كثيرًا ما نواجه شخصين ذكرًا وأنثى يسيران جنبًا إلى جنب وكل منهما متعلق بذراع الآخر، منسجمين في حديث يتخلله بعض الابتسامات والضحكات، وبالتدقيق في وجهيهما يظهر الفرق الشاسع بينهما جمالًا ووسامةً وسنًّا، ولو خالطـتهما لشعرت بالفرق بينهما ثقافةً.
وقد تجد فروقًا اقتصادية أو اجتماعية بينهما، فيسأل الإنسان نفسه: هل هما زوجان أم متحابان؟ قد يكونان زملاء في العمل، ربما، المهم هل يحبان بعضهما بصدق وإخلاص؟
اقرأ أيضاً رأي الناس والمجتمع في زواج الصالونات
الحب بعد الزواج
قد تجد شخصًا -تشعر أنه وسيم ومهذب ومثقف، ويحمل شهادة جامعية ويحتل مركزًا وظيفيًا واجتماعيًّا محترمًا، حسن المعشر والمجاملة- تزوج من امرأة لا يحسده عليها أحد، وليس هذا فقط، بل حوّلت حياته إلى وضع لا يطاق، وكلما اختلى بنفسه تساءل:
- هل كل الأسر تعيش وضعنا؟
وذات مرة قال:
- سأجرب إذا كان بإمكاني أن أجد فتاة مختلفة عن زوجتي..
فوجد فتيات جميلات أصغر منه ومن زوجته سنًا، مهذبات ويحملن شهادات جامعية ومن مستوى اجتماعي واقتصادي راقٍ، وكلهن بدت عليهن علامات الرضا والقبول به زوجًا.
- إذن، لماذا تزوجتها وكنت أعرف مسبقًا أنني سأتعب معها؟ وليس هذا فقط، لقد جن جنوني عندما تقدم أحد لخطبتها وكنا متفقين على الزواج، هل كذبت عليّ؟ إنها ستكذب حتمًا لو سألتها، ما العمل؟ وهل يوجد حل بعد إنجاب الأطفال، إنها غلطة العمر، سأظل أبكي على شبابي حتى أموت، تذكرت الدكتورة غادة، سأذهب لزيارتها، لقد اشتقت إلى حديثها الجذاب..
اقرأ أيضاً زواج التجربة.. الفرصة الأخيرة لإنقاذ الحياة الزوجية
قصة زواج الدكتورة غادة
بعد السلام والتحية وكلام المجاملة طلب من الدكتورة غادة -وكانت على أبواب الخمسين من عمرها- أن تفشي له سرًا من أسرار حياتها، وذلك حين طرح عليها هذا السؤال:
- لم ولداك صغيرا العمر، فهما لم يتجاوزا السابعة بعد؟
لقد كانت الدكتورة غادة جميلة، بل في منتهى الجمال، وتحمل شهادة في الطب، ومن أسرة ذات مستوًى عالٍ اجتماعيًا واقتصاديًا.
- أخشى أن تكون حياتك الأسرية تشبه حياتي.
هكذا بادرها بالكلام، وهو يركز بالصورة التي أمامه في غرفة الجلوس، تغير لون وجه الدكتورة، وبعد أن فكرت مليًا، وهمَّت بالكلام بعد أن اغرورقت عيناها بالدموع، فاعتذر منها لأنه اعتدى على قدسية خصوصيتها.
- أبدًا، أبدًا، إنها العادات الخاطئة في مجتمعنا.
وسادت لحظة صمت عندما أمسكت بمنديل لتمسح عينيها وأنفها، ثم استأنفت الكلام.
- البنت منا وأسَرنا ترسم في خيالها صورة الرجل الذي سيشاركها حياتها، فيجب أن يكون منتميًا إلى طبقة أعلى من طبقتها اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا، وذا مركز تُحسد عليه البنت بعد الزواج، وأن يكون وسيمًا ولبقًا وقوي الشخصية.
لكن الصورة الخيالية شيء والواقع شيء آخر، وأنا في العشرينيات من عمري رفضتُ الطبيب والمهندس ورجل الأعمال وذوي المناصب المتوسطة، وأنا في الثلاثينيات تمنيت أن يطلب يدي واحدٌ ممن رفضتهم، وعندما وصلت إلى أوائل الأربعينيات تقدم لي زوجي الحالي، لم نكن نعرف عنه شيئًا سوى ما يقوله، وكان في بداية الخمسينيات من عمره، كان متوسط الحال من كل النواحي.
وهذان الولدان اللذان في الصورة أمامك رزقناهما بإجراء عملية أطفال انابيب، فأنا كنت قد تجاوزت سن الحمل والإنجاب، والشيء الوحيد الذي جعلني أقبل به أنه يحمل شهادة دكتوراة في الاقتصاد، لم أكن أعلم علم اليقين إن كان متزوجًا أم لا قبل زواجي به.
هو غريب عن بلادي، والرجال من مجتمعنا يأخذون من بناتهم ويرفضون تزويج رجالهم إلا ما ندر، الواحد منا في مجتمعنا يريد شريكه أن يكون نسخة طبق الأصل عنه، أو من طبقة أعلى، وهذا خطأ اجتماعي فادح، صحيح أن تقارب الطبقات والبيئات مهم للتفاهم والحياة الزوجية السعيدة، لكننا لا نجد دائمَا شريك الحياة المضمون، فارْضَ بنصيبك وتعايش معه.
همّ أن يسألها أنه لو تقدم لها شخص متوسط الحال وهو أصغر منها سنًا بعشر سنوات وقبل أن تتزوج زوجها الحالي عندما كانت في سن الأربعين هل كانت ستقبل به؟ لكنه آثر عدم سؤالها حتى لا يبكيها مرة ثانية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.