هل تحول الإنسان إلى إنسان عارٍ رغم كل ما يمتلك من ملابس بماركات أنيقة، وما لديه من مفاتيح لمنزله وممتلكاته العقارية، وجميع ما يحفظه من كلمات مرور لأجهزته الإلكترونية أو حساباته البنكية، هل بعد كل هذا أصبح الإنسان عاريًا؟ كيف؟ ولماذا؟ وما العمل؟
اقرأ أيضاً الثورة الصناعية
اقرأ أيضاً الذكاء الصناعي وتطور التكنولوجيا والثورة الصناعية وتأثرها على المجتمع
هل الثورة الصناعة جعلتنا عراة؟
عزيزي القارئ، أنا لا أقصد مطلقًا العُري بمعناه التقليدي، أي تجرد الإنسان من ملابسه، أو كل ما يعُرف من وسائل تَستُر وتحفظ خصوصيات الإنسان، فردًا كان أو جماعة، فكيف إذن أصبح الإنسان عاريًا؟
بعد الثورة الصناعية وعصر الحداثة وما بعدها، مرت البشرية بحالة من الدهشة والانبهار بما وصل إليه العلم والتطور الصناعي وغيرها من ابتكارات لها أثر كبير في تحقيق مستوى عالٍ من الجودة والرفاهية للإنسان، وذلك بجودة عالية وكلفة أقل وسرعة فائقة، فتوجه الإنسان مسرعًا بأجناسه وعرقياته وأيديولوجياته كافة نحو الحصول على أقصى درجات الاستفادة من النهضة وأيضًا الاستثمار فيها.
وبسرعة وتسارع وصلنا إلى عالم التكنولوجيا وعصر الثورة الرقمية، التي دخل الإنسان عالمها دون وعي وإدراك حقيقي لمحاذيرها ومخاطرها وسُبل استخدامها بطريقة آمنة، فأصبح الإنسان عاريًا، فلماذا ذلك؟
نهاية خصوصية الإنسان
إنه نتيجة فقدان الأفراد والمجتمعات خصوصياتهم شيئًا فشيئًا، حتى أصبح الأفراد في قرية صغيرة وعالم مكشوف لا خصوصية فيه لأحد، فأصبح الإنسان عاريًا مجازًا، وإن كان الإنسان يلبس أفضل الماركات ولديه ما لديه من وسائل الحماية من الاختراق لحساباته البنكية وأجهزته الإلكترونية، إلا أن كثيرًا من خصوصياته مكشوفة بسهولة ودون أي جهد اختراقي، سواء من أفراد أو جهات لها أهداف ما، بل أصبح بإمكان أي متتبع لحساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي أن يقرأ الحالة النفسية والمزاجية التي نحياها، ويعرف جيدًا مشكلاتنا وهمومنا وأفراحنا وأتراحنا ودون عناء.
إذن ما العمل؟ قناعتي أن الحل يكمن في ضرورة معرفة ووعي كل إنسان بما يلزمه من الأدوات والوسائل التكنولوجية، بمعرفته ومتابعته لأهداف هذه الوسيلة التي صنعت من أجلها، والرسائل التي تعمل على تأديتها وتحقيقها، وبذلك نصبح على وعي هل هذه الأداة أو الوسيلة التكنولوجية تتقاطع مع أهدافنا ومصالحنا الفردية أو الجماعية، وكيفية استخدامها لتحقيق مصالحنا وأهدافنا بوعي مسبق ودون مخاطر.
اقرأ أيضاً ملخص كتاب "نهاية عصر الخصوصية ".. لماذا لا يمتلك المجرمون حسابات على فيسبوك ؟
أثر العادات والتقاليد في سلوك الإنسان
المهم جدًّا أيضًا، ألا يقع الإنسان منا أسيرًا لعادات وتقاليد سائدة في مجتمعات أخرى، إذ يسيطر التقليد على تفاصيلنا اليومية دون مراعاة لخصوصياتنا الشخصية أو جذورنا التاريخية والثقافية أو تركيبتنا الاجتماعية، فلا نذهب لنبوح بكل مشاعرنا على وسائل التواصل وفي الفضاءات الإلكترونية، ما يجعلنا كتابًا مفتوحًا تسهل قراءته وتتبع حالته النفسية والمزاجية، المادية والمعنوية.. هذه السهولة في قراءة حالتنا قد لا تعد خطرًا لو كان الأمر يتعلق بصديق، ولكن كيف لو كان الأمر يتعلق بشخص منافس أو خصم أو عدو متربص؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.