هل استحقت الأديبة المشهورة مي زيادة تلك النهاية المأساوية؟

حينما حاولت مي زيادة العودة لمصر منعها أقاربها واتهموها بالجنون، وبالاتفاق مع أحد الأطباء، وضعت في مستشفى الأمراض العقلية للحجر على أموالها.

وبين جدران مستشفى العصفورية عاشت تجربة مرعبة، وكان لا بد من إنقاذ فراشة الأدب من الموت.

 في هذا المقال عزيزي المشاهد نخلع الغموض عن وقائع وأسرار الأديبة المعروفة مي زيادة، فأهلًا بك على جوك، حيث المعرفة متعة.

اقرأ أيضًا: هل كان حب المرأة، معركة بين الرافعي والعقاد؟

مي زيادة.. نادرة الدهر وحيلة الزمان

فتاة جميلة وكاتبة موهوبة ومحاورة ذكية، هكذا عرفها نجوم الأدب والمجتمع بعد استقرارها في مصر، فتركيبتها المدهشة جمعت بين حياء المرأة العربية وثقافة المرأة الغربية، وكان صالونها الثقافي الشهير يضم ألمع الأسماء في العالم العربي، فأطلق عليها الشعراء والكتاب أميرة النهضة الشرقية ونادرة الدهر وحيلة الزمان.

لكن النهاية كانت أشبه بالكابوس، فانطفأت أضواء الشهرة سريعًا وتخلى عنها الأصدقاء والأحبة، واستولى ابن عمها على ثروتها، لتدخل في دوامة من الألم النفسي والجسدي، وانتهى الأمر بنجمة المجتمع ومثقفة مصر الأولى بين الغبار والرطوبة، في مسكن متواضع في أحد أحياء القاهرة، فكيف وصلت مي زيادة إلى هذا الحال؟

ربما كانت مي فتاة مدللة، فحظيت بالاهتمام والرعاية من جميع أفراد عائلتها، خاصة بعد وفاة أخيها لتصبح فتاة الأسرة الوحيدة، واستطاعت مي أن تثبت أحقيتها بهذا الاهتمام العائلي، بعد أن أتقنت الفتاة الصغيرة 9 لغات على رأسها الفرنسية، والتي كتبت بها أول دواوينها.

وانطلقت تكتب المقالات في الصحف والمجلات وهي في الـ16 من عمرها، ومع الوقت ذاعت شهرتها داخل وخارج الوطن العربي، فتلقت العروض من الصحف الكبرى من أجل الانضمام إليها، وبخطوات ثابتة أصبحت زيادة أديبة كبيرة يسعى لصداقتها كبار الأدباء، وعلى رأسهم أمير الشعراء أحمد شوقي، وعميد الأدب العربي طه حسين.

لكن حياتها العاطفية كانت أكثر اشتعالًا وغموضًا في الوقت نفسه، وكانت قصة حبها أغرب من الخيال.. فمن لا يحب مي زيادة؟

اقرأ أيضًا: تحليل قصيدة في رثاء مي .. لـ عباس محمود العقاد

من لا يحب مي زيادة؟

عنوان تنطوي تحته عشرات القصص عن الكتاب والمشاهير الذين عشقوا فراشة الأدب وهاموا بها حبًّا، فالعقاد لا يخفي حبه ولا غيرته عليها، ويعترف بأنها ألهمته روايته الشهيرة سارة، وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم يتنافسان في كتابة الحب والغرام لها في كل مناسبة، وسلامة موسى تفضحه نظراته وحركاته كطفل صغير، وأنطون الجميل يعشقها سرًّا حتى ينكشف الأمر للجميع.

ومع ذلك فقد خالفت الفتاة الغريبة كل التوقعات، وصوبت قلبها نحو أمريكا، وتعلقت برجل لم تره طوال حياتها.. إنه الشاعر اللبناني المهاجر جبران خليل جبران.

فعلى مدار 20 عامًا كانت الرسائل تجمع بينهما في علاقة بدأت بالإعجاب وتطورت للحب الشديد، وأثارت غيرة العشاق والمحبين، حتى وفاة جبران عام 1931.

فبعد وفاة والدها، ووفاة حبيبها وانقطاع الرسائل منه، توفيت والدتها أيضًا، لتدخل مي في حالة من الحزن العميق، وعاشت سنوات سيئة، لكنها لم تعرف أبدًا أن الأسوأ كان في انتظارها.

اقرأ أيضًا: خاطرة "ميّ زيادة".. خواطر أدبية

الأديبة التي فقدت عقلها.. وحياتها

فبعد أن وصلت إلى لبنان لقضاء بعض الوقت مع عائلتها، تزعَّم ابن عمها جوزيف خطة شيطانية تستهدف الاستيلاء على ثروتها، فاتهمها بالجنون وأدخلها مستشفى العصفورية للأمراض العقلية، وبدأت الصحف تتحدث عن الأديبة التي فقدت عقلها.

وهناك في غرفة المستشفى الباردة، كانت مي تنتظر أصدقاءها وعشاقها من الأدباء والنبلاء للتدخل وإنقاذها من الجحيم، لكن الجميع التزم الصمت وتركوها وحدها للموت والجنون، وبعد أسابيع من المعاناة جاءت المساعدة.

فالأديب اللبناني أمين الريحاني استطاع إخراجها من المستشفى بعد جهد كبير، لكن مي زيادة التي يعرفها الناس لم تعد أبدًا، وصارت الفراشة أقرب لامرأة عجوز، ضعيفة البدن، شاحبة الوجه، محطمة الفؤاد.

وبين برد الوحدة وبرد المسكن المتواضع، عاشت الأديبة آخر أيامها في القاهرة، تعكف على الكتابة والتدخين، وتعاني الربو والفصام، حتى توفيت عام 1941.

فهل استحقت مي زيادة ما عاشته؟ وهل كانت مخطئة في طريقة عيشها حياتها بأسلوبها وطريقتها الخاصة؟

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

القصه مؤلمة ولكن هناك جانب فى حياتها يكتنفه الغموض
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة
بقلم عادل فاروق أحمد