هكذا تجلب القلق النفسي لنفسك!

كثيرة هي الشكوى من الشعور بالقلق والتوتر وزيادة ضربات القلب، مع الشعور بتشتت الانتباه وعدم التركيز وسرعة النسيان، وأحيانًا أشعر بضيق في الصدر وعدم قدرة على التنفس، فما الحل؟

في هذه المقالة نسلط الضوء على مفهوم القلق النفسي، وأسبابه، وعلاجه.

ماذا يعني القلق النفسي؟

القلق النفسي قد يكون مرض العصر الذي نحياه في ظل الضغوط الكثيرة والمعقدة التي يتعرض لها الإنسان على مدار اليوم. ضغوط في البيت، في العمل، في العلاقات الاجتماعية وغيرها. وفق للعلماء فإن نحو 5% من الناس مصابون بهذا المرض النفسي.

القلق النفسي واحد من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا في هذا العصر، ويمكن تعريفه على أنه حالة من القلق والتوتر التي تنشأ نتيجة عوامل مختلفة، يترتب عليها شعور بعدم الراحة، زيادة ضربات القلب، وأرق في النوم.

أيضًا فالإفراط في كل شيء يؤدي إلى عواقب وخيمة، كذلك القلق. فالقلق الطبيعي في المستويات العادية مطلوب، بل يدفع الإنسان نحو الإنجاز. فالقلق على الأبناء، يدفع الآباء إلى التفاني والإخلاص في العمل وتحري المال الحلال، وتجنب كل ما يغضب الخالق عز وجل، لكي تحل البركة على الأبناء والذرية.

وفي المقابل إذا زادت عن الحد، انقلبت إلى الضد وأصبحت سببًا لأمراض ضغط الدم وغيرها من الأمراض النفسية الأخرى التي تصيب الإنسان، التي تستلزم في وقت لاحق العلاج النفسي أو تناول بعض الأدوية.

اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن أمراض اضطرابات القلق؟

ماذا بعد القلق؟

القلق يؤثر في حياة الإنسان من كافة الجوانب النفسية والاجتماعية والعاطفية والجسمية، وكلما كان القلق في معدلاته الطبيعية التي تدفع الإنسان لأخذ الحيطة والحذر والاستعداد لما هو قادم، دون توتر أو قلق، فهو أمر محمود.

أما إذا تسبب في عرقلة حياة الإنسان، صار مرضًا يستدعي العلاج منه، فبعض الأشخاص تجده قلقًا من المستقبل، قلقًا على صحته، قلقًا على أبنائه، قلقًا من رؤية الناس تموت كل لحظة على نحو مفاجئ ودون مقدمات، وغيرها من أنواع القلق.

اقرأ أيضًا: هل تشعر بالقلق؟ إليك كيفية استرداد حياتك من براثن القلق

ما الأسباب التي تصيب الإنسان بالقلق؟

يعدد الدكتور صالح عبد الكريم -استشاري نفسي وتربوي- الأسباب التي تؤدي للإصابة بالقلق، وأولها العامل الوراثي، وهو ما يتضح عندما نختبر طفلًا يعاني قلقًا نفسيًّا، وبالسؤال يتضح إصابة أحد أفراد الأسرة سواء الأب أو الأم أو الجد أو الجدة بهذا المرض.

والقلق الحاد يحدث نتيجة زيادة الأدرينالين في الدم، فتتسبب في سرعة ضربات القلب، والشعور بصعوبة التنفس والتعرق والشعور بالإغماء، والتعب الجسدي العام. وزيادة إفراز الغدة الدرقية أيضًا من أسباب الإصابة بالقلق النفسي، واستخدام بعض العقاقير المضادة للاكتئاب.

اقرأ أيضًا: القلق وأعراضه ووسائل علاجه

التربية القاسية وعلاقتها بالقلق النفسي

قد يكون صادمًا لبعض الآباء والأمهات القول إن التربية القاسية واحدة من أسباب الإصابة بالقلق النفسي، وكذلك التدليل الزائد والحماية الزائدة للطفل تعد من أساليب التربية الخاطئة؛ لأنها تعوِّد الطفل الاعتماد على والديه في كل شيء، ولا يمكنه التصرف أو اتخاذ قرار إلا بالرجوع إليهما، وإذا حدث ولم يجدهما لأي سبب من الأسباب يصاب بالقلق والتوتر والخوف المبالغ فيه.

في المقابل، فإن التربية القاسية، والخلافات المتكررة بين الزوجين، تصيب الطفل بالقلق النفسي، والخوف من المستقبل، والخوف من انفصال الوالدين، وما يستتبعه من عدم شعور بالأمان خاصة إذا كانت في مرحلة الطفولة المبكرة؛ نظرًا لأن الطفل يعتمد كليًّا في تلبية احتياجاته على الوالدين.

يرتبط بهذه النقطة موت أحد الوالدين في الصغر، فالطفل الكائن الضعيف، يعتمد كليًّا على والده في الحصول على الحب والحنان وكذلك المال، ومعنى موت الأب، فقدان الطفل كل هذه الامتيازات التي كان يحصل عليها في حياة الأب.

اقرأ أيضًا: إليك 4 طرق للتعامل الحكيم مع القلق

التوبيخ واللوم

 التوبيخ واللوم أيضًا من أساليب التربية الخاطئة التي تفقد الطفل ثقته بنفسه، فيجلد ذاته باستمرار، وتكون النتيجة الخوف من خوض التجربة، والخوف من الخطأ، وخشية التعرض للوم والتوبيخ من الوالدين.

تعرض الطفل للصدمات في صغره، كأن يخاف من ركوب الأسانسير بسبب مروره بصدمة في أثناء صغره عندما توقف به الأسانسير وتسبب في شعوره بدنو أجله، أو أن يخشى من صعود الأمكنة المرتفعة، لتجربة صادمة أو موقف تعرض له أحد المعارف أو المقربين في صغره.

فالمخ في هذه الحالة يستدعي الخبرات القديمة التي مرَّ بها الإنسان، ما يتسبب في شعوره بالقلق والخوف من تكرار هذه التجربة.

اقرأ أيضًا: مساعدة الأطفال للتخلص من حالات القلق وانفعالات الخوف

القلق بالعدوى

قد يبدو غريبًا بعض الشيء أن القلق عدوى، ويمكنك أن تجربها، أن تجلس مع شخص قلق باستمرار، متوتر، تشعر أن هذا القلق ينتقل إليك تلقائيًّا. أذكر أن أحد الزملاء في العمل، كان عصبيًّا بدرجة كبيرة، وكونه يعمل في مؤسسة تعليمية خدمية تقدم خدماتها للطلاب وأولياء الأمور، فكان يعاني ضغوطًا كبيرة، لدرجة أنه كان لديه ندوب في وجهه، ومعظم الوقت يظل يحكها بأظافره حتى نزول الدم دون أن يشعر.

مثل هذه الحركات التي تصدر من الشخص القلق المتوتر، تصيب من حوله بنوع من التوتر، وكأنها عدوى تنتقل بين الأشخاص، بالأب القلق المتوتر، وكذلك الأم القلقة باستمرار، ينتقل هذا القلق لا شعوريًّا إلى الأبناء.

فكثيرًا ما نسمع العبارات التالية من الأمهات عندما تشعر بالقلق والتوتر تجاه شيء ما: "قلبي مقبوض، قلبي مش مطمن، حاسة بمصيبة هتحصل.. إلخ". حتى في أوقات الفرح والسرور، وكأنهم يستكثرون على أنفسهم الفرح والسعادة، تجدها تقول: خير اللهم اجعله خير، احنا ضحكنا كتير النهاردة، ربنا يسترها قلبي مش مطمن" وهذا كله من الشيطان؛ لأن المؤمن مطالب بالتفاؤل والفأل الحسن.

اقرأ أيضًا: القلق وعلاقته بوسائل التواصل الاجتماعي

التفكير السلبي

التفكير السلبي يعني توقع حدوث الأسوأ، وهو نوع من التشاؤم المنهي عنه شرعًا؛ لأن المؤمن مطالب بحسن الظن بالله في كل أموره. هذه النوعية من الشخصيات تقلق لأتفه الأسباب، فلو أن جرس الهاتف النقال رن، يشعر بالقلق والتوتر ويتساءل عن المتصل، وماذا يريد في هذا التوقيت؟!

الأمهات تحديدًا يعانين في هذه النقطة، فلو أن الابن تأخر قليلًا خارج المنزل، أو ذهب لإحضار شيء ما وتأخر بضع دقائق، تنتابها حالة من القلق والخوف والوساوس من وقوع مكروه للابن، وتظل على هذه الحالة إلى أن يصل البيت، وقد تخرج للبحث عنه.

بعض الأمهات يصل بهن القلق إلى الدرجة التي تمنع طفلها من الخروج في رحلة مدرسية مع زملائه ومعلميه، أو الخروج للعب مع أقرانه وأصدقائه في الشارع أو النادي، والمشكلة هنا ليست في الأم فحسب، بل في الأبناء الذين يتشربون هذا القلق، ويصبح جزءًا من شخصيتهم عندما يكبرون.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة