ملخص كتاب «12 قاعدة للحياة ترياق للفوضى».. الجزء الثاني

وها نحن نواصل رحلتنا الفكرية لاستكشاف ملخص ثلاثة قواعد أخرى تُساعدنا في بناء حياة ممتلئة بالمعنى من كتاب «12 قاعدة للحياة ترياق للفوضى»، فقد تناولنا بالجزء الأول الإجابة عن أسئلة مثل: كيف تؤثر مواقفنا وثقتنا بأنفسنا في مسار حياتنا، وأهمية التعامل مع أنفسنا بلطف واحترام، وأخيرًا، كيف نختار أصدقاء يدفعوننا نحو الأفضل. قارئي الكريم، استعد لجرعة جديدة من الحكمة المفعمة بالممارسات العملية التي قد تغيِّر نظرتك تجاه كثير من نواحي الحياة من أول نفسك التي بين جنبيك إلى الطريقة المثلى لتربية ابنك والحياة بصورة عامة.

الفصل الرابع: السعي إلى الوصول لأقصى الطموحات عبر منافسة الذات

كم مرة تجد نفسك تقارن إنجازاتك بإنجازات الآخرين؟ سواء أكان ذلك بنية الشعور بالرضا عن مدى إنتاجيتك بعبارات مثل: "حسنًا، في الأقل أدائي كان أفضل من أداء فلان وفلان!"، أم بإحباط نفسك بتعليقات مثل: "لن أفوز بتلك الجائزة كما فعل كذا وكذا"، فإن هذا النمط من التفكير إثمه أكثر من نفعه؛ لأن المقارنة تقتل قدرتك الداخلية على المضي قدمًا. وعلى هذا، من المهم هنا توضيح عدم سيان المقارنة والنقد الذاتي.

فالنقد الذاتي مفيد (في حدود معينة) عندما يدفعك لتقييم عيوبك بواقعية، وتحديد النقاط التي يمكنك تحسينها، وهذا ما يحفزنا للعمل، ولكن النقد الذاتي يتحول إلى شيء قبيح عندما يُشوَّه بعدسة المقارنة بالآخرين. فبدلًا من أن نسأل أنفسنا عما يمكننا القيام به للتقدم فوق آخر ما أنجزنا، تدفعنا المقارنة إلى قياس أنفسنا بمعايير الآخرين.

قارئي العزيز، ستجد أن هذا المنظور يتجاهل لحظات النمو والتطور التدريجي اليومي إلى الأهداف بعيدة المدى، ويستبدل بالتقدم فكرة العالم أبيض وأسود، إما النجاح أو الفشل. وإذا اكتشفنا أننا لا نرقى إلى مستوى إنجازات الآخرين، نستنتج أننا فشلنا للأبد، ولكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك؛ لأننا إذا أخذنا خطوة إلى الوراء ونظرنا إلى الصورة الكبيرة، سنتمكن من رؤية كل جانب من حياتنا بوضوح، والاعتراف بالمعالم الصغيرة والشخصية التي تستهدف نمونا الفردي.

بالتأكيد، ربما حصل زميلك في العمل على الترقية عوضًا عنك، ولكن ربما، بدلًا من إعطاء الأولوية لمسيرتك المهنية، لقد كنت في الوقت ذاته تعمل على تطوير علاقتك بأسرتك؛ لأن ذلك كان هو الشيء المناسب في هذا الوقت بالتحديد.

نافس ذاتك وتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين

لذا، يجب أن تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين، وبدلًا من ذلك قارن نفسك بآخر إنجازاتك وإنتاجيتك. عليك مراجعة نفسك آخر كل يوم بتأمل هذه الأسئلة: هل أنا أفضل اليوم مما كنت عليه بالأمس؟ هل أرغب في أن أكون أفضل غدًا مما كنت عليه اليوم؟ إذا كانت الإجابة نعم (ويجب أن تكون كذلك!)، فإن هذا هو السر للحفاظ على نفسك والسير في الطريق القويم بعيدًا عن طريق المقارنة المحفوف بأشواك الحقد والغيرة، ولأنك عندما تقارن حاضرك بماضيك، ستدرك أنك تنمو بطريقة تناسبك وبالسرعة التي تلائمك، وستتمكن من تقدير تلك اللحظات الصغيرة للنمو التي تُعد حاسمة في تطوير أفضل نسخة من نفسك، وستبدأ في استيعاب الجوانب الفريدة في حياتك التي تجعل تقدمك خاصًّا بك وحدك لسرد قصة طموحاتك بطريقتك الخاصة التي لن يشاركك فيها أحد.

لذلك، قِس تقدمك الشخصي فقط وفقًا للمعايير التي تنطبق عليك. وفي أثناء تقييم تطورك، فكِّر في نفسك وكأنك مفتش منازل. تمامًا كما يفحص المفتش كل شيء من الأساس إلى السقف، حلِّل كل شيء في ذاتك لتحدد ما إذا كان العيب يحتاج إلى إصلاح سطحي أو معالجة جذرية. أعدَّ قائمة بكل ما يحتاج إلى تحسين، ثم ابدأ بالسير نحو إنجازها لكي تجدد نفسك بالطريقة ذاتها التي يُرمم بها منزل قديم. وستجد الجزء الأفضل في الرحلة عندما تُركز بالكامل على أن تصبح الشخص الذي تصبو إليه، وحينها لن تجد وقتًا للتفكير في مقارنة نفسك بالآخرين!

الفصل الخامس: نشِّئ ابنك على تحمل المسؤولية والأخلاق الحميدة 

تُعد الطريقة المُثلى لتربية الأطفال إحدى أعقد القضايا في الحياة التي دومًا ما تؤرق الآباء الذين يسعون جاهدين لتحقيقها. ولأن عقول أطفالنا تأتي إلى هذا العالم كالصفحات ناصعة البياض، فإننا غالبًا ما نقف مشدوهين أمام مثل هذا السؤال: ماذا نكتب على هذه الصفحات التي ستؤثر في أجيال المستقبل؟ يقترح دكتور النفس العصبي نيباور أن نقطة البداية للإجابة عن هذا السؤال تكمن في الاعتراف بالطبيعة العدوانية الفطرية لدى البشر.

ندرك جميعنا كيف يمكن للأطفال أن يكونوا قاسين مع بعضهم بعضًا؛ فمعظم الناس لديهم ذكريات عن تعرضهم للتنمر في مرحلة ما من طفولتهم. لذا، ماذا لو كان شغلنا الشاغل هو تربية أطفال طيبين؟ يرى نيباور أن غرس الطيبة يتطلب أكثر من مجرد أن تكون أعز صديق لطفلك. ففي الواقع، تقتضي التربية الناجحة أحيانًا المخاطرة بعدم رضا طفلك عنك لبعض الوقت، على الرغْم من أن تلك الحقيقة قد تكون مؤلمةً بعض الشيء. تأمل للحظة فقط كيف قد تؤثر هذه الطريقة في التربية إذا كان تركيزك منصبًّا على أن تكون أفضل صديق لطفلك، فإنك لن تهتم بفرض القواعد؛ بل ستنحصر وظيفتك في التأكد من أنه سعيد دائمًا ولا يشوب ضميره شائبةٌ.

نشِّئ ابنك على تحمل المسؤولية والأخلاق الحميدة

لكن هذا لن يساعد طفلك في أن يصبح ناضجًا أو محبوبًا. لذا، فمع أن وضع الحدود وفرضها قد لا يكون ممتعًا، تذكر أنك تقدم خدمة عظيمة لطفلك قي تعليمه دروس الحياة مبكرًا. ففي نهاية المطاف، أليس من الأفضل أن يتعلم طفلك المسئولية على يد والد لين الطبع بدلًا من مجتمع قد يعلمه إياها بطريقته الخاصة؟ لذا، إذا كنت تتطلع إلى مساعدة طفلك ليصبح أفضل نسخة من نفسه، إليك أهم نصائح دكتور علم النفس العصبي نيباور للتربية الناجحة:

أولًا: تجنب الإفراط في فرض القواعد 

بينما تُعد القواعد ضرورية للغاية، فإن الإفراط في فرضها يحبط الطفل ويتركه وكأنه محاصر بالعوائق ومُضيق الخناق. فبدلًا من التحكم في تفاصيل حياته الدقيقة عند فرض قواعد مثل: "يجب أن تتطابق جواربك دائمًا" أو "عليك النوم في هذا الوقت كل يوم"، ركِّز أكثر على القواعد العملية التي تنطبق على العالم الواقعي مثل احترام الآخرين، والتحلي بالخِلال الطيبة، وعدم استخدام العنف إلا في حالة الدفاع عن النفس.

تذكر أيها القارئ سواءً أكنت أبًا أم أمًّا أن هذه القواعد ستُسهم في تشكيل القيم الأساسية لطفلك، وبصراحة، هل تفضل أن يكون لديك طفل مسئول ومتحلٍّ بالأخلاق الحميدة، أم "وحش شقي وخانع" جواربه دائمًا متطابقة؟

ثانيًا: استخدم أقل قدر من الحدة

احرص على وضع قواعد واضحة مع عواقب واضحة، واهتم بجعل العقوبة تتناسب مع الفعل. تتطلب معرفة العقوبات الأكثر فاعلية في تعليم الطفل كأسلوب العقاب بالزجر فهمًا عميقًا لشخصية الطفل. لذا، تعرَّف على شخصيته الفريدة، وافهم متى تكون الملاحظات اللفظية كافية، ومتى ينبغي حرمانه من ألعاب الفيديو مدة أسبوع.

الفصل السادس: الحياة ليست عادلة

"لماذا تقسو الحياة أحيانًا على من لا حول لهم ولا قوة؟"

 هذا السؤال هو أحد ألغاز الحياة القديمة والموجعة الذي لم نجد له حلًّا حتى اليوم، وغالبًا ما يكون السبب في الظلم المنتشر، سواء على المستوى الشخصي أو العالمي، ويبدو فعلًا ذلك الخيار الأسهل. ولكن هذا ليس الرد المناسب على معاناة إخواننا في شتى بقاع الأرض التي طال عليها الزمان غير المُنجلي، والاستسلام لليأس ليس الحل كذلك؛ "فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس"، كما قال المُكافح والكاتب الصحفي مصطفى كامل باشا.

على الرغم من أن كلا هذين الردين مغريان للنفس، فإن تجنب ردود الفعل المتطرفة أمر ضروري للحفاظ على نمط حياة متزن. لكن الكاتب الروسي الشهير ليو تولستوي لم يكن يرى الأمور بهذه الطريقة. بل اقترح أن الظلم في العالم يثقل كاهل العقل البشري لدرجة أن أربعة ردود فعل فقط يمكن عدُّها مناسبة ومفحمة.

وفقًا لتعريفه، تمثَّلت هذه الردود في الجهل الطفولي، والبحث عن الملذات الحسية، والانتحار، أو إقرار مواصلة الكفاح والتصدي للحياة على الرغْم من كل شيء. ولكن، هل هذه هي الخيارات الوحيدة؟ يبدو أن البعض قد تبنوا هذا المنظور الكئيب من المآسي المتكررة التي شهدت أشخاصًا ينهون حياتهم بعد قتل آخرين في حوادث إطلاق نار جماعي. وبحلول يونيو 2016، أظهرت الإحصاءات أنه قد وقع أكثر من ألف حادث إطلاق نار في الولايات المتحدة خلال 1,260 يومًا فقط. في كل حالة من هذه الحالات، قتل الجاني أربعة أشخاص أو أكثر قبل أن ينهي حياته.

وعلى الرغم من سوداوية هذا الخبر؛ فإنه لا ينبغي أن يدفعنا إلى فقدان الأمل أو الاعتقاد بأن البشرية بطبيعتها شريرة. هذه هي القاعدة السادسة لبيترسون للحياة الذي يدعو الناس فيها إلى تحمل المسؤولية عن حياتهم وأفعالهم قبل أن يدينوا العالم. باستلهام فلسفة الكاتب الروسي ألكسندر سولجينتسين، يؤكد بيترسون أنه يمكن رفض قسوة الحياة حتى لو عايشتها بنفسك. هذا ما تعلمه سولجينتسين بعد أن ناضل بشدة ضد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، ليجد نفسه معتقلًا من قِبل دولته بعد انتهاء الحرب.

لا ينبغي أبدًا فقدان الأمل في البشرية

قد تظن أن الحياة في أحد معسكرات الاعتقال الروسية كانت أسوأ ما يمكن أن يواجهه سولجينتسين، لكن تفاقم الأمر عندما اكتشف في أثناء قضاء عقوبته أنه مصاب بالسرطان. ومع ذلك، رفض سولجينتسين الانغماس في الحَنَق والمرارة النفسية. بل فضَّل التركيز على نقاط الخير في الإنسانية، واستغل وقته في السجن للبحث عن فرص ليخلف تأثيرًا ينفع الناس خلال ما تبقى له من حياته. فكان من بين إنجازاته تأليف كتاب أرخبيل غولاغ الذي كشف بشدة عن واقع معسكرات الاعتقال السوفيتية.

لم يمنح هذا الكتاب سولجينتسين هدفًا جديدًا في الحياة فحسب، بل أدى دورًا محوريًّا في تقويض الدعم الشعبي للشيوعية الستالينية. وكما كتب الشهيد والمكافح الفلسطيني يحيى السنوار في رواية «الشوك والقرنفل» بين جمح سجون الاحتلال الغاصب التي كشف بها واقع مظالم الاحتلال التي شهدها وطنه منذ نعومة أظفاره.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة