«نطحة سيدوز ويضربون».. أمثال شعبية موريتانية «2»

لا يخفى على أحد ما للأمثال الشعبية من سحر وحضور لا يستهان به، خاصة على ألسنة كبار السن في المجالس والمناسبات العامة أو الخاصة، إذ تعبر هذه الأمثال عن الحدث بطريقة جذابة تلفت الانتباه، وتحملنا معها في رحلة سريعة عبر التاريخ.

«نطحة سيدوز ويضربون»

قصة هذا المثل أن عشائر زنجية جاورت عشائر عربية، فلم تراعِ الجوار، ولم تحسن لضعاف الزنوج؛ ما جعلهم يحقدون عليهم ويبغونهم الغوائل، حتى ظهر فيهم فتى متعدد المواهب كنيته "بابيس" فكوَّن عصابة من الزنج وصار يهاجم العشائر العربية، فأفشى فيهم الذعر واستسلموا لأمره، وصار يفرض عليهم الإتاوات ويجحف عليهم في المغارم، ثم ازداد بغيه وصار يختطف الفتيات العربيات ليمارس معهن الفاحشة.

فضجروا من تصرفاته، ثم اجتمعوا لرد عدوانه دون أية جدوى؛ ما أيأسهم منه وجعلهم ينتظرون ظهور مخلص من بينهم. كان "سيدوز" واحدًا من أبناء هذه العشائر، وقد غادر موطنه لأرض بعيدة طلبًا للعلم، فجاءته الأخبار بما عكر صفو مزاجه، وجعله يقرر العودة لوطنه، مصطحبًا معه خيرة المقاتلين، ومتجهزًا بما تيسر له من بنادق، ليخلص ذويه من سطوة الباغي عليهم "بابيس". فاجتمع حوله فتيان العشيرة، وأقام معسكرات تدريب سرية، ثم هاجم معسكرات "بابيس" حين أكمل العدة، ودارت بين البطلين معارك عدة استعملوا فيها البندقية. وكان النصر سجالًا.

ثم اجتمعا في معركة شرسة تواجها فيها وجهًا لوجه، وتبارزا بالسيف حتى عييا، ثم تصارعا ساعة دون أن ينال أحدهما من صاحبه، لينهضا مجددًا ويشتبكا بالأيدي، وحين سنحت الفرصة لسيدوز ضرب "بابيس" برأسه ضربة أفقدته وعيه، ثم أجهز عليه بسيفه ففرق شمل عصابته وخلَّص قومه من شروره، وصار السيد على قومه بلا منازع وخضع له الزنوج.

يحكي المثل عن عشائر زنجية جاورت العرب فلم يحسنوا إليهم فانتقموا من العرب... وللقصة بقية

وفي هذا يقول الشاعر (من البحر الطويل):

وإني لما نال العشيرة من أذى        لسيدوز قومي الكرام الأماجد

بذلت لهم نفسي لأدفع عنهم           شرار الخلائق الغلاظ الملاحد

فدان لي الجميع لما بدا نصري       تلوح به الأعلام في كل مشهد

و"سيدوز" تحريف زنجي لكلمة "السيد" التي كان يطلقها العرب على زعيمهم. وقد كانوا يقولون و-الشيء بالشيء يذكر- "ظحكة ول حامدين لفكته من عدوه" لمن لم يجد غير التصنع والمداراة حيلة للتخلص من أعدائه.

وقصة هذا المثل أن رجلًا طلبه أعداؤه، فلما أحاطوا به وعلم أنهم لا محالة آخذوه تصنَّع لهم وأبدى ابتسامة عريضة في وجوههم، ثم كلَّم أميرهم وبدأ يقترب منه رويدًا رويدًا حتى نال إعجابه، فعفا عنه وصار من مقربيه.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

أحسنت صنعا ربنا يوفقك دوما
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة