هل الآلة راحة أم استراحة؟

منذ قديم الأزل، تعلم الإنسان أن يستخدم عقله وقواه البدنية لقضاء حاجاته الأساسية وإنجاز أعماله المختلفة، فتعلَّم الصيد وصناعة السهام التي تصيب الحيوان فيسهل حمله، وتعلَّم قطع الأخشاب ليستخدم النار للتدفئة ولطهي الطعام.

اقرأ أيضاً كيف تؤثر التكنولوجيا على الطبيعة البشرية ؟

القوة البدنية لبناة الأهرام

وجدير بالذكر حضارتنا المصرية القديمة، بناة الأهرام، فالمصري القديم يمتاز بالقوة البدنية؛ فهو من قطع الأحجار ونقلها وبنى الأهرام. وجدير بالذكر أيضًا أن في تلك العصور القديمة كان عمر الإنسان أطول وصحته أفضل، وكان يداوي أمراضه ببعض الأعشاب والنباتات!

اختراع الآلة

وبمرور الوقت، استخدم الإنسان عقله أكثر فأكثر ليمنح جسده استراحة، فاخترع الآلات؛ آلة تسمح له بالسفر بدلًا من الجِمال؛ وآلة تطهو له الطعام بدلًا من الأخشاب، وآلة تحمل عنه مواد البناء، وآلة تسمح له بالاتصال بالآخرين.

ومع مرور العقود والقرون، اختلفت حياة الإنسان اليومية ونشاطاته تمامًا، وبدلًا من أن تكون الآلة استراحة قصيرة للإنسان تقوم عنه بنشاط ما فتوفِّر له الوقت والجهد؛ أصبحت راحة من الحياة ومن النشاط ومن اللياقة البدنية.

اقرأ أيضاً التكنولوجيا الخارقة.. الدخول إلى العالم الجديد

تبادل الأدوار

أصبح الإنسان هو الآلة وأصبحت الآلة هي الإنسان، فأصبحت هي تبرمجه حين يجلس أمام شاشاتها معظم ساعات يومه، بما تعرضه له سواء من أمور سلبية أو إيجابية، أمور تنفعه أو تضرّه، فأصبحت هي المسيطرة عليه حين أساء استخدامها.

يُذكرني ذلك بأحد الأفلام الكرتونية التي صوَّرت أن الآلة كان هدفها تدمير كوكب الأرض، وأصبحت تتحكم بإنسان بدين يجلس على كرسي لا يتحرك من فوقه، وفي يده مجموعة من الريموتات تحضر له الطعام والشراب. لذلك، بمرور الوقت أيضًا ظهرت الأمراض المعقدة التي لا يمكن علاجها بنبات بسيط ولا حتى بالأدوية الحديثة التي اخترعت عبر السنوات، وسمعنا مؤخرًا عن أخبار وفاة شباب وشابات في العقدين الثاني والثالث من العمر، والسبب هبوط مفاجئ في الدورة الدموية.

وقبل استخدام الآلة الحاسبة، كان الإنسان يجري جميع العمليات الحسابية بواسطة عقله. أما الآن، فأصبح الناس يستخدمون الآلة الحاسبة في حساب ناتج (1+1)! كان قديمًا الهواء نقيًّا والبيئة نظيفة، لكن بعد اختراع الآلات الصناعية، أصبحت المخلفات تهدد الماء والهواء، وظاهرة التغير المناخي تُهدد العالم كله!

كيف نحسن استخدام الآلات والاختراعات؟

إذن، اخترع العلماء الآلات ليأخذ الإنسان استراحة قصيرة عقليًّا وبدنيًّا ليشحن طاقته فيما يفيد العالم، لكن سوء استخدام الآلة جعل الإنسان مقيدًا بها فأعطى عقله وبدنه إجازة وأصيب بالكسل.

الآلة في حد ذاتها ليست عبئًا ولها مميزاتها في توفير الوقت والجهد، لكن سوء استخدامها هو الآفة. فيجب الحرص، عزيزي القارئ، على ألا تضيع وقتك على شاشات التواصل الاجتماعي، أو أن تتخلى عن ممارسة الرياضة وتكون السيارة هي وسيلة تنقلك من شارع لآخر.

وعزيزي العامل، يجب الحرص على ألا تلوث مخلفات مصنعك بيئتك التي تعيش فيها، ويا عزيزي الطالب، الآلة الحاسبة هي عامل مساعد وليست بديلًا لعقلك.