لا شك أن من أجمل اللحظات التي يحياها أي كاتب هي اللحظة التي يتجسد فيها كتابه أمام عينيه كطفله الوليد الذي يراه كائناً من لحم ودم، بيد أننا قبل هذه اللحظة الفارقة علينا المرور بعدة مراحل. جسوراً يجب أن نعبرها لنصل إلى وجهتنا التي نسعى إليها. وعليه فسوف أصطحبك عزيزي القاريء على متن مقالي هذا في رحلة موجزة نحو كتابك المنشود
أولاً حدد هدفك
لكل منا شغف ما. إما في مجال كتابة الشعر أو القصة أو الرواية أو التكنولوجيا أو أي مجال آخر. فخطوتك الأولى هي التعرف على جواهرك المخبأة بداخلك لتبدع فيما تحب، وكل منا لديه شيئ ما يستطع أن يبدع فيه ويتميز به عن غيره. فقط عليك التفتيش في أعماقك لإكتشاف ذلك. وعندما تتعرف جيداً على هوايتك فهيا بنا لننتقل لخطوتنا التالية.
ثانياً القراءة والإطلاع
من خلال الانترنت أصبحنا الآن بضغطة زر نستطيع أن نثقف أنفسنا في أي فن ومجال نرغبه من خلال الفيديوهات أو المقالات المنشورة أو الكتب الأليكترونية المتاحة بصيغة pdf، والإطلاع والقراءة هما وقود أي كاتب ، فهناك حكمة شهيرة تقول "إقرأ ألف كتاب لتكتب صفحة"، فقبل أن تشرع بخط كلمة في كتابك وجب عليك الإطلاع جيداً والقراءة لكي تصدر عملك في الشكل اللائق ويكون قادراً على منافسة غيره من الكتب.
ثالثاً موضوع الكتاب
فها نحن الآن قد هددنا مجالنا وقمنا بالدراسة والإطلاع قدر المستطاع في ذلك المجال. خطوتنا الآن هي تحديد موضوع الكتاب المزمع إصداره. فلتسأل نفسك سؤالاً إذن ما الجديد الذي أستطع تقديمه؟ عليك الإجابة على تلك السؤال كي تخرج بفكرة مميزة تكون هي محور الكتاب وعموده الفقري وبناءاً على هذه الفكرة الجديدة عليك إختيار عنواناً جذاباً للكتاب يلفت نظر القاريء إليه فعنوان الكتاب هو الوسيلة الأولىفي جذب القاريء.
رابعاً رؤوس الأفكار
الكتاب كالبناء الشامخ المكون من عدة طوابق، لكي يخرج البناء متناسقاً جميلاً يتم أولاً قيام المهندس المدني بإعداد رسم هندسي للبناء بالكامل، يتم بناءاً على ذلك الرسم القيام بالبناء. فبعد أن حددنا موضوع الكتاب وعنوانه نقوم بعد ذلك بسرد الأفكار التي سيحويها كتابك على هيئة نقاط، قم بترتيب تلك الأفكار ترتيباً يخدم الفكرة الرئيسية ويسهل على القاريء مواصلة القراءة بلا ملل أو شرود. حاول أن يحتوي عملك على رؤوس أفكار عديدة لأن ذلك فيه إثراءاً للعمل فالقاريء عادة يبحث عن أكبر قدر من المعلومات والأفكار في كتاب واحد.
خامساً الكتابة
إذا كنت قد إجتزت جميع المراحل السابقة بنجاح فلتعلم أن هذه المرحلة بالرغم من أنها تبدو مهمة جداً إلا أنها ستكون يسيرة. نعم فبعد إطلاعنا الجيد في المجال الذي نحبه وبعد إنتقاءنا الفكرة المتميزة وإختيارنا عنوان الكتاب بعناية ثم كتابتنا رؤوس الأفكار التي سيبنى عليها الكتاب سيكون التحرك في طيات تلك الأفكار التي وضعناها سابقاً. فعينا الآن خدمة هذه الأفكار بمواصلة القراءة والإطلاع والإستشهاد بالمراجع والمصادر، وجب التنويه أيضاً على أهمية أن تقوي لغتك العربية بكثرة القراءة والمطالعة. فاللغة هي وعاء العلم . فأياً كان نوعية المجال الذي ستكتب فيه فللغة سحر خاص يضفي جمالاً وقيمة على إصدارك. وبعد أن نستوفي كل فكرة ننتقل إلى الفكرة التي تليها حتى ننجز العمل بأكمله.
ساساً التنسيق والمراجعة اللغوية
تقوم دار النشر غالباً بتلك المهام إلا أنه من المستحسن أن تكون ككاتب على دراية بتلك الأمور قدر الإمكان، فتقوم بتنسيق عملك المكتوب في ملف الوورد بتنظيم كل صفحة ووضع علامات الترقيم من فواصل ونقاط وعلامات استفهام مع قيامك قدر المستطاع بعملية التدقيق اللغوي.
سابعاً لا خاب من استشار
بعد أن أنجزت عملك لا تتسرع في عملية النشر قبل أن تعرض الكتاب على أكثر من قاريء ليعطيك رأيه في الكتاب ويفيدك بملاحظاته عن كل جزء وفكرة، وراع التنوع في إختيارك لهؤلاء القراء. إجعل بينهم المتخصص والقاريء العاديء والقاريء المتوسط حتى تحصل على آراء متنوعة تجعل كتابك مرضياً ومناسباً لكل القراء بمختلف ثقافاتهم وأذواقهم.
ثامناً النشر
بعد أن حصلت على ملاحظات من استشرتهم وقمت بسد الثغرات وإضافة اللازم من الأفكار وتوضيح المبهم ستكون أنت الآن مستعداً لنشر كتابك. وهذه المرحلة من أخطر المراحل فكم من كتاب قيم ذهب أدراج الرياح بسبب سوء اختيار دار النشر. ودور النشر الجيدة بصفة عامة تقاس بمعيارين رئيسيين هما:
1- المصداقية
فقد انتشر النصب في مجال النشر، وأصبحنا نقرأ كل يوم عن دار نشر جمعت الأموال من الكتاب ولم تفي بعقودها معهم. لذا فمن الضرورى اختيار دار النشر التي تفي بالتزاماتها مع الكاتب في جودة الطباعة والتوزيع وتسليم الأرباح حسبما نص العقد.
2- القوة
تقاس دور النشر الكبيرة والقوية بحسب قدرتها على الانتشار داخل مدن دولتك وخارجها، وحرصها الدائم على التواجد في جميع معارض الكتاب التي تقام على مدار العام.
فقبل التعاقد مع دار النشر عليك بالتقصي جيداً وذلك بالتواصل مع الكتاب اللذين قد سبقوك في التعامل مع هذه الدار لكي تطمئن من جهة المصداقية وقوة التوزيع وكلا المعيارين هامين ولا تنازل عنهما بأي حال.
إكتب في قائمة دور النشر الجيدة التي تعرفت عليها بعد قيامك بالتحري عنها وإبدأ بمراسلتها على الايميل الخاص بكل دار. بعض دور النشر لن تقوم بالرد والبعض سيقوم بالرد بعد قراءة العمل بالرفض أو القبول.
ونكون بذلك قد قمنا باستعراض سريع لكافة المراحل اللازمة لخروج كتابك إلى النور.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.