هذه الفلسفة واحدة من المدارس الفلسفيّة القديمة، وكان سقراط مدركًا جيّدًا لحقيقة أنّه لكي يشرع النّاس بتجميع المعرفة الموضوعيّة يجب أن يعرفوا ما يمثّل الحدود التّجريبيّة للتّراكم المستمرّ لمثل هذه المعرفة.
في الوقت نفسه وفقًا لسقراط فإنّ عمليّة زيادة معرفة النّاس بالواقع المحيط ومكانهم فيه لها قيمة "الشّيء في حدّ ذاته".
اقرأ أيضاً تعرف على نشأة الفيلسوف اليوناني سقراط وأهم أقواله
حقيقة الواقع المحيط من المدارس الفلسفية
حقيقةً إنّ إدراكنا للواقع المحيط لا يمكن أبدًا أن يزوّدنا برؤيةٍ موضوعيّة كاملة حول الجوهر الفعليّ لهذه الحقيقة ويجب ألّا يمنعنا من الانغماس في المساعي الفكريّة كأولويّتنا القصوى، بينما هي عمليّة اكتساب المعرفة لنقترب أكثر من الله بما أنّ الرّوح خالدة بشكل واضح.
وإنّ الحجّة السّفسطائيّة في هذا الصّدد يمكن معالجتها بشكل أفضل من خلال اقتراح أفلاطون بأنّه رغم أنّ إدراكنا القائم على العقل لا يمكن أن يوفّر لنا الفهم الكامل لعمل الكون فإنّه مع ذلك يقرّبنا من فهم الأهمّيّة الميتافيزيقيّة لهذه الأعمال.
اقرأ أيضاً منطق المعنى بين الأفلاطونية ونيتشه والفلاسفة قبل سقراط
وجهة نظر بعض الفلاسفة
وإنّ في كثير من الحالات الّتي تحوي بعض وجهات النّظر الّتي يتبنّاها السّفسطائيّون تقوم على تناقضات مختلفة، وتخلق هذه التّناقضات بعض التّناقضات المثيرة للجدل، وعدّة منها ذو أهميّة فلسفيّة وسياسيّة، تحتوي كلّ مفارقة على وجهات نظر فريدة يمكن استخدامها إمّا لدعم أو انتقاد الدّيمقراطيّة كأداة سياسيّة.
كان أحد الموضوعات المثيرة للجدل ذات الأهميّة هي النّظرة السّفسطائيّة للشّعارات واللّغة والبلاغة، وكانت توجّهات نظرهم نحو هذه المعضلة، وأنّ جوهر طبيعتهم المتشكّكة كان أساساً لبقيّة معتقداتهم ومهنتهم وأسلوبهم النّقديّ، كذا في رأيهم إنّه من الممكن إنشاء شعارين متعارضين من الحقيقة المتساوية، وهذا يعني أنّ كلاًّ من البيان وتناقضه يمكن ذكرهما على أنّهما حقيقان.
وفي حقيقة الأمر أنّ السّفسطائيين لا يستطيعون مناقشة قضيّتهم منطقيًّا؛ لأنّ فرضية الشّعارات المزدوجة تتعارض بشكل مباشر مع المنطق.
في المنطق إذا كان شيء ما صحيحًا فيجب أن يكون المناقض خاطئًا، والعكس صحيح مع المعتقدات السّفسطائية، فالمفهوم القائل بوجود إجابة واحدة صحيحة مرفوض، وبأخذ هذه الخطوة إلى الأمام فيمكننا إثبات عمل الحجّة على إبطال نفسها.
اقرأ أيضاً من سقراط وأينشتاين إلى زماننا | فوائد التفكير خارج الصندوق
معنى السفسطة
وإذا رجعت إلى معنى السّفسطة في اللّغة اليونانيّة ستجد أنّ معناها هو الحكمة والمعرفة، وأنّ هذا المصطلح يدلّ على ظاهرة المعتلّ في حقيقته.
وأنّ الغاية منها هي المغالطة والتّمويه في الحوار، على وجه العموم إنّها نوع من الاستدلالات الّتي يقوم بها من تحاوره، وهي في الأساس ضالّة من وجهة المضمون، من لا يعرف هذه المعضلة فسوف يقع فريسة في قبضة حيل السّفسطائية.
حقيقة هذه النّظريّة هي النّفع الذّاتيّ، والأنانيّة والتّجرّد من المشاعر الإنسانيّة كافّة، وفي ذات مرة كنت في نقاش مع مثقفٍ لديه بعض من التّرهلّات الفكريّة، ويريد أن ينتصر لفكره الخاطئ، فهو لا يتقبّل أيّ رأي آخر، فأخبرته قائلًا: "هل تعرف ما معنى السّفسطة؟"
تحوي في دلالتها بعضاً من الفذلكة بلا معنى أو نقاش، وجدلاً للانتصار دون معرفة أيّ حقيقة رغم أنّ السّفسطة كان لها شأن في زمن الإغريق، وكانت مقترنة دائمًا بالحكمة.
إذن، أريدك أن تفهم حقيقة الأمر وهي أنّ فنّ السّفسطة هو مجرّد أسلوب ملتوٍ ومنحرف في الجدال والاستدلال يريد أن يوصل إلى التّضليل والخداع للانتصار على الخصم دون الحجّة والبراهين والإقرار بصحّة قضيّته وإن وضح صدقها.
وإذا كنت معارضًا على هذا الأسلوب سوف توجّه إليك بعض الأوصاف الّتي تطلق على صاحب الرّأي المخالف وهي: شيوعيّ يساريّ متعصّب علمانيّ غربيّ متخلّف برجوازيّ متعفّن.
القانون في المدارس الفلسفية
ذهب تلميذ يريد أن يدرس القانون إلى محامٍ سفسطائيّ ليعلّمه القانون، واتّفقا على دفع التّلميذ أجر تلك الدّراسة من أتعاب أوّل قضيّة يترافع فيها، ويكسبها بعد أن يتعلّم على يد الأستاذ، وبعد انتهاء الدّراسة طالب المعلم تلميذه بالأجر فتهرّب التّلميذ.
بل تهرّب من التّرافع في أيّ قضيّة حتّى لا يدفع الأجر للأستاذ، وهنا رفع الأستاذ على تلميذه قضيّة يطالب بأجره.
- الأستاذ للقاضي: في كلتا الحالين سوف آخذ أجري، فإن حكمتم لصالحي فبمقتضى حكمكم سآخذ الأجر، وإن حكمتم لصالح تلميذي فمعنى ذلك أنّه قد كسب القضية، وبمقتضى الاتّفاق بيننا (يترافع في القضيّة ويكسبها) سوف آخذ أجري.
السّفسطة تطلق على القياس الّذي يكون مقدّماته صحيحة ونتائجه مضلّلة وكاذبة، وإذا أمعنت النّظر فيها وجدتها مطابقة لقواعد المنطق ووجدت نفسك عاجزًا عن دحضها.
إنّ مخاطر تلك المرحلة قد تكمن بإمكانيّة المساهمة في تكوين رأي عام مغرّر به، وكذلك خلق فكر عدائيّ يتخّذ من الصّوت العالي، والشّعارات البرّاقة، والخداع، والخروج عن القانون، ونشر فضائح الآخرين، واللّعب على المتناقضات في المجتمع في سبيل تحقيق غاياته دون إدراك ووعي بأنّ انعكاسات وإفرازات ذلك النّهج ستكون مؤثّرة بدرجة كبيرة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.