نتعرض لأقبح أنواع الألم، ونضطر لمجابهتها كي لا تجابهنا هي ونتحول إلى كرات من الألم، تُركل يمينًا ويسارًا، ونحن لا نملك أي خيار سوى الدوار. قررت أنني لن أُركل مجددًا.
فقد أرهقني التعب. وودت مشاركة ما أملك من الفكر، الذي نهض بي من أعماق البؤس إلى ما أنا عليه. وأتمنى أن تكون نسماتي خفيفة الظل عليكم.
روح
فتاة جالسة خلف القضبان، ماقتة حياتها بسكينة حارقة حوَّلتها إلى كومة رماد. لا راحة بال أبدًا بتأملها للمناظر من خلف قضبانها، فقد وصلت لمرحلةٍ من الحياة باهتة جدًّا ليس بها نبض. وطالت المدة فتأقلمت على اللاحياة بالحياة، فكساها اللون الرمادي بالاعتياد.
تناست قوتها الداخلية، ورضخت لظروفها القاسية، فوهنت قواها كلها.
ورقها متأجج بالدموع، قلمها من فحم بالٍ، تخط بإحباطها على ذاك الورق، على أمل اختفاء معاناتها بخاطرةٍ ما، وتخلصها من سلبيتها السوداوية القاتمة. ولكن لم ينبها عن ذلك سوى فراغ كبير امتد على نحو واسع ليخترق جسدها فيفصله عن روحها. فتمنَّت أن تفرغ حبر روحها على صفحات الحياة، فتنهي ما قد ابتدئ حين حضرت إلى هذه الدنيا.
فحوَّلت أوراق خواطرها لمشرط حاد لتستأصل قلبها، لكنها لم تتأثر بتلك الجراح، فقد ملكت كمًّا هائلًا من اللامبالاة كفيلة بأن لا تشعر بشيء لشيء، فأصبحت جثة تمثل بأنها تعيش.
الحبر على الورق لم يفرغ سوى جزء بسيط من مشاعرها السلبية، والانطوائية بالحروف زادتها حزنًا.
ركود لسنين وبيأس وحزن وألم، اتسعت دوائر مجتمعها لانخراطها بأسرة جديدة، أجبرتها على التعامل فالتأقلم، والتعرض لشتى أنواع المواقف العصيبة.
ومع مرور الزمن أنهكها التعب، فقررت الوقوف أمام تلك المواقف متسلحةً بكسور بذاتها الحادة التي ملَّكتها إياها حياتها آنفًا، فخرجت قليلًا من انطوائيتها، وتعاملت بسلاسة مبهمة مع الآخر، واستطاعت استنباط قوة داخلية مهولة، كانت ثمنًا لما تعرضت له من حزن وألم بتجاربها السابقة، وعرفت قدر ما يحمل عقلها من أساليب للتحايل فالسيطرة على السلبية، وما أدى إلى ظهور قوتها خارجيًّا، فاستخرجت فكرًا جديدًا من أعماقها رسَّخها بأوتاد الحياة وبقوة.
فتحولت من باكية خاطرة إلى نابغة عاقلة، كاتبة.
فقدمت لك ما بين يديك؛ عله يساعدك في فهم ماهية الذات، التي قد تكون منك قد تاهت.
سرد مبدع ... بالتوفيق
اشكرك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.