكتئاب أو القلق.
- انخفاض تقدير الذات: الأشخاص الذين يعانون تساقط الشعر قد يواجهون مشكلات في التعامل مع مظهرهم؛ ما يؤثر سلبًا في تقديرهم لذاتهم.
- الشعور بالإحراج الاجتماعي: قد يؤدي تساقط الشعر إلى شعور الشخص بالإحراج في المناسبات الاجتماعية أو في العمل؛ ما قد يؤدي إلى تجنب التفاعلات الاجتماعية.
2. مشكلات في فروة الرأس:
- تهيج فروة الرأس: في حالات معينة من تساقط الشعر، مثل التساقط الناتج عن التهابات أو أمراض جلدية (مثل التهاب الجريبات أو الأكزيما)، قد يتسبب ذلك في تهيج وحكة في فروة الرأس.
- ظهور قشرة أو تقرحات: بعض أنواع تساقط الشعر مثل الثعلبة أو التساقط الناتج عن الالتهابات يمكن أن يؤدي إلى ظهور قشرة أو تقرحات في مناطق التساقط.
3. تفشي الأمراض الجلدية:
- بعض أنواع تساقط الشعر، مثل الثعلبة أو التساقط بسبب العدوى الفطرية، قد تزيد من خطر إصابة فروة الرأس بالأمراض الجلدية الأخرى أو العدوى.
4. زيادة تساقط الشعر في المستقبل:
- إذا لم يتم علاج تساقط الشعر مبكرًا، قد يؤدي ذلك إلى تساقط أكبر في المستقبل؛ ما يتسبب في فقدان الشعر الدائم أو تكوين مناطق صلعاء كبيرة في فروة الرأس.
5. مشكلات اجتماعية وعلاقية:
- قد يؤثر تساقط الشعر على العلاقات الاجتماعية، لا سيما في المجتمعات التي تعطي مظهر الشعر أهمية كبيرة؛ ما يسبب مشاعر سلبية تجاه الذات وقد يؤثر في العلاقات الشخصية.
6. تأثيرات على العمل:
- بالنسبة للبعض، قد يؤدي تساقط الشعر إلى الابتعاد عن العمل أو الشعور بالانزعاج في أثناء التعامل مع الزملاء والعملاء، لا سيما في المهن التي تتطلب مظهرًا مرتبًا أو أنيقًا.
وبعد أن استعرضنا معًا أسباب تساقط الشعر وأنواعه المختلفة، نجد أن فهمنا لهذه الظاهرة يُعدُّ الخطوة الأولى نحو التعامل معها بذكاء. لكن، كيف يمكننا التحقق من السبب الحقيقي وراء تساقط شعرنا؟ وما السبل الفعَّالة لتشخيص المشكلة بدقة؟ وكيف يمكننا الوقاية من هذه الظاهرة وعلاجها بأفضل الوسائل الممكنة؟
في الجزء الثاني من هذا المقال، سنغوص في عالم التشخيص والعلاج، حيث نقدم لك الإجابات الشافية والنصائح الفعَّالة للتصدي لهذه المشكلة. فلا تفوت فرصة اكتشاف الحلول التي قد تعيد لشعرك صحته وحيويته.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.