إن قيمة الشيء تكمن في قيمة ما يحمله، زجاجة العطر الفاخر مثلًا غالية الثمن، ليس لقيمة الزجاج المصنوعة منه، ولكن طبقًا لما تحتويه من عطر؛ فكلما كان العطر مميزًا وراقيًا، زاد ثمن الزجاجة. مثال آخر: علبة الشوكولاتة تتحدد قيمتها حسب نوع الشوكولاتة بداخلها، وليس حسب نوع الكرتون والورق المغلف لها.
بعض الناس قد يشتري علبة فاخرة أنيقة ليضع فيها شوكولاتة رخيصة، حتى تبدو وكأنها علبة شوكولاتة مميزة غالية الثمن، ولكن سرعان ما تكتشف الحقيقة عندما تفتح العلبة وتجرب الشوكولاتة، وتجد أنها من النوع الرديء.
قيمة الإنسان أيضًا تكمن فيما يحمله داخله من أفكار، وعلم، وأخلاق مميزة وراقية، ومعرفة حقيقية، وليس فيما يلبسه أو يغلفه من مظهر خارجي.
بعض الناس قد يتبع نفس نظرية علبة الشوكولاتة، ويهتم بالعلبة والغلاف الخارجي الأنيق كي ينال التقدير من المجتمع، لكنه لا يحمل داخله إلا بعض قشور العلم والألفاظ والمصطلحات التي لا تساوي شيئًا؛ إنه غلاف خارجي أنيق فقط.
هذا سرُّ تقدم وتأخر الشعوب.. العقول.. العقول التي تحمل علمًا وفكرًا ومعرفة تقود إلى التقدم.
العقول التي لا تهتم بشكل العلبة قبل أن تهتم بمحتواها، العقول التي تفكر: ماذا ستصنع؟ لا: ماذا ستقول؟ أو: كيف ستظهر؟
كل إنسان يستطيع أن يتكلم ويحفظ، لكن ليس كل إنسان يستطيع أن يفهم ويعمل، ولا يستطيع الإنسان أن يعمل إلا إذا امتلك علمًا وفهمًا. الشعوب والأمم تتقدم بالعلم والعمل معًا، فلا قيمة للعلم دون عمل، ولا قيمة للعمل دون علم؛ فالعمل يطوِّر العلم، والعلم يطوِّر العمل ويحسِّنه.
أما الشعوب المتأخرة النائمة، فهي مثل علب الشوكولاتة الأنيقة التي تحتوي شوكولاتة رديئة؛ فهي ستصدمك عندما تريد أن تأكل منها وتستمتع بأكلها، فلا تجد فيها متعة ولا فائدة، بل على العكس، تجدها ضارة حسّيًا ومعنويًا.
هذه العقول الفارغة الأنيقة لا ترى أية قيمة للعلم ما دامت تسيطر بالجهل وتربح المال بالخداع، وهم في الحقيقة يخدعون أول ما يخدعون أنفسهم هم، قبل أن يخدعوا الآخرين، لأنهم في النهاية يتأخرون ولا يتقدمون، هم يسيرون للخلف معتقدين أنهم يسيرون للأمام.
👏👏👏👏
🍀🍀🍀🍀🍀
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.