نظرية القطيع

في مجتمعي، يراني الجميع من الأقليات… أقليَّة النجاح، أقليَّة الطموح، وربما حتى من أقليَّة الذين يجرؤون على الحلم. أبدو في نظرهم الشخص الغريب، الوحيد الذي يسعى نحو القمم، أما هم فيكتفون بالتساؤل عمَّا سنأكله اليوم.

لكن في نظري، أنا لا شيء سوى نقطة ضوء ضئيلة، جرام صغير في بحر ممتلئ بآلاف النجاحات، بعضهم وصل بصمت، وبعضهم لم يُرَ قط.

الفرق ليس في الحلم، بل في زاوية الرؤية. أنا فقط قررت أن أنظر خارج الصندوق، في حين ظلَّ الكثيرون أسرى داخله، يظنون أن السقف هو السماء، وأن الجدران هي حدود الإمكانيات.

هم يسألون: «ماذا سنأكل اليوم؟»، وأنا أسأل: «كيف يمكنني أن أطعم هذا العالم فكرة جديدة؟».

هم يركضون خلف الأمان، وأنا أركض خلف المعنى.

ليس لأنني أفضل، بل لأنني قررت ألا أكرر ما رأيته، قررت أن أصنع لنفسي مقعدًا على طاولة لا تعترف بمن ينتظرون دعوة.

علَّمني الطريق أن الصمت أبلغ من الضجيج، وأن الأصوات العالية لا تعني بالضرورة أنها تحمل الحقيقة.

في كل مرة وُصفت فيها بالعناد، كنت أعلم أنني فقط أكثر وفاءً لأحلامي من أن أساوم عليها.

وفي كل مرة قالوا لي «ما هذه الغرابة؟»، كنت أبتسم، لأن الغريب في نظر القطيع هو دائمًا من اختار ألا يكون نسخة مكررة.

تعلمت أن الوحدة ليست دائمًا عزلة، بل أحيانًا تكون أعلى درجات الاتصال بذاتك.

أن تمشي وحدك نحو ما تؤمن به، خيرٌ من أن تمشي مع الجميع نحو ما لا يشبهك.

هم يقولون: «خُذ الأمور ببساطة»، وأنا أقول: «البساطة الحقيقية هي أن تعيش معقدًا في أعين الناس، فقط لأنك اخترت أن تكون حقيقيًا».

أنا لست ضدهم، ولا حتى غاضبًا منهم… فقط مختلف.

أعرف أن الطموح يُخيف من اعتاد على الثبات، وأن الحالمين يُرعبون الواقفين في طوابير التكرار.

لكنني، على الرغْم من كل شيء، لن أعتذر عن رؤيتي، ولن أضعف لأنني لم أُفهم،

فأنا لست هنا لأُفهم… أنا هنا لأصنع فرقًا.

أنا هنا لأصنع فرقًا، حتى لو كان بسيطًا… حتى لو لم يره أحد.

لست بحاجة للتصفيق كي أستمر، ولا للضوء كي أضيء طريقي.

الوقود الحقيقي في داخلي… هو ذلك الإيمان العنيد بأن لما أفعله معنى، حتى وإن بدا تافهًا في عيون الآخرين.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

روعة يا بشرى دمتي بألف خير
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

عزيزتي شكراً اصل الابداع منك🎀
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.