نقص الأدوية بين المسئولية الاجتماعية والسوق السوداء

يُعد الحق في الحفاظ على الصحة العامة من أولى وأهم الحقوق التي يحرص الأفراد على الاهتمام بها؛ فالحفاظ على النفس من مقاصد الشريعة الإسلامية.

اقرأ أيضاً تعرف على مشكلة نقص الأدوية لعلاج مرض السرطان في أمريكا

دور الدولة في توفير الأدوية

ويتجلى هذا الاهتمام بالمتابعة المستمرة للحالة الصحية للأسرة أو على مستوى العائلة، وفي حالة ثبوت إصابة الفرد بمرض مزمن على سبيل المثال يحرص على اقتناء ما يحتاج إليه من أدوية للعلاج والمحافظة على صحته حتى يمكن أن يؤدي دوره بالمجتمع، وهنا تتكفل الدولة بحماية هؤلاء المرضى عن طريق الالتزام بتوفير الأدوية المطلوبة وبكميات كبيرة تغطي الاحتياج الفعلي للمرضى.

كما تقع مسئولية اجتماعية على عاتق المهنيين (أصحاب الصيدليات) وأصحاب شركات الأدوية بضرورة توفير هذه الأدوية وبأسعار عادلة وفي متناول الجميع دون تمييز ودون متاجرة بأرواح وصحة المرضى.

لكن يحدث غير ذلك كثيرًا، وتقل أدوية كثيرة في السوق، ما يُسهم في خلق سوق سوداء للأدوية يدفع فاتورتها فقراء الشعب وأصحاب الأمراض المزمنة الذين قد يدفعون حياتهم نتيجة عدم توفر دواء ما يمكن أن ينقذهم.

فتزايد وانتشار السوق السوداء (Black Market) للسلع والخدمات والمنتجات ومن بينها الأدوية داخل الدولة يُعد من المشكلات شديدة الْخَطَر التي تواجه السلطة التنفيذية، إنها تخلق سوقًا موازية للسوق الرسمية الخاضعة للقوانين واللوائح الحكومية، وتُسهم في وجود منافسة غير عادلة وتزايد وتضاعف أسعار السلع والخدمات، هذا إلى جانب التهرب الضريبي وعدم سداد الضريبة المستحقة عن هذه السلع والمنتجات.

بمعنى آخر خلق اقتصاد موازٍ أو اقتصاد غير رسمي أو ما يطلق عليه اقتصاد الظل (Shadow economy) أو الاقتصاد السري (Underground economy).

وتتعدد السلع والخدمات التي تجد السوق السوداء مجالًا خصبًا لها. ومن أمثلة ذلك سوق العملات والسلع الاستهلاكية وسوق التبغ والخمور.

اقرأ أيضاً تعرف على الأدوية المضادة للتخثر

أهمية أدوية الأمراض المزمنة

من أشهر المنتجات الأساسية التي لا غنى عنها للمستهلك الذي يعاني من المرض سواء القلب أو السرطان أو تليف الكبد أو الضغط وغيرها من الأمراض المزمنة، نجد الأدوية تنشط في السوق السوداء الخاصة بها من قبل بعض عديمي الضمير الذين يتاجرون بالمرضى وصحتهم ويعرضون كثيرًا من المرضى للخطر بسبب قلة توريد وتوفر بعض الأدوية؛ وذلك بهدف الربح المالي السريع من جراء ذلك.

وهؤلاء قد يكونون الموردين أصحاب شركات الأدوية التي تحاول طوال الوقت البحث عن الربح بغض النظر عن أي اعتبار آخر.

ولكن الأخطر والأهم من ذلك تورط بعض المهنيين من الأطباء والصيادلة في افتعال هذه الأزمة والمشاركة في توسعها.

فأصحاب الصيدليات يريدون هم الآخرون بيع الأدوية التي تملأ الصيدليات وتحقيق أرباح مالية ضخمة حتى ولو على حساب صحة المرضى، فهم يتاجرون بذلك بصحة وحياة المرضى من أجل الثراء السريع وسيطرة الرأسمالية على عقولهم، التي يتمثل منطقها في: اجنِ المال حتى ولو على حساب نفسك.

اقرأ أيضاً العقاقير والأدوية النفسية ودورها في العلاج النفسي

أسباب نقص الأدوية في الدول العربية

ومن أبرز الأسباب التي ظهرت حديثًا داخل بعض الدول العربية وأسهمت في وجود أزمة ضخمة في سوق الأدوية هو توافد كثير من المهاجرين من جنسيات مختلفة إلى هذه الدول، وتزايد طلباتهم على كثير من الأدوية وبكميات ضخمة جدًّا لا تتناسب مع احتياجاتهم الضرورية.

فهذه الطريقة تتسبب في إحداث أزمة بسوق الأدوية وتخزين الأدوية والحرص على شراء كميات كبيرة ومُبالغ فيها وتزيد عن الاحتياج الشخصي، ومنهم من يقتني هذه الأدوية بهدف استخدامها في بعض الأغراض غير التي صنعت من أجلها.

على سبيل المثال يستخدم البعض أدوية الإنسولين بغرض التخسيس وليس بغرض العلاج من مرض السكر. وتوجد أمثلة كثيرة تتطابق مع هذه النماذج التي تسيء استخدام الأدوية.

اقرأ أيضاً الفرق بين الأدوية الصناعية والطبيعية

أسباب نقص أدوية الأمراض المزمنة

وفي بعض المناقشات التي دارت مع بعض الصيادلة قالوا إن من ضمن أسباب نقص الأدوية والسبب في ارتفاع أسعارها حرص بعض الوافدين العرب على اقتناء هذه الأدوية بكميات ضخمة بهدف إرسالها إلى البلد الأم والاتجار فيها وبيعها بأسعار خيالية لتحقيق أرباح مالية.

ويأتي المرضى ويسألون على بعض أدوية الأمراض المزمنة، التي لا سبيل لوجودها ويتبين عدم وجودها بسبب جحود هؤلاء المتاجرين أصحاب الضمائر الخربة الذين يتاجرون بصحة وحياة المرضى.

وهنا يمكن القول إنه يقع على عاتق وكالات إنفاذ القانون مسئولية ضخمة جدًّا في إحكام الرقابة والسيطرة على هذه السوق، والضرب بيد من حديد، وتوجيه ضربات قاصمة لهذه العصابات التي تفتقد كل معاني الإنسانية والرحمة؛ حتى لا تتسع أزمة نقص الأدوية وتتسع السوق السوداء أكثر من ذلك، مع ضرورة وجود تشريعات تقنن دخول وخروج الأدوية من المطارات.

مع مراجعة الوصفات الطبية المطلوب تناولها والتأكد من الحالات المرضية التي تقتني هذه الكميات من الأدوية حتى لا نكون نحن المواطنين مَن ندفع فاتورة هذه الأزمة ونتكبد ونتحمل نفقات مالية هائلة للحصول على احتياجاتنا من الأدوية في ظل تردي وتدهور الحالة الاقتصادية على المستوى الشخصي للأفراد، والناتج بطبيعة الحال عن تدهور الحالة الاقتصادية على مستوى الدولة عامة. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة