هل القسوة صفة مكتسبة أم نتيجة الظروف التي يمر بها الفرد؟

لقد ذكر الله تعالى في كتابه صفة من أشد الصفات سلبية، وهي غلظة القلب، فقال: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} سورة آل عمران 159، فبها يبتعد الآخرون عمن يتصف بهذه الصفة، وعليه فإن غلظة القلب هي مصطلح يُعبر عن القسوة أو الشدة في الطباع والأفعال.

وقد أُطلق على الذي يتصف بهذه الصفة "صاحب الشخصية القاسية"، وهي الشخصية التي تتصف بالشدة والصلابة والغلظة في السلوك والقسوة في ردود الأفعال المعنوية وربما الجسدية أيضًا.

ومع دراسة حالات لأفراد كانوا يعانون وجود هذه الصفة، أي القسوة، التي بها على سبيل المثال أصبحوا مجرمين في نظر المجتمع، أوردت كثيرًا من التساؤلات عن سبب وجود هذه الصفة: هل نشوؤها نتيجة المرور بظروف قاسية أم أنها مكتسبة؟

وجاءت أغلب الإجابات أن ما يمر به الفرد من تجارب وظروف قاسية قد يجعله قاسيًا، أو نتيجة الوراثة من أحد الوالدين، وبوجه خاص أن الطفل يتذكر كيف يعامل والده أمه، وعليه يكتسب كل الصفات الإيجابية منها والسلبية، وتنمو معه حتى يصبح رجلًا.

صفات الشخصية القاسية

وقد تعدَّدت الصفات التي ذكرتها البحوث النفسية عن صفات الشخصية القاسية:

إن أول ما يخطر على بالنا عندما نقول عن شخص ما إنه قاسٍ، هو ورود رسالة مفادها أنه قاسي القلب، وعليه فإن قسوة القلب والغلظة في التعامل تكون غالبة في أثناء التعامل مع الآخرين، وبوجه خاص الزوجة مثلًا أو الأولاد أو حتى الوالدين، هؤلاء يحتاجون الرأفة واللطف في التعامل؛ باختصار القسوة مع من لا يستحقونها.

إن صاحب هذه الشخصية تغيب لديه مشاعر التعاطف والحنان والمودة، ويستمتع بممارسة القسوة والشدة مع المحيطين به، فتكون بالإهانة اللفظية والسخرية والتلاعب بالمشاعر، وهذا ما يجعله شخصًا سلبيًّا ويتسبب في ابتعاد الآخرين عنه.

الميل إلى استخدام العنف والتهديد، وبوجه خاص في الخصومات التي يشعر فيها أنه مستهدف بها، وفي حال أراد عقاب أحدهم، يكون العقاب شديدًا.

يتبع صاحب هذه الشخصية أسلوب الإكراه والكذب من أجل تحقيق أهدافه ومصالحه، وتكون مشاعر الثأر والانتقام غالبة على تفكيره في حال تسبب أحد في إيذائه.

مهما تنوعت صفات صاحب الشخصية القاسية، فإن التعامل معه يكون مضبوطًا في الأقوال والأفعال، وقد تطرقت الدراسات إلى عدد من النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار.

كيفية التعامل مع الشخصية القاسية

إن التعامل مع صاحب هذه الشخصية يكون بضبط الأعصاب والمحافظة على الهدوء وعدم الانفعال، إضافة إلى ذلك يجب أن يكون المستمع لهذا النوع من الشخصيات قادرًا على الإصغاء بطريقة جيدة، وأن يكون قادرًا على اتباع نفس أسلوب الشخص القاسي بالأفكار والمعلومات التي يستخدمها في أثناء تعامله مع الآخرين، مع تجنب الجدال وتقديم وجهات النظر بأسلوب واضح وصريح وبطريقة محترمة أيضًا، حتى تصل له رسالة مفادها أنه حينما يُعامل الآخرون باحترام، فإن ذلك ينعكس على تعاملهم أيضًا.

التعامل مع الشخص القاسي

مهما اتخذنا من احتياطيات في التعامل مع الشخصية القاسية، قد لا تكون النتائج السلبية في أثناء التعامل معها متوقعة، وقد ينعكس تأثيرها على الفرد نفسه وعلى المجتمع، بناءً على ذلك اقتُرحت نقاط عدة يجب اتباعها على المستوى الفردي والمجتمعي:

  • الاتجاه إلى بناء مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل على إشراك الآخرين في تحمل مسؤولياتهم، والتفكير في الحاضر والمستقبل، والتركيز على زرع روح العمل الجماعي، والتدريب على الحوار وآلياته للوصول إلى النتيجة المرغوبة.
  • اتباع النهج العادل في التعامل مع كل فئات المجتمع، فتلغى المحسوبيات والواسطات، والعمل على أخذ حقوق الناس من الآخرين الذين أساؤوا لهم، ونيلهم العقاب العادل.
  • العمل على إنشاء مؤسسات أو وسائل ترفيهية لكل الفئات العمرية، كلٌ حسب مستواه وعمره، وأيًّا كان نوع الوسيلة الترفيهية، فهي تسهم في إزاحة الهموم والأحزان عن النفوس والتخلص من الطاقة السلبية.
  • العمل على نشر ثقافة التسامح والعفو وإشاعة استخدام الكلمة الطيبة في الخطابات الدينية والمحاضرات النفسية، والسعي إلى زرع الخصال والأخلاق الفاضلة بين الناس.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مرحبا من جديد، دمتي متفوقة ومتآلقة، ودمتم بخير وسلام وسعادة.
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

اشكرك على دعمك وتشجيعك لي صديقتي الغالية منى
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

الشخصية القاسية نعم كل هذه النقاط مفهومة ومستوعبة ولكن لم يتطرق النصارى نوع اخر من المعاملة فهناك من الاشخاص ذووا الصفة القاسية من تكون نواياهم نوايا خير وغالبا ما تكون القسوة نابعة من قلب رؤوف يتطلع الى الايجابية وتصحيح ما يراه خاطيا وقد يصعب غالبا تفهمه وتقدير نواياه
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

كلامك صحيح صديقتي ... الشخصيات مختلفة ولا احد يعرف مافي القلب ولو كان الشخص قاسياً الا الله ... اشكرك على تعليقك الجميل وكلماتك التي تنم عن شخص مميز بالتفكير وابداء الرأي
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

رائع جدا اتفق معك وبشدة ،بالتوفيق الدائم بإذن الله
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.