مًآ هّيَ آلَسِعٌآدٍةّ؟

يذهب الفيلسوف ألان باديو إلى أنّ السعادة قائمة في جوهرها على عدم الرضا وعدم القناعة بنظام العالم كما هو.

ليست السعادة "محبّة القدر" كما قال نيتشه ولا هي أداء الواجب الخلقي كما يتصوّر كانط.

فالسعادة بنظر أفلاطون "يجب أن تقوم على نوع معين من التناغم والانسجام بين الرغبات والأهداف في حالة تعددها".

أما أرسطو فيعرف السعادة وهو يعتقد "بأن السعادة هي اللذة أو على الأقل أنها تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بها "أي اللذة" واللذة بدورها يتم تفسيرها باعتبارها غياباً واعياً للألم والإزعاج".

يقول توما الأكويني "إن السعادة البشرية التامة تكمن في رؤية الجوهر الإلهي، ويقول أوغسطين أن جزاء الفضيلة سيكون هو الله نفسه الذي يهب الفضيلة، والذي نذر نفسه لنا، وليس هناك من هو أفضل أو أعظم منه؛ فالله سيكون غاية رغبتنا وسوف نرى أنه بلا نهاية، نحبه بلا حدود ونمجده بلا كلل".

في كتاب الأخلاق لسبينوزا "1632-1677م" فنجد أنّ السعادة "هي الغبطة التي ندركها حينما نتحرّر من عبوديّة الأهواء ومن الخرافات والأحكام المسبقة".

فـ بنثام ومل يقولان بأن السلوك الصحيح هو السلوك الذي يحدث أكبر سعادة لأكبر عدد ممكن من الناس، وبنثام "يرى أن الخير هو تجربة اللذة بالمعنى الأكثر تداولاً لمفهوم اللذة، وهو المعنى الذي ضمنه كثيراً في إطار التحرر من الإزعاج؛ فهو يرى أن المرء يمكن أن يكون سعيداً بالتناسب مع قدر اللذة التي يمكن أن يحصل عليها".

أما عند الإمام الغزالي فيقول "إن اللذة والسعادة عند بني آدم هي معرفة الله عز وجل" ويكمل "اعلم أن سعادة كل شيء ولذته وراحته تكون بمقتضى طبعه، كل شيء خلق له، فلذة العين الصور الحسنة، ولذة الأذن في الأصوات الطيبة، وكذلك سائر الجوارح بهذه الصفة، ولذة القلب خاصة بمعرفة الله سبحانه وتعالى؛ لأن القلب مخلوق لها".

يذهب الفيلسوف ألان باديو إلى أنه لكي نكون سعداء؛ علينا أن نتمسّك بالرغبة في الفلسفة من أجل تمييز السعادة الحقيقيّة عن سعادة الإشباع.

أما ثالث الأفكار عند باديو فهي "أن تكون سعيداً هو أن ترغب في تغيير العالم.

السعادة عند أرسطو، يرى أرسطو أنَّ السعادة ترتبط بتحقيق الخير، حيثُ تتحدد باللذة، وهي الفضيلة التي تقود الفرد إلى السَّعادة بقوىً إراديّة من خلال اتباع الاختيار الذي يدفعه إلى التأمل، وأكد أرسطو أن السعادة الحقيقية تتحول إلى العشق الميتافيزيقي وإلى السعادة الفكريّة والروحيّة، ويرى بأنّ السعادة عبارة عن مسألة جماعيّة وليست فرديّة، ولكل شيء غاية، وغاية السياسة هي السعادة، ويقترح منهجاً تركيبيّاً نسبياً ومطلقاً يؤدي للوصول إلى الخير الأسمى والأكبر؛ لذلك يصنف أرسطو السعادة إلى أنواع وهي: السعادة المرتبطة باللذة الحسيّة وتكون في نظره عند السواد الأعظم من الإنسان الأكثر غلظة وقساوة، والنوع الآخر هو السعادة المرتبطة بالشرف والتشريفات وتوجد عند الطائفة السياسيّة، والنوع الأخير هو الذي يقيم السعادة على أساس من التأمل، كما ويرى أرسطو صعوبة الإقرار بمدى سعادة الفرد بعد موته، لأنّ ذريته وسلالته قد تشقى بعد موته؛ لذا فالسعادة مسألة حكمة وتريّث، ومسألة عقل وفكر خاصة في الجانب المتعقّل من الفرد.

كما ويطرح الفارابي أنّ السعادة غير متوفرة في عالم الحس وأننا لا نولد سعداء؛ إنما هي في التفكير والفهم والوعي الفكريّ العميق للأشياء، مما يعني هذا أنّ السعادة ممارسة للتفكير والتأمل والاحتكام إلى المنطق بالتمييز بين الصحيح والخاطئ، وقوة التمييز هذه مرتبطة بقوة الذهن على تحصيل الصواب الذي نأخذ به، الباطل الذي نتجنّبه.

السعادة عند ابن مسكويه ويرى أنّ السعادة جسميّة ونفسيّة في الوقت نفسه، لأن الطبيعة الإنسانيّة ذات نفسيّة تعكس الفضيلة والروحانيّة، فالسعادة الدنيويّة في نظره ناقصة لانطلاقها من عالم الحِس، فلا بد من تعرض صاحبها للألم والحسرات، فمثلاً حتى نشعر بلذة الطعام لا بد من أن نشعر بألم الجوع، وحتى نشعر بسعادة المال لا بد من العمل بتعب حتى تحصيله، والسعادة الأخرويّة هي الأفضل والأكمل، لأنّ صاحبها يتمتع بالخير، فهو مُقيم بروحه الداخلية بالقرب من الملأ الأعلى، حيثُ يستنيرُ بنور الإله القادر؛ لذلك فالفرد يكون بعيداً عن الألم والحسرات الدنيويّة التي تُشقيه فالأخلاق هي غاية السعادة، فلا بد من تهذيب الخُلق وتقويمه للوصول إليها، والبحث عن السُّبل للمحافظة عن الأخلاق السليمة.

برتراند راسل "من بين كل أنواع الحذر، الحذر في الحب هو الخطأ الأكبر الذي يمنع الوصول للسعادة الحقيقية"

"برتراند راسل المحب للرياضيات والعلوم والمنطق، يخرج عن المألوف ليخوض نقاشا جدليا كالسعادة" فكرته: يرى أن السعادة يمكن إيجادها في الاستسلام للشعور العميق بالحب، ويبدو أن العلم المعاصر يؤيد رأيه.

فريدريك نيتشه "السعادة هي الشعور بأن قوتك تزداد"، "الفيلسوف الألماني كتب كثيراً عن أثر السلطة أو انعدامها في الخبرات الحياتية للفرد، فعندما يقاوم الناس يستعيدون إرادتهم، فيتولد شعور بالذات يمكن أن يتحول إلى السعادة، "نيتشه ذو الشارب المميز يرى أن السعادة تأتي من سلطة لدى الفرد على ما حوله.

سقراط "سر السعادة ليس في السعي للحصول على المزيد، إنما بتنمية قدرتك على الاستمتاع بالقليل"، "سقراط هو أحد أعظم الفلاسفة القدماء، ويعتقد أن السعادة لا تأتي من المكافآت الخارجية، إنما تأتي من النجاح الداخلي الخاص بالفرد، بتقليم احتياجاتنا يمكننا تعلم تقدير المبهجات البسيطة.

جون ستيوارت ميل "تعلمت أن أجد السعادة من خلال الحد من رغباتي، عوضا عن محاولة إشباعها كلها"، "جون ستيوارت ميل أحد رموز الحداثة، نشر ترنيمة الحرية في أقواله"، تبنى ميل حكمة اليونان القدامى عن السعادة، وآمن بالمنطق النفعي للوصول للشعور بالسعادة، آمن باستخدام الأشياء لغاية، وما لم تكن له فائدة أو استخدام حقيقي قرر استئصاله من حياته.

كونفوشيوس "كلما تأمل الإنسان في الأفكار السعيدة صار عالمه أفضل"، "تردد مفهوم كونفوشيوس عن السعادة على مر العصور، على سبيل المثال تجده في كتاب "قوة التفكير الإيجابي"، وفي الدراسات الحديثة في مجال العلاج النفسي السلوكي الذي يساعد الناس في إدراك الارتباط بين أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم"، يعتقد كونفوشيوس أن السعادة "نبوءة محققة لذاتها"، تتجلى في حياتنا كلما أوجدنا الظروف المناسبة لتحقيقها.

سينيكا "أعظم النعم للبشرية في أنفسنا وفي متناولنا، الرجل الحكيم يسعد بما لديه أيا كان ولا يتمنى ما لا يملكه"، "سينيكا المحبوب من عباقرة الفلسفة المعاصرة، فقد آمن بما يطلق عليه علم النفس اليوم "موقع مركز الضبط"، "يكون مركز "التوجيه" لدى بعض الناس خارجياً، فيشعرون أن القوى الخارجية هي ما يرشدهم، أما البعض الآخر يكون مركز توجيههم داخلياً.

هنري ديفيد ثورو "السعادة كالفراشة، كلما طاردتها فرت منك، لكن إذا انشغلت عنها بأشياء أخرى ستأتيك هي".

كاتبة

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

بسم الله والحمد لله..
مقال جميل بل اكثر من رائع
كل الآراء فيها وجهات نظر تحترم لكن دائما هناك اراء تتوافق معنا ونتفق معها حتى وان لم تكن تحمل القناعات الكاملة لنا وهذا هو الأى التى توافق مع أكثر من أقرانه في كتاب الأخلاق سبينوزا "1632-1677م" فنجد أنّ السعادة "هي الغبطة التي ندركها حينما نتحرّر من عبوديّة الأهواء ومن الخرافات والأحكام المسبقة"في كتاب الأخلاق سبينوزا "1632-1677م" فنجد أنّ السعادة "هي الغبطة التي ندركها حينما نتحرّر من عبوديّة الأهواء ومن الخرافات والأحكام المسبقة"..تقبلوا من فضلكم تحياتى وتمنياتى بالتوفيق..

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

نبذة عن الكاتب