نحن جميعًا مهرجون

حياتنا اليومية هي رقصة مرهقة من الفرح والمعاناة، الانتصار والخيبات، نتعثر في همومنا ومخاوفنا مرارًا، وننهض كأن شيئًا لم يكن، آملين أن تضحكنا عثراتنا بدلًا من أن تُظهر ضعفنا الحقيقي. إننا مهرجون في ساحة كونية، تحاول إضحاك الجمهور، حتى وإن كانت قلوبنا مثقلة بالحزن والأسى.

نسعى جاهدين بأن نوازن بين مسؤولياتنا وعلاقاتنا ومشاعرنا، نبتعد عن المسار أحيانًا، أو نسقط وتنكسر قلوبنا. ورغم ذلك، نواصل المسير، لأن لدينا أملًا ضئيلًا بأن يدخل عرضنا البهجة إلى قلوب من نحب.

وعلى الرغم كل ما نبذله من جهد، قد ينهار العرض المُخطط له بعناية، فتتحطم دعائم المسرح على الأرض، كاشفة عن الضعف الحقيقي الكامن خلف كواليس العرض، فيتحول الضحك إلى دموع، والهتاف إلى صمت مُحرج، في تلك اللحظة التي تتلاشى فيها الابتسامات المرسومة بعناية، لكي تتجلى كواليس المشهد، ويظهر هذا الخيط الرفيع الذي يربطنا بالواقع بعيدًا عن ما نبديه من قوة ونتظاهر به من سعادة.

ولكن، يجب علينا أن ننهض من جديد، نبعد كل الفوضى ونعيد ترتيب المشهد، ونضع مزيدًا من الطلاء على وجوهنا، وننصب السيرك؛ لأننا نعلم في أعماقنا أن العرض يجب أن يستمر، فما زال لدينا بقايا أمل في أن الضحك، حتى لو كان مُصطنعًا، يمكن أن يسد ثغرات قلوبنا.

ولعل هذا هو ما يجعلنا مهرجين نؤدي أدوارنا بإتقان، نجيد فن صنع البهجة من الشجن، فلا الشوك يمنعنا من قطف الورود، ولا الأذى يمنعنا من نشر الفرح، نمضي بعزم تواجهه سيناريوهات فرضتها الظروف علينا، ونتعامل مع أشخاص لا يشبهوننا، ورغم كل شيء نرسم لوحة من الابتسامات على خلفية من الدموع، مدركين أننا لسنا وحدنا حتى في أكثر لحظات العرض وحدة. جميعنا مهرجون في هذا العرض الكبير، الفوضوي، والجميل المسمى «الحياة». نتعثر ونضحك، نتمنى ونحلم، في حين يهتف الجمهور.

دعونا نرفع الأقنعة عن وجوهنا، ونزيل الطلاء المرسوم بعلامات البهجة الزائفة، ونشعر للحظات بإنسانيتنا، ونكون أنفسنا لنفعل ما نريد أن نفعله وليس الدور الذي نلعبه، نشعر بمن حولنا ونلاحظ الدموع في عيون بعضنا بعضًا، نلتقط أنفاسنا قليلًا، قبل أن نعود إلى ارتداء أقنعتنا ونواصل الرقص مع الحياة، ونرسم من جديد الابتسامات الكاذبة. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.