لعل أول باحث في علم الأخلاق هم اليونانيون، ولم يعر فلاسفة اليونان الأولون الأخلاق التفاتًا، بل كانت جل بحوثهم تناقش الطبيعيات.
كيف بدأ علم الأخلاق؟
جاء السوفسطائيون (450-400 ق.م). وهم طائفة من الفلاسفة كانوا معلمين متفرقين في البلاد، ولكن يجمعهم غرض واحد، وهو إعداد شبان اليونان ليكونوا وطنيين صالحين.
وجاء "سقراط" (469-399 ق.م) فوجَّه همه إلى البحث في الأخلاق، وفي علاقة الناس بعضهم ببعض، ولم يهتم بما اهتم به الفلاسفة قبله من البحث في منشأ العالم وفي الأجرام السماوية.
ويُعد سقراط مؤسس علم الأخلاق؛ لأنه أول من حاول أن يبني معاملات الناس على أساس علمي.
ولم يُعرف عن سقراط رأيه في الغاية الأخلاقية، وبعبارة أخرى في المقياس الذي تقاس به الأعمال.
وعلى أثر سقراط ظهرت المذاهب الأخلاقية وتنوعت، وظلت متنوعة إلى الوقت الحاضر، وأهم الفرق هم الكلبيون والقورينائيون، وكلهم من أتباع الفيلسوف سقراط.
أما الكلبيون فقد أسس مذهبهم أنتستثنيس، (444-370 ق.م) ومن تعاليمهم أن الآلهة منزهة عن الاحتجاج، وخير الناس من تخلَّق بأخلاق الآلهة.
أما القورينائيون فزعيمهم أرسطبس، ولد في قورينا، وكانوا على عكس الكلبيين يرون أن طلب اللذة والفرار من الألم هما الغاية الصحيحة للحياة.
ثم جاء أفلاطون (427-347 ق.م) وهو فيلسوف أثيني تتلمذ لسقراط، وقد ألف كتبًا كثيرة حفظت لعهدنا، كتبها على شكل محاورات، وأكثرها شيوعًا "كتاب الجمهورية"، وآراؤه في الأخلاق منثورة في تلك المحاورات ممزوجة ببحوثه الفلسفية.
ثم جاء أرسطو أو أرسطوطاليس (384-322 ق.م) وهو تلميذ أفلاطون، أسس مذهب المشائين لأنه كان يعلِّم وهو يمشي، أو لأنه كان يعلِّم في مماشٍ مظللة، وقد بحث في الأخلاق وألَّف فيها.
وقد رأى أن الغاية التي يطلبها الإنسان من أعماله "السعادة".
وأرسطو هو واضع نظرية الأوساط، أي إن كل فضيلة وسط بين رذيلتين، كالكرم وسط بين السرف والبخل.
أما الأبيقوريون فبنوا تعاليمهم على تعاليم القورينائيين، ومؤسس مذهبهم أبيقور. وقد تبعه في العصور الحديثة الفيلسوف الفرنسي "جسندي" (1592-1655م) وفتح مدرسة في فرنسا أحيا فيها تعاليم أبيقور، وتخرج فيها موليير وكثير من مشهوري الفرنسيين.
اقرأ أيضًا نظرية المعرفة والوجود والأخلاق الرواقية
علم الأخلاق في العصور الحديثة
في النصف الأخير من القرن الخامس عشر الميلادي ابتدأت النهضة في أوروبا، وأخذ العلماء يحيون فلسفة اليونان القديمة، وابتدأ ذلك في إيطاليا ثم عمَّ أوروبا جميعها. واستيقظ العقل من سباته فأخذ يعرض كل شيء للنقد والبحث.
ومما عرضه للنقد والبحث قضايا الأخلاق التي وضعها اليونان ومَن بعدهم. فنقدها العلماء الحديثون، وتوسعوا في بحثها مستعينين بما استكشف من قضايا علوم أخرى كعلوم النفس والاجتماع.
ويُعد ديكارت الفيلسوف الفرنسي (1596-1650م) مؤسس الفلسفة الحديثة، فقد وضع للعلم والفلسفة مبادئ جديدة للسير عليها، أهمها:
· عدم التسليم بشيء ما لم يفحصه العقل ويتحقق من وجوده.
· يجب أن نبتدئ عند البحث بأبسط الأشياء وأسهلها.
· يجب ألا نحكم بصحة قضية حتى نتحقق منها بالامتحان.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.