أحدثكم عن تجربة، فقد تركت السوشيال ميديا فى آخر عام 2021م حتى الآن. ما الذي خسرته؟ وما الذي اكتسبته؟
لمعرفة هذا نعود قليلًا إلى الوراء، إلى ما قبل 2021م.
لماذا تستخدم السوشيال ميديا؟
قبل نهاية عام 2021 كنت أستخدم السوشيال ميديا استخدامًا مفرطًا، لا يمر يوم، بل أحيانًا لا تمر ساعة إلا وأنا أستخدمها تلقائيًّا.
أفتح هاتفي ولا أدري لماذا؟ أدخل فيسبوك ثم واتساب ومن تطبيق لتطبيق بلا هدف ولا أدري لماذا؟ ليس لديَّ سبب واضح.
فجأة أجد نفسي قضيت ساعات من الأسكرول أقرأ منشور هذا الشخص، وأرى صورة هذه الفتاة وأشاهد هذا الفيديو والفيديو الذي يليه ويليه ويليه، وأنا حقيقة لا يهمني هذا الشخص ولا هذه الفتاة ولا حتى استفدت من أي فيديو شاهدته.
إذًا لماذا أنا هنا؟ لماذا أفعل هذا؟ سؤال لم أجد له إجابة سوى أني أفعل هذا تلقائيًّا.
أستيقظ من النوم وهاتفي بجانبي على السرير أمسكه وأنطلق في رحلة من الأسكرول ومن تطبيق لتطبيق، ومن منشور لمنشور، ومن صورة لصورة، ومن حالة لحالة ثم فجأة تصيبني الدهشة من الساعات التي قضيتها دون شعور مني. يا الله.. عمري يضيع هنا ماذا أفعل؟ أريد النجاح لا الفشل؟
وحينئذ بدأت أسئلة أخرى تدور في عقلي، وفي جلسة مع النفس حاولت الإجابة عنها. وأظن أن هذه الأسئلة ستفيدك أيضًا.
ما الذي أستفيده من السوشيال ميديا؟ ما الذي أستفيده من قراءة منشورات هؤلاء؟ ومن مشاهدة صورهم وفيديوهاتهم؟ أمسكت بالورقة والقلم وبدأت التفكير.
إذا كانت فكاهية، فهي لا تضرني ولا تنفعني ولكنها تضيع وقتي، وضياع وقتي يضرني ولا ينفعني؛ لأني أستطيع قضاء هذا الوقت في تحسين حياتي على المستوى التعليمي أو الاجتماعي وغيره. إذًا تضرني فى النهاية.
وإذا كانت تعبر عن نجاحهم وحياتهم الجميلة، فبدون وعي مني نجاحهم يُشعرني بفشلي، وشعور الفشل يجرني إلى طريق اليأس وفقدان الثقة في ذاتي، وفي شعوري بالنقص، وغيرها من المشاعر السلبية التي وبلا شك تفسد لي يومي ومزاجي كاملًا.
دوامة من المشاعر المتناقضة
ويصبح لديَّ مشكلة أكبر وهي كيف أتخلص من هذه المشاعر؟ وكيف أخرج من هذه الحالة؟ سلسلة من الأفكار السلبية التي لا تنتهي. إذًا، وبلا شك، بوستاتهم وصورهم الجميلة وفيديوهاتهم تضرني ولا تنفعني.
وأما إذا كانت تعبر عن مشكلاتهم وحياتهم البائسة وحزنهم، فهي تفسد لي يومي؛ لأنها تجعلني أرى الحياة سوداء، كلها مشكلات، الناس جميعًا مؤذية، الكل يحاول النجاح ويفشل، لا أحد يحب لك الخير حتى أقرب الناس لك.
بعد رؤية هذا الكم من السلبية حتى إن كنت مستيقظة بحالة مزاجية جيدة، وأمل في الحياة، فهذا النوع من المنشورات والصور والمشاهد الدامية تقضي عليها في غمضة عين. إذًا حتى مشكلاتهم وحزنهم وفشلهم يضرني ولا ينفعني.
حسنًا، لماذا أستخدم السوشيال ميديا؟ ما الذي سأخسره إن تخليت عنها؟ لا شيء، لن أخسر شيئًا حقيقة.
وهنا علمت أن السوشيال ميديا تسيطر عليَّ، هي المتحكمة ولست أنا. وهنا اتخذت القرار بقفل هذا الباب وأُصبح أنا المسيطرة. قُفل باب السوشيال ميديا نهائيًّا في شهر 11 عام 2021م.
أما الحياة بعيدًا عن السوشيال ميديا فهي تجربة أخرى سأتحدث عنها في مقال آخر؛ لمعرفة ميزات الابتعاد عن السوشيال ميديا وعيوبها.
والآن، حان دورك للجلوس مع نفسك والحديث معها للإجابة عن هذا السؤال: "هل تسيطر على السوشيال ميديا أم هي التي تسيطر عليك؟".
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.