من الأمور التي تشعر المراهق بالحزن وتصيبه بالهم والغم هي نظرة المجتمع له، بكونه أصل كل مشكلة، لا منفعة أو مصلحة تأتي من ورائه، فالمراهقة تعني لهم الأزمات والمشكلات، فكيف ومتى تكونت هذه الصورة في أذهان الناس عن مرحلة المراهقة؟
اقرأ أيضًا: المراهقة مراحلها ومشاكلها وكيفية التعامل مع المراهقين ؟
مرض المراهقة
حالة من التباين والازدواجية الغريبة في مجتمعاتنا العربية ونظرتها للمراهق، ففي الوقت الذي يتحدثون على نحو جيد عن المراهق والمرحلة الدقيقة التي يخوضها من حياته، يتعاملون معه كما لو كان طفلًا صغيرًا، وهذا أصل كثير من المشكلات التي تشهدها هذه المرحلة بين الأبناء من جانب ووالديهم من جانب آخر.
في الوقت الذي يرى الشاب أو الفتاة أنه صار رجلًا أو امرأة، ولم يعد طفلًا بوصوله إلى هذه المرحلة، يرغب في أن يُسمع صوته، ويُؤخذ رأيه، وتُعدُّ وجهة نظره إزاء الأمور التي تخصه داخل الأسرة. غير أن نظرة والديه إليه على أنه ما يزال طفلًا صغيرًا عليه السمع والطاعة دون إبداء أي اعتراض تصيبه بالإحباط.
الجنس، العلاقة بالجنس الآخر، العادة السرية، الموضة والأزياء، قصة الشعر، الأغاني والمهرجانات، كل هذه المفاهيم والمصطلحات ترتبط بنظرة المجتمع إلى المراهق في هذه المرحلة. محاورها: الجنس والتفكير في الجنس الآخر والميل الفطري ناحيته، وما يرتبط من ذلك بتحريك الشهوة واللجوء إلى العادة السرية كمتنفس لهذه الطاقة الكامنة بداخله.
هذا بعض ما يعرضه المجتمع عن المراهقين، والموضوعات التي تشغلهم، مع تسليط الضوء عليها وتضخيمها بطرية تجعل منها همًّا اجتماعيًّا يستوجب التوقف عنده.
اقرأ أيضًا: تأثير المناخ الأسري على احتياجات المراهق
طالب الجامعة.. مراهق أم رجل!
بوصول الشاب إلى المرحلة الجامعية – المراهقة المتأخرة - تنتابه الحيرة، والتساؤلات المتعددة التي لا يجد أجوبة عليها: هل لا يزال مراهقًا يعيش مرحلة جديدة من عمره؟ أم أنه صار رجلًا وعضوًا فاعلًا في المجتمع؟
في هذه المرحلة تراود الشباب عددًا من الأفكار والآمال والطموحات. تدور في رأسه عشرات الأفكار التي تحاول رسم ملامح المرحلة المقبلة. يبدأ حياة جديدة، يفكر في العمل، الزواج، أسرة سعيدة، وإنجاب الأبناء.
فالشباب لديهم طاقة عجيبة وقوة كامنة في صدورهم وعقولهم. يجلس ويخطط لمستقبله، عليه البحث عن عمل، رغبة في الارتباط بفتاة أحلامه، ومن ثم إنشاء أسرة سعيدة يزينها الأطفال الصغار.
لِمَ لا؟ فالتاريخ يشير إلى أن الشباب في مثل هذا العمر، وربما أصغر كثيرًا، قادوا جيوشًا، وعلماء أبدعوا في سن صغيرة. ما الذي ينقص شباب اليوم عن هؤلاء؟
إنها نظرة المجتمع: عليك إتمام تعليمك أولًا، فأنت لا تزال تأخذ مصروفك من والدك، ليس لديك مكان خاص بك لكي تحلم بتكوين أسرة وإنجاب أبناء، فضلًا عن أن خبراتك في الحياة لا تزال محدودة أو معدومة.
إنها المدينة الفاضلة إذن! فالشاب من هؤلاء، وهو يجد نفسه أمام هذه المعادلة الصعبة، عندما يشاهد التلفزيون، يجد العري والإسفاف. عندما يطالع الصحف، يتصدرها الفنانون والمطربون. عندما يمشي في الشارع، يشعر كما لو أنه في مجتمع غربي، فالأزياء القصيرة، وقصات الشعر الغريبة، والبناطيل الممزقة تتصدر المشهد.
كل هذا يدفع الشباب إلى التفكير وطرح عدد من التساؤلات التي لا يجد أجوبة شافية لها: هل المشكلة في هؤلاء الشباب حقًّا؟ أم في المجتمع؟! من الذي بحاجة إلى العلاج؟ الشباب أم المجتمع؟
اقرأ أيضًا: طرق التعامل مع المراهق الخارج عن السيطرة.. تعرف الآن
دور المجتمع تجاه الشباب
إن واجب المجتمع أن يشعر هؤلاء الشباب بالهدوء والاستقرار والاطمئنان، في مرحلة تحيط بهم العواصف والأمواج العاتية من كل مكان. فالتغيرات التي تصيبهم كبيرة وعديدة: جسمية ونفسية واجتماعية وعقلية وغيرها، يكاد العقل لا يستوعبها.
يبدأ هذا الاستقرار من داخل الأسرة الصغيرة، عندما يشعر الابن أو الابنة بكينونته وبانتمائه إليها حقًّا، عندما يُشار إليه على أنه رجلًا حقًّا يتحمل بعض المسؤوليات داخل البيت مثله مثل الكبار.
وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات والمربين والمتخصصين، شاركونا آرائكم في التعليقات أسفل هذه المقالة، والإجابة على هذه التساؤلات.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.