نصائح وإرشادات مهمة لتحسين التركيز لدى طفل التوحد

أغلب الشكاوى التي نسمعها من أمهات أطفال طيف التوحد تتعلق بعدم القدرة على التركيز، ولا سيما عند تدريبه على مهارة جديدة أو كلمات ومفردات لغوية جديدة.

في هذه المقالة نقدم مجموعة من النصائح والإرشاد لأمهات أطفال طيف التوحد من شأنها مساعدة أطفالهن في التركيز والانتباه وتعلم مهارات وكلمات جديدة.

التركيز سلاح طفل طيف التوحد

حقيقة الأمر أن شكوى الأمهات من ضعف التركيز أو غيابه لدى أطفالهن غير صحيح على الإطلاق، بل العكس صحيح، فالتركيز واحد من أقوى المهارات الموجودة لدى طفل طيف التوحد، وإذا أردت التحقق من ذلك عليك مراقبة سلوك وتصرفات طفل طيف التوحد وهو يلعب لعبة محببة، ستفاجأ بأن كل تركيزه في اللعبة.

وقد يجلس الطفل بالساعات وهو يمسك بيده أرقامًا أو حروفًا أو أشكالًا مدة طويلة دون كلل أو ملل، وتجده يصف ألعابه بجوار بعضها بتركيز شديد، بمعنى أن طفل طيف التوحد عندما يحب فعل شيء، يستجمع كل تركيزه وانتباهه في هذا الشيء، فضلًا على قوة الملاحظة لديه.

ويتضح ذلك عندما يتغير ترتيب شيء ما في البيت، كأن نغير مكان مائدة الطعام، أو الأنتريه، أو الصالون، أو حتى مكياج الأم وطريقة تسريحة شعرها، نجده يلاحظ هذه الأشياء بشدة، كيف لنا إذن أن نصف هذا الطفل قوي الملاحظة بأنه يعاني ضعف التركيز؟

اقرأ أيضًا: ما أهمية التدخل المبكر في أداء طفل طيف التوحد الأكاديمي؟

أين المشكلة إذن؟

إذا كان الأمر كذلك، فلم شكوى الأمهات من ضعف التركيز وقلة الإنتاج؟ حقيقة الأمر يتعلق بالدافع من وراء الطلب الذي نخاطب به أطفالنا، جرِّب مثلًا أن تطلب من طفلك شيئًا ما، وتخبره أنه إذا نفذ ما تقول، فإنه سيحصل على قطعة الشوكولاتة التي يحبها، سوف تجده نفَّذ ما يطلب منه وبمهارة كبيرة.

إذن خلق الدافع لدى طفل طيف التوحد أمر ضروري جدًّا، لأنه طفل روتيني كسول، لا يفعل شيئًا دون مقابل، إذا أردت منه شيئًا فعليك أن تعززه بمعزز إيجابي يحبه الطفل.

علينا نحن الآباء والأمهات ونحن نطلب من أبنائنا شيئًا ما، أن نضع أنفسنا مكانهم، إذا طلب منك مديرك في العمل أن تقوم بعمل ما وأنت لا تحبه، ماذا سيكون رد فعلك؟!

هكذا أطفالنا عندما نطلب منهم شيئًا لا يحبونه. ولكن ماذا لو قال لك مديرك في العمل، سوف أطلب منك أن تتأخر اليوم في العمل مدة ساعة لإنجاز مهمة ما، على أن تأخذ اليوم التالي راحة؟ بالتأكيد سوف تجلس هذه الساعة وتنجز العمل المطلوب منك على أكمل وجه؛ نظرًا للمعزز الإيجابي الذي حصلت عليه وهو الراحة في البيت اليوم التالي، ما يعني الراحة من المواصلات وتوفير المال والوقت والجهد والجلوس مع عائلتك وهكذا.

اقرأ أيضًا: أفضل طريقة لتحسين التركيز عند طفل التوحد

طفل طيف التوحد والعمل المجاني

إذن القاعدة التي يجب أن تكون حاضرة في أذهان أمهات أطفال التوحد، أن أطفالهن لا يعملن مجانًا، بل يجب الحصول على مقابل، ومقابل محبب لديهم.

ودعني أخبرك وربما أفاجئك بأن من بين أطفال التوحد من يلتحق بالجامعة ويتزوج وينجب ويمارس حياته على نحو طبيعي للدرجة التي لا يعرف من يتعامل معهم أنهم حالات توحد.

طفل طيف التوحد يفكر بعقله لا بقلبه مثلنا، فالشيء الذي يعود عليه بالمنفعة سوف يقوم به، وعدا ذلك يرفضه، الموضوع بالنسبة له -كما يقول الدكتور أحمد عبد الخالق، اختصاصي تأهيل حالات التوحد- مكسب وخسارة.

لذلك فالطفل التوحدي عندما يكبر ويتخرج في الجامعة ويلتحق بالعمل يحقق نجاحًا باهرًا، حتى وإن كانت علاقاته الاجتماعية بمديريه ليست على أحسن ما يكون، لكنه عملي جدًّا ويؤدي المطلوب منه على أكمل وجه، وهو ما يفسر سر نجاحهم في الحياة العملية، فهم يفكرون بعقولهم لا بقلوبهم.

أحيانًا يعطينا طفل طيف التوحد النتائج التي نتمناها، وأحيانًا أخرى لا، هنا على الأمهات أن تتعامل بذكاء وحكمة مع طفلها، فعندما يقوم بالشيء المطلوب منه، تحتضنه وتقبِّله وتكافئه بقطعة حلوى يحبها، ماذا يُتوقع من الطفل بعد هذا التصرف؟

بالتأكيد يحب تكرار هذا الأمر مرات ومرات؛ من أجل الحصول على المعزز المحبب لديه، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة التنويع بين المعززات التي يحبها الطفل حتى لا يملها.

اقرأ أيضًا: كم ساعة تدريب يحتاج إليها طفل التوحد يوميًّا؟

الخلاصة

إذا أرادت أمهات أطفال طيف التوحد من أطفالهن الاستجابة لأوامرهن، فعليهن أن يقدِّمن المعزز الذي يحبه الطفل، وأن يدركن حقيقة أن أطفال طيف التوحد لا يعملون مجانًا، مثلنا نحن الكبار، هل يعقل أن يذهب الشخص إلى العمل وهو يعرف أنه لن يحصل على راتب نهاية الشهر؟ بالتأكيد لا، هكذا طفل طيف التوحد، لا بد من منحه ما يحب قبل أن نطلب من شيئًا.

وحينئذ يجب على الأمهات أن تكتب قائمة بالأشياء المفضلة والمحببة لطفلها في ورقة، سواء أكانت أكلة يحبها، أم حلوى معينة، أم لعبة بعينها، وأن تُنوَّع هذه المعززات حتى لا يملها الطفل.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة