المشي في ظلام اللّيل يريحنا، عندما تستشعر حواسنا أنّها بمفردها وليس هناك من يراها.
في منتصف الليل عندما يهب النسيم ويدغدغ الخدين فتتناثر تلك الهموم من أكتافنا هنا في هذا الظلام الدامس كانت تمشي حسناء مبتهجة والبسمة تزين ثغرها.
إنه الوقت المفضل لديها فهي من عشاق الظّلام والنّسيم، حسناء هي فتاة حسناء اسمٌ على مسمّى فقد تغنى بها الشعراء لحسنها وجمالها الفتان، وهي الفتاة الكبرى لأبيها.
وبعد أن قضت لحظتها المفضلة في ظلام اللّيل عادت أدراجها إلى بيتها المتواضع الّذي تقطن فيه مع أختيها الاثنتين وأخوها وأبيها وزوجة أبيها، فأمها قد غادرت الحياة منذ فترة.
والد حسناء: حسناء لِم كل هذا التأخير يا ابنتي؟ لقد قلقتُ عليكِ.
حسناء: لقد سهوتُ يا أبي؛ فالنسيم اليوم زاد جماله، والظلام أشتد سواده عن كلّ يوم.
ابتسم والد حسناء: حسنًا اذهبي إلى النّومِ فالجميع قد سبقوكِ إلى النّوم.
حسناء وهي تقبّل رأس والدها: تصبح على خير يا أبي.
تذهب حسناء إلى غرفتها التي تشاركها مع أخواتها وتستلقي على سريرها، وقبل أن تغط في نوم عميق سمعت صوتًا يأتي من سرير أختها الصغرى.
إنّه صوتٌ أشبه بالأنين، نهضت حسناء من سريرها لتمشي بضع خطوات على أطراف أصابعها لتصل إلى سرير أختها لتتفقدها.
حسناء وهي ترفع الغطاء عن أختها: ما هذا أتبكين يا وسن، لماذا؟
وسن وهي تبتلع عبراتها :أريد أمي يا حسناء، إنني أريدها، لم لا تأتي إليّ؟
فأنا لا أحبّ زوجة أبي إنّها قاسية، إنّها لا تشبه أمي أبدًا.
احتضنت حسناء وسن وهي تبكي لحال أختها الصّغيرة.
حسناء: ألم أخبركِ يا وسن بأن والدتنا لا تحبّ أن ترى دموعكِ؟
سوف تحزن إذا حزنتِ يا صغيرتي، والآن هيا امسحي دموعكِ واخلدي إلى النوم.
وسن: صحيح نسيتُ بأن أمي أصبحت نجمة وسوف تراني إذا حزنتُ -تمسح دموعها بكفيها النحيلتين- حسنًا يا أختي لن أبكي مطلقًا بعد اليوم.
حسناء: يا لكِ من فتاة مطيعة.. هيا أغمضي عينيك.
لتغطّا الاثنتان في نوم عميق...
اقرأ أيضًا
-أنت مثلهم.. خواطر أدبية عن الخذلان
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.