يتساءل بعضنا عن نقطة البداية أو الانطلاق في تربية الأبناء، وفي أي مرحلة تبدأ، هل تبدأ عندما يستطيع الطفل النطق والكلام؟ أم عندما يصل لمرحلة البلوغ؟
في هذه المقالة نُجيب على هذه التساؤلات التي تشغل بال كثيرين حول نقطة الانطلاق في تربية الأبناء.
قد يهمك أيضًا: نشأة التربية الأخلاقية في التربية الحديثة
اختيار شريك الحياة
قد يبدو غريبًا لبعضنا أن يكون اختيار شريك الحياة نقطة الانطلاق نحو تربية الأبناء تربية صالحة؛ وذلك لأنه عندما تختار شريك حياتك، فيجب عليك أن تضع في اعتبارك أنه سيكون أبًا أو أمًا لأولادك في المستقبل، فإذا أحسنت اختيار الزوجة، بورك لك في ذريتك.
تمامًا كالفلاح عندما يرغب في وضع البذرة، يختار قبل كل شيء التربة الصالحة؛ لكي تنمو هذه البذرة وتثمر، وهذا غاية الزواج، أن تستأنس بشريك حياتك، وأن يكون أبًا أو أمًا صالحة لأبنائك.
ولكي تحسن اختيار شريك حياتك، يجب أن تضع في حسبانك مواصفات هذا الإنسان – زوجًا كان أم زوجة – ووفقًا لها تختار الأنسب لك الذي ترى فيه نصفك الآخر.
الواقع يُظهِر أن بعض الشباب والفتيات لا يحسن اختيار شريك الحياة، وهو ما تظهره الإحصائيات الرسمية لحالات الطلاق في مصر التي تخطَّت خلال السنوات الأخيرة ربع مليون حالة سنويًّا، وهذا دليل بكل تأكيد على سوء الاختيار من الطرفين والانخداع بالمظهر أو الشكل الخارجي.
قد يهمك أيضًا: مشكلة الكذب لدى الاطفال وعلاجها
حب دون تدليل
الحب هو جوهر العلاقة الإنسانية بين أي شخصين، سواء بين الزوجين، أو الأبوين والأبناء، حبذا لو كانت في اتجاهين لا اتجاه واحد؛ بمعنى أنه ليس كافيًا أن يحب الأب ولده، فهذه فطرة عليها أغلب الناس، ولكن يجب أن يحب الأبناء الآباء، وهذا لن يحدث إلا إذا كانت العلاقة بينهما قائمة على الاحترام المتبادل، بمعنى أنه كما يحترم الأبناء آباءهم، على الوالدين كذلك إظهار الاحترام لشخصية أطفالهم.
ولا يأتي ذلك إلا باحترام شخصية الطفل ورأيه ووجهة نظره، وتجنب فرض أي شيء بالقوة والإجبار بالسلطة الأبوية، فهذه وإن كانت تخيف الطفل وتجعله يستمع لتعليمات الأب، غير أنها تضع حواجز وعراقيل بين الطرفين، في وقت يكون الوالدان بأمس الحاجة للاقتراب من أبنائهم والاستماع إليهم.
وكذلك من شروط الحب بين الوالدين والأبناء، ألا يكون مشروطًا أو مقيدًا، فلا يقل الأب أو الأم للطفل أنا أحبك لأنك مطيع، أو لأنك ولد مهذب، أو لأنك متفوق في دراستك، أو لأنك مطيع وتسمع الكلام، ولكن أنا أحبك لأنك ابني وكفى.
يجب ألا يصل مفهوم الحب المشروط لطفلك؛ لأن ذلك من شأنه أن يصيبه بعدم الأمان والخوف دومًا من فقدان حب والديه بسبب تصرفاته غير المقبولة من وجهة نظرهم، ويجعل شخصيته مهزوزة.
في المقابل، التدليل الزائد، وإجابة كل مطالب الأبناء، لا تربي طفلًا سويًّا، لكنها تخرج طفلًا اتكاليًّا يعتمد على والديه في كل شيء، ليست لديه القدرة على اتخاذ القرار السليم، ولا يحسن التصرف في المواقف المختلفة التي يوضع فيها ويجد نفسه أمام اختيار.
إذن، فالاعتدال في المحبة مطلوب من جانب الوالدين، وإظهار هذه المشاعر والتعبير عنها للطفل أمر في غاية الأهمية، فليشبع كل أب وكل أم احتياجات أبنائهم من الحب والعواطف الجياشة، ولكن دون إفراط أو تفريط؛ لأن الوسطية والاعتدال سر التربية السليمة للأبناء.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.