الرهاب الاجتماعي.. هل تعاني الارتباك عند التحدث للآخرين؟

بعض الأشخاص يشعرون بالخوف والرعب من مجرد التحدث إلى الآخرين، لا سيما إذا كانوا غرباء، وآخرون يشعرون بالقلق والتوتر عندما يكون في مناسبة اجتماعية، وقد يسبق ذلك المناسبة بأيام. ليس هذا فحسب، بل يشعر بأن ضربات قلبه تجري وراء بعضها، ويشعر بضيق في التنفس، ويحمر وجهه، وترتعش يداه، ويصاب بالارتباك حتى إنه قد ينسى الكلمة التي أعدها لهذه المناسبة. وإذا سألته عن حالته، قد يجيبك قائلًا: "إذا حدث وتكلمت، فصوتي لا يكاد يسمعه إلا من هم في الصفوف الأولى، حتى بتُّ أهرب من الأماكن التي بها تجمعات، وهو ما تسبب في ضياع فرص عدة".

كل هذه الأعراض التي أشرنا إليها في هذه المقدمة هي من أعراض اضطراب الرهاب الاجتماعي التي سنتعرف عليها في هذه المقالة، إضافة إلى الأسباب المؤدية للإصابة به.

ماذا يعني الرهاب الاجتماعي؟

الرهاب الاجتماعي أحد اضطرابات القلق التي يعانيها بعض الناس، وهو أحد أكثر الاضطرابات شيوعًا، إذ يحتل المرتبة الثالثة ضمن قائمة الاضطرابات النفسية الشائعة. وفقًا للدليل الإحصائي الرابع الصادر عن رابطة الطب النفسي الأمريكية، فإن الرهاب الاجتماعي هو حالة من الخوف الواضح من المواقف الاجتماعية التي يمكن أن تظهر فيها علامات الارتباك على الشخص.

حاولت نظريات عدة تفسير هذا الاضطراب، ففي الوقت الذي ذهب فيه العالم سيجموند فرويد إلى أن الرهاب ليس ظاهرة نفسية بالأساس، وإنما هو مظهر لحالة توتر تستثار عضويًّا، يفترض فرويد أن المشاعر الجنسية اللاشعورية المكبوتة ومشاعر العدوانية التي تُمنع من التفريغ تتحول عضويًّا إلى قلق.

أما النظرية السلوكية فتفترض أن المخاوف المرضية يُكتسَب بعمليات الإشراط التقليدي، ويكون الحفاظ على استمراريتها عن طريق الإشراط الإجرائي. هنا يفترض السلوكيون أن الرهاب الاجتماعي يحدث إذا مر الفرد بموقف اجتماعي مؤلم، بحيث إذا ما واجه مستقبلًا موقفًا مشابهًا، فإن هذا الموقف الجديد سوف يستثير استجابة القلق التي حدثت في موقف سابق.

الرهاب الاجتماعي

هل التحدث مع الآخرين يسبب التوتر؟

من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالقلق والتوتر عند التحدث إلى أشخاص آخرين، لا سيما إذا كانوا غرباء، أو لا تربطنا بهم روابط أو معرفة. غير أنه إذا تطور الأمر إلى درجة الخشية من التحدث بالكلية إلى الناس وتجنب المناسبات الاجتماعية، فإن هذا الشخص يعاني القلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي.

أسباب الرهاب الاجتماعي

توجد أسباب تؤدي للرهاب الاجتماعي، نذكر منها:

تقليد الآباء القلقين والرهاب الاجتماعي

الإصابة بالرهاب الاجتماعي تكون نتيجة عوامل مكتسبة من البيئة المحيطة بالشخص المصاب أكثر منها عوامل وراثية؛ ما يعني أن إصابة أحد الوالدين بالرهاب الاجتماعي وتجنب الناس يعني أن الابن أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.

وقد يكون ذلك من باب تقليد أحد الإخوة أو الأقارب أو أفراد العائلة، حتى إن بعض الأمهات تصاب بالقلق الشديد إذا تأخر الطفل لبضع دقائق خارج البيت، وترفض أن يلعب مع أصدقائه في الشارع، أو أن يخرج مع أصدقائه في رحلة ما.

طرق التربية الخاطئة وعلاقتها بالرهاب الاجتماعي

طرق التربية الخاطئة من الأسباب المؤدية للإصابة بالرهاب الاجتماعي، مثل التربية القاسية التي تجعل الطفل حتى عندما يكبر يشعر بالخوف من أصحاب السلطة، سواء الأب في البيت، أو المعلم في المدرسة وغيرهم.

في المقابل، فإن أسلوب الحماية الزائدة أو التدليل الزائد من شأنه أن يخرج طفلًا مصابًا بالرهاب الاجتماعي. فالأب والأم هنا، وكما نقول بالعامية المصرية: "يخافون على طفلهم من الهوا الطاير". هنا الطفل لا يواجه مواقف صعبة، لأنه ببساطة الوالدان لا يتركانه لكي يخوض هذه التجربة، بل يخوضانها عوضًا عنه.

هذه النوعية من الأبناء تنشأ فاقدة القدرة على المواجهة وحل المشكلات التي تعترضها، ويخشون مواجهة المواقف الصعبة، خوفًا من الانهزام أمامها.

من بين أساليب التربية الخاطئة:

  • النقد واللوم والتوبيخ، فالطفل هنا يخشى المحاولة والخطأ خشية التعرض للنقد من الوالدين.
  • تخويف الطفل بخرافات لا أساس لها، كأمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة وغيرهم.
  • التحكم الزائد، وهو من أساليب التربية الخاطئة التي من شأنها أن تفقد الطفل ثقته بنفسه، ويخشَى مواجهة العالم الخارجي.

كل ذلك يجعل الطفل انطوائيًّا، يخشى التواصل والتفاعل مع الآخرين، فينشأ فاقدًا لمهارات التواصل الاجتماعي.

المرور بصدمات نفسية

المرور بصدمات نفسية من أسباب الإصابة بالرهاب الاجتماعي؛ كوفاة أحد الوالدين أو المقربين منه، ما يجعله يشعر دائمًا بالخوف والقلق من فقد الأحبة، ثم إن مشاهدة الخلافات بين الوالدين من شأنها أن تجعله يخشى التفاعلات الاجتماعية، ويفضل الوحدة والانعزال عن العالم الخارجي، حتى إن بعض الأبناء قد يعرضون عن الزواج عندما يكبرون؛ لكي لا يمروا بتجربة الخلافات والمشادات بين والديهم.

التجارب السلبية التي مر بها الشخص

التجارب السلبية التي مر بها الشخص تُعد من الأسباب المؤدية للرهاب الاجتماعي، فالطفل الذي تعرض للضرب أمام الناس من شخص ما، تتولد لديه مشاعر القلق والخوف من كل الناس؛ بسبب تجربته السابقة. عندما يتعرض الشخص للنقد والتوبيخ والسخرية، يشعر بالضعف وعدم القدرة على مواجهة المواقف المختلفة؛ لأنه يخشى في كل وقت أن يتعرض للنقد أو السخرية أو الاستهزاء.

ضعف الثقة بالنفس

ضعف الثقة بالنفس يعني أن الشخص يتجاهل نقاط قوته وتميزه، ويركز على الجوانب السلبية في شخصيته، فيرى نفسه ضعيفًا وأقل من غيره دائمًا، وبذلك يهرب من التعامل مع الناس في المواقف الاجتماعية المختلفة في محاولة لتجنب الشعور بالحرج أو الخوف من التقييم السلبي.

العوامل الوراثية والإصابة بالرهاب الاجتماعي

العوامل الوراثية تُعد سببًا رئيسًا للإصابة بالرهاب الاجتماعي؛ لذلك غالبًا ما ينتشر هذا الاضطراب في العائلة الواحدة. وهذه العوامل تكون مهيئة للاضطراب؛ بمعنى أنها لا تتسبب في الاضطراب إلا إذا كانت توجد عوامل مساعدة أخرى، مثل المرور بصدمة نفسية معينة.

وأنتم، أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم بالتعليقات أسفل هذه المقالة في أسباب الإصابة بالرهاب الاجتماعي وأبرز المواقف التي تعرضتم لها في هذا السياق.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مقال رااااااائع جدًا، أتمنى تكتب مقال عن أساليب ووسائل العلاج الذاتي من الرهاب الإجتماعي.
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة