تطفو على سطح الحياة الكثير من الأفعال الإجرامية بين الحين والحين، وفي لحظة سهو وغفلة، وابتعاد عن طريق الاستقامة والإيمان بالله، يجد الشيطان ضالته، فالشيطان الذي أغوى أبانا آدم، وأخرجه من الجنة، قد تعهد أمام الله في سورة (ص): "قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82)"، فيحثها على السير في طريق الغواية والضلال، ويتصور البعض ممن أضلهم الشيطان أنهم قادرون على فعل كل شيء دون أن يردعهم رادع من ضمير، أو إحساس، أو مجتمع، أو قانون.
لكنهم واهمون، فليس هنالك من مجرم مات وهو على فراش السعد، تحيط به الغانيات وبنات الليل، إنما كانت ميتة أفراد العصابات والمجرمين إما برصاص رجال الشرطة أو بحبال المشانق، لكن المجرمين لا يرعوون من تجارب أقرانهم ونهاياتهم المأساوية، لذلك نرى في كل سنة ظهور عصابات جديدة، فلا السجون تفرغ، ولا الجرائم تنتهي.
طرق سمعي معلومات عن عصابة ظهرت في بغداد كانت مختصة بسرقة المصارف والبنوك، وبعد أن سرقت أحد المصارف في بغداد، قامت بتأجير طابق كامل في أحد الفنادق لمدة شهر كامل، عاشت فيه بحالة من البذخ، والفساد، وارتكاب المعاصي والموبقات في غفلة من رجال الشرطة والقانون، حتى طالتهم يد العدالة ولما ينتهي الشهر وتم القبض عليهم ونالوا جزاءهم العادل.
ومن العصابات التي ظهرت في بغداد في القرن الماضي عصابة المجرم "ع.ع.ع" الملقّب "علي رامبو"، وقد ظهرت بعد عصابة المجرم "أبو طبر" الذي كان يقتل ضحاياه مستخدمًا (الطبر)، وهو آلة حديدية تستخدم في قطع الأشجار، ومن آخر جرائم العصابة كانت جريمة معارض السيارات في بغداد، إذ بتاريخ 1/ 9/ 1999م استخبر مركز شرطة القناة لمكافحة الإجرام في بغداد بوجود مصابين تبين أنهم من رجال مكافحة سرقة السيارات الذين كانوا قد نصبوا كمينًا لعصابة المتهم (ع. رامبو) وعصابته في أحد معارض النهضة للسيارات، وفي الساعة التاسعة ليلًا جاءت سيارة نوع (سلبرتي) بيضاء اللون، وبداخلها ثلاثة من المجرمين اتضح فيما بعد أنهم كل من (ج.ع.ح. ش) الملقّب (ج. جنية) وشقيقه المجرم (ف.ع. ح) الملقّب (ف. الوحش) والثالث (أ.ع. س) الملقّب (أ. جاوة)، وأثناء محاولة القبض على العصابة تمكّن أفراد العصابة من مقاومة الكمين وقتل ثلاثة من رجال الشرطة وجرح أحدهم، ولاذوا بالفرار بعد ترك سيارتهم في مسرح الجريمة، وأثناء هروبهم راجلين صادف قدوم سيارة (بيكاب تروم) أثناء الدخول إلى المعارض فبادروها بإطلاق النار لتهديد سائقها، وأصابوا الجامة الأمامية للسيارة والمحرك، وأنزلوا سائقها وزميله الذي كان يجلس بجانبه تحت التهديد، واستقلوا السيارة هاربين من مسرح الجريمة مخلفين وراءهم عددًا من الضحايا من رجال الشرطة.
شكلت مديرية مكافحة الإجرام فريق عمل لمتابعة العصابة والقبض عليها، وتم الحصول على معلومة بحضور المتهم (ع.رامبو) في الساعة العاشرة من صباح يوم 6/ 9/ 1999م في محكمة تحقيق بغداد الجديدة، وتم نصب كمين له هناك، وفي الوقت المحدد جاءت سيارة نوع (كراون) تقل المجرم المذكور رئيس العصابة وبعض أفرادها، وبمجرد توقفها فاجأها أفراد الكمين شاهرين أسلحتهم بوجه رئيس العصابة الذي حاول مجددًا المقاومة والهرب، فتم إطلاق النار عليه هو والشخص الجالس بجواره، وتمت إصابتهما والقبض عليهما، ونقلا إلى المستشفى تحت الحراسة وأثناء التحقيق معهما اعترفا على باقي أفراد العصابة ومحل وجودهم، وعلى الفور تابع فريق العمل المعلومات أولاً بأول، وتم تطويق الدار التي يسكنها باقي أفراد العصابة، وقُتل المجرم (ف.الوحش) بعد مقاومته رجال المكافحة ورفْضه تسليم نفسه، وتم القبض على باقي أفراد العصابة، كما تم ضبط (5) سيارات حصيلة سرقات متعددة، وتم تدوين اعترافاتهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل.
وهكذا كان نصيب هذه العصابة البائسة القتل والعقاب، وهو مستقبل متوقع لكل من يسلك طريق الجريمة والرذيلة، فحبلها قصير وعقابها شديد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.