تعظم الاستفادة من منهج الطبيبة الإيطالية ماريا منتسوري في مرحلة الروضة؛ كونها تركز على المتعلم بكونه محور العملية التعليمية، وتطلق العنان لقدراته وإمكاناته الكامنة في الظهور، وذلك بإتاحة الفرصة في اختيار الأنشطة التي يرغب بها.
في هذه المقالة نسلط الضوء على مواطن الاستفادة من منهج منتسوري في مرحلة الروضة، بما ينعكس بالإيجاب على الطفل، وأهم ما يميز روضة منتسوري عن الروضة التقليدية.
اقرأ أيضًا: ماريا منتسوري.. عندما يقودك الشغف إلى الطفل
فاعلية منهج منتسوري مع طفل الروضة
أُجريت كثير من الدراسات في فاعلية استخدام منهج منتسوري في مرحلة رياض الأطفال، وكانت النتائج مبشرة للغاية. فقد خلصت دراسة قام بها (آل سعود، 1435هـ) عن منهج منتسوري ودوره في إكساب الطفل القيم إلى الدور الإيجابي الملحوظ في إكساب هذه الفلسفة كثيرًا من القيم الإيجابية للطفل.
وتوصلت دراسة هدى محمد قناوي وآخرين 2021م إلى (فاعلية برنامج قائم على استخدام أنشطة منتسوري لتنمية الإدراك الحسي لدى أطفال الروضة المعاقين بصريًا) واستهدفت اختبار فاعلية برنامج قائم على استخدام أنشطة منتسوري لتنمية الإدراك الحسي لدى أطفال الروضة المعاقين بصريًا، توصلت إلى وجود فروق دالة إحصائيًّا بين متوسطي رتب درجات أطفال الروضة المعاقين بصريًا -عينة البحث التجريبية- على مقياس الإدراك الحسي.
وخلصت أيضًا دراسة باين 2013م (Bayn,Blair,Pate.2013) إلى فاعلية منهج منتسوري في تحضُّر سلوك الأطفال مقارنة بأقرانهم في رياض الأطفال التقليدية.
كل هذا يدفع إلى ضرورة الاستفادة من هذه الفلسفة التربوية والتعليمية في مرحلة الروضة بما لها من أهمية في تشكيل شخصية الطفل، وتنمية مهاراته وقدراته من كافة الجوانب في سن مبكرة، لا سيما وأن هذا المنهج يوائم بيئة الطفل، ومن هنا تنبع قيمته ومكانته في عملية التربية والتعليم.
اقرأ أيضًا: تعرف على بيئة التعلم في منهج منتسوري
أهمية منهج منتسوري لطفل الروضة
بالنظر إلى المبادئ والأسس التي يقوم عليها منهج منتسوري، نجده يشجع التعلم الذاتي، والاستقلالية، والحرية في اختيار المتعلم للأنشطة التي تناسب إمكاناته وقدراته، فضلًا على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، وهو ما يراعى في التقييم لاحقًا.
والأنشطة في فلسفة منتسوري متنوعة، وتشمل تنمية مهارات الطفل من الجوانب كافة، لذلك يمكننا أن نلاحظ بوضوح ركن الحياة العملية، فيشجع الطفل على الاستقلالية والاعتماد على النفس. فالطفل يمكنه ارتداء ملابسه بنفسه، ووضعها في الدولاب المخصص لها بعد عودته، ويتعلم العطف على الحيوان، وزيارة المرضى، ويتدرب على تلميع الأحذية، وربط الحذاء، وقفل أزرار القميص.
يوجد أيضًا ركن المواد الحسية التي تستهدف تنمية حواس الطفل، فضلًا على ركن المواد الأكاديمية التي تضم ركن اللغة، وفيها يمكن تنمية مهارات الطفل اللغوية تحدثًا وكتابة وقراءة، كل ذلك يكون بسبب الأنشطة المختلفة، وبطريقة محببة للطفل تناسب إمكاناته وقدراته. على سبيل المثال توجد أشكال هندسية يتدرب الطفل على تحديدها وتلوينها.
وفي ركن الحساب يتعرف الطفل على الأشكال الهندسية والكسور، ويتدرَّب على النظام العشري وعصيان العد، بهدف تنمية المهارات الرياضية له.
وفي ركن الثقافة والعلوم يتعلم الطفل مفاهيم عن العالم من حوله مثل القارات والدول وأعلامهم وأشكال اليابسة والماء.
اقرأ أيضًا: تعرَّف على دور المعلم وفق منهج منتسوري
روضة منتسوري والروضة التقليدية
كثيرة تلك الخصائص التي تميز روضة منتسوري عن الروضة التقليدية التي لا تزال تعتمد على المعلم بكونه محور العملية التعليمية، وبكونه الملقِّن والمحفِّظ والناقل الرئيس للمعلومة للطفل، في حين أن المتعلم متلقٍّ سلبي عليه حفظ ما يملى عليه، دون إعمال عقل أو تنمية حواس.
هنا يتضح الفارق بين المدرستين والاختلاف الجوهري بينهما في الشكل والجوهر. فالمتعلم عند منتسوري هو محور العملية التعليمية، وكل ما في بيئة التعلم منظم ومرتب من أجل تشجيعه على الاستقلالية والتعلم الذاتي والاعتماد على النفس واكتشاف إمكاناته وقدراته، وجميعها قيم ومبادئ أساسية يجب تنشئة الطفل عليها منذ الصغر.
إذا كان أسلوب الحفظ والتلقين ما يميز الروضة التقليدية، فإن التعلم عن طريق اللعب والأنشطة المختلفة أبرز ما يميز فلسفة التعليم في منهج منتسوري، والمعلم هنا دوره مرشد وموجه ومراقب لتصرفات الطفل داخل الصف المنتسوري، يلاحظ ويدوِّن ملاحظاته دون تدخل إلا إذا اقتضت الحاجة، وتُعدَّل الأنشطة أو المواد والوسائل بما يناسب مهارات واحتياجات المتعلم، مثل الرمال، والماء، والكتل، لتشجيع الطفل على استخدام الحواس في عملية التعلم.
إن التعلم عن طريق اللعب، ليس فقط ما يميز منتسوري، وإنما أيضًا مخاطبتها لحواس الطفل جميعها في العملية التعليمية، لتعلم الأشكال والأرقام والألوان، وهو ما يبدو جليًّا في الأدوات والوسائل المستخدمة، وجميعها من بيئة الطفل التي يعيش فيها.
في روضة منتسوري، يتدرب الطفل على التفكير النقدي والإبداعي وحل الألغاز، والتعبير عن نفسه عن طريق الأنشطة الاستكشافية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.