يسألونك دائماً هل أنت بخير يا صاحبي؟
فتجيب أنت: نعم، أنا على أفضل حال الحمد لله.
ولكن هل أنت كذلك حقاً؟
أم أنك مجرّد شخص يعطي الطمأنينة للعابرين ويبتسم حين يتحدّث مع الآخرين فيقولون هو بخير لكنني أخاف أن تكون عكس ذلك يا صديقي.
فلا أحد يرى نظراتك الشاردة، ومشاعرك الذابلة، وروحك المتعبة، وبخار قلبك المكسور...
هل أنت بخير يا صاحبي؟
هل أنت كذلك حقاً؟
أم أن هناك صوت في داخلك مثلي؟
كلما حاولت إسكاته أسكتك نعم أنا أيضاً حاولت دفنه واكنانه في داخلي، لكنها باتت رنينا في أذني وطنينا في رأسي..
توقف أيها الصوات اللعين !!
لم يتوقف لقد نال مني وباتت تلك الأصوات وحشاً مكنوناً في أعماقي المظلمة..
جلست أحاول الوصول إلى أعماقي كل مرّة أشعر بالقلق..
كنت أهرب من ضجيج العالم إلى عتمة تفكيري، حيث لا أحد هناك لا ضوء، ولا صراخ، إلّا أنا وذلك الوحش..
كنت خائفة منه حتى قرّرت استدعاءه إلى غرفتي بكثير من الخوف والتردد وشيء من الشجاعة، استدعيته فتشتت كل المخاوف المكنونة في داخلي، وحل ضوء خافت في أعماقي.
فأصبحت لا أبالي لأي شيء حولي وقلت له لا أمانع أن تشاركني غرفتي..
يوماً بعد يوم أصبح ذلك الصوت مألوفاً بالنسبة لي حتى أصبحت أهرب إليه في كل مرّة أبكي فيها، أو أشعر بالضجر، أو عندما تحدث معي مواقف محرجة كان هو من يساعدني..
ففي إحدى الليالي الباردة، كنتُ أبكي متحسرة بسبب ما حدث معي في ذلك اليوم فخاطبني قائلاً وهو يواسيني لا تيأسي أبداً حتى، وإن ضاق عليك الفضاء يوما فلا تيأسي..
لا تبكي حتى إن ضيعت خطاكِ في هذا العالم المظلم، فلا تبكي لا شيء يستحق البكاء، لا تبأسي فخير الله آتٍ لا محالة...
فأصبح صوتي الداخلي النابع من عقلي كما يقول العلماء ملجئي الوحيد من ضجيج هذا العالم..
شكراً يا أيها الوحش أو بالأحرى يا صديقي..
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.