من السور إلى السوق حضارة واحدة.. أمة واحدة

في أثناء مشاهدة البرامج الوثائقية، أو حتى الصور المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، لن تستطيع في بعض الأحيان معرفة ما هذه المدينة؛ فقد تختلط بعض المدن مع بعضها، من القاهرة ومدن الشام وبغداد ومدن المغرب.

ربما فقط تستطيع أن تتبين البلاد بفعل الملابس التقليدية القديمة.. أما الأسوار والأسواق والمآذن فنادرًا...

نعم كان لكل بلد طابع في معالمها، ولكن الغالبية مشابهة لبعضها بعضًا، حتى في الأفلام الغربية كانوا يصورون بلاد العرب في شكل واحد، لمجرد النظر تدرك أنها بلاد العرب، وقد تشترك معهم بلاد الفرس (إيران) وتركيا؛ وهذا بفضل طابع الحضارة العربية عليهم وطابعهم على البلاد العربية.

 فقد قامت في بلاد العرب دول إسلامية عدّة، اتخذت في الغالب عواصم مختلفة، وغيَّرت في بعض المظاهر ولا سيما في العمارة، ولكن يبقى القالب واحدًا.

اقرأ أيضًا: لا يزال العرب والمسلمون مصدرًا لإلهام بلاد الغرب

والسؤال: كيف حمل العرب هذه المظاهر من المحيط إلى الخليج في عصور ما قبل الإنترنت والصور الفوتوغرافية والاتصالات المباشرة! كيف تقف أسوار القاهرة القديمة بهيئة أسوار عكا والقدس وبغداد وحلب وفاس نفسها؟!

هل تجول المهندسون والبناءون في مدينة تلو الأخرى؟ ربما...

ولماذا تشبه الأسواق في الغالب بعضها بعضًا، وإن اختلفت في البضائع؟ 

الجواب عزيزي أنها كانت تسمى بلاد العرب، يتنقل فيها الرجل بأريحية، فيغادر الشام لينشئ بيتًا في القاهرة ويستقر فيها بالعمل أو بالتجارة، وآخر يأتي من بلاد المغرب حتى القدس يتخذها موطنًا.. لم يسأل أحد آخر لماذا جئت؟ ولم يرَ أحد موطنه حكرًا عليه.

وإذا افتقرت أراضٍ كانت سلة الغذاء في أراضٍ أخرى... وإذا قلَّ العمل في بلد توفر في بلاد أخرى.. وكان طلبة العالم يغادرون إلى بغداد والقاهرة، ولم تغلق بغداد مدارسها، ولم تغلق القاهرة أبوابها، ولم يبخل أحد بعلمه على أرض لم يولد فيها.. فقد يأتي العالم من بغداد ينشر علمه حتى أقصى المغرب والأندلس.. في حين تتجول قصائد شعراء الأندلس في بلاد العرب حتى وصلت إلينا.

كانت بلادًا ممزوجة بعضها ببعض..

هذا طعام أهل مصر انتقل إلى بلاد الشام، غيَّروا أحد أصنافه بآخر متوفر في بلادهم.. في حين جاء طعام لم يعرفه أهل القاهرة من قبل بفضل إحدى العائلات الشامية التي أقامت فيها.. وهذا تاجر مغربي مرَّ بهذه السوق وتذوق فأُعجب فنقل إلى بلاده.

وهذا عدوان غربي يحدث في الجامع الأزهر فيتصدى له طالب علم حلبي، وهذا موسم الحج فيتجهز المحمل من القاهرة حتى مكة محملًا بكسوة الكعبة الشريفة.

وهذه مدينة فاس تمتزج جدرانها بعرق أهل المغرب والأندلس معًا.

اقرأ أيضًا: هُنا القاهرة... كيف أثّرت إذاعة صوت العرب في مقاومة الاستعمار في العالم العربي؟

بلا شك لن أستطيع أن أُحصي التاريخ العربي المشترك من عصر الفتوحات حتى التقسيمات.

ولكن أسأل سؤالًا: هل الحدود التي وضعها المحتل الغربي جعلت العرب يغلقون أبوابهم في وجوه بعضهم بعضًا؟ منذ متى ومصطلحات العنصرية انتشرت في بلاد العرب؟ منذ متى والناس يخشون إضاعة أرزاقهم باستقبالهم غيرهم؟!

مَن غيَّر أفكار الكرم عند شعوب العرب؟ 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة