ملخص كتاب «ما وراء النظام.. 12 قاعدة أخرى للحياة» ج3

في الجزء الأول والثاني من ملخص كتاب «ما وراء النظام: ١٢ قاعدة أخرى للحياة»، خضنا في رحلة لاكتشاف ما يمكنك أن تكون، واستعرضنا كيف تتجلى تعقيدات الهوية البشرية في قصص الأبطال والأساطير القديمة. وناقشنا الحاجة إلى هدف واضح، وبيَّنا أن الضباب الذي نختبئ خلفه ليس سوى حاجز وهمي يمنعنا من رؤية ذواتنا الحقيقية.

وناقشنا كيف يؤثر الرفاق في تصوراتنا عن أنفسنا، ولماذا قد يكون الحمق في بعض الأحيان فضيلة. بين النظام والفوضى، بين المعرفة والضياع، سنواصل استكشاف الأسس التي تكوِّن نظرتنا للعالم، وما يعنيه حقًّا أن نكون في طريق التحول. واليوم، ننتقل إلى الفصل التالي من هذه الرحلة، تأهب واربط الأحزمة.

القانون الرابع: لاحظ أن الفرص تكمن في المواضع التي تم التنازل فيها عن المسؤولية – اجعل نفسك لا غنى عنك

إذا كنت ترغب في أن تصبح لا غنى عنك، فافعل الأشياء المفيدة التي لا يريدها الآخرون (في مكان العمل، على سبيل المثال). لا حاجة للبدء بكثير، ابدأ بشيء واحد يمكنك القيام به، ثم تطور منه.

قد يبدو الأمر مرهقًا في البداية، لكنك تنضج حين تتولى مهام أكثر أهمية. المعنى الذي يثري الحياة يكمن في تبني المسؤولية. نحن دائمًا نشعر بالرضا عندما نتأمل الصعوبات التي تغلبنا عليها. لم يشعر أحد يومًا بإنجاز عظيم بعد فعل شيء سهل. الصعوبة ضرورية؛ ولهذا السبب توجد قواعد للألعاب، إذ لن تكون ممتعة دونها.

المسؤولية والمعنى

بوجه عام، يشعر الناس بالندم على ما لم يفعلوه أكثر مما فعلوه. عدم النضج، مثلما جسَّده "بيتر بان"، ليس سوى ضياع للحياة.

في الكتب السماوية، بدأ إبراهيم حياته الحقيقية في سن الخامسة والسبعين، إذ واجه المجاعة والطغيان والصراع والعقم. تكمن الرسالة في أن أولئك الذين يرون ويسمعون ما لا يراه الآخرون هم من يصبحون أبطالًا، وهم من ينقذون الأميرة، ويقتلون التنين، أو يحررون والدهم من بطن الوحش.

أسطورة أوزوريس وحورس

كان أوزوريس، إله النظام والوعي، الإله الأسمى في مصر. ومع مرور الزمن، هرم وفقد اهتمامه بما يجري، فاستغل أخوه الشرير "ست" غيبته وهاجمه، فمزق جسده (إذ لا يمكن قتل أوزوريس) ووزع أوصاله في أرجاء مصر. حينها، نزلت الإلهة إيزيس إلى العالم السفلي بحثًا عنه، لكنها لم تجد سوى عضوه الذكري (هذه قصة أسطورية). حملت منه، ثم عادت إلى العالم العلوي لتنجب حورس.

كان لدى حورس هدية واحدة: عينه. لم يكن يرى فقط، بل كان يرغب في الرؤية أيضًا. خرج حورس من العالم السفلي وواجه ست، الذي اقتلع إحدى عينيه، لكن حورس انتصر في النهاية، فطرد ست (الذي لا يمكن قتله) واستعاد عينه. ثم نزل إلى العالم السفلي ليجد أوزوريس، وأهداه عينه. ومنذ ذلك الحين، حكما مصر معًا.

حورس وأوزيريس يحكمان مصر

يكمن المغزى في أنه حين تتوقف عن الانتباه لأن حياتك تسير بانضباط، تتسلل الفوضى سريعًا وتفككها بالكامل. لا بد أن ترى الأمور كما هي حقًّا، وأن تتحلى بالشجاعة لمواجهة الشر وإعادة النظام. لا تفقد التركيز على ما يهمك، لا تغفل. كن يقظًا، وامتلك الجرأة لترى ما لا تريد رؤيته.

لا يمكن القضاء على أوزوريس أو ست؛ لأن النظام والفوضى سيظلان دائمًا موجودين. وحده الدمج بين الحكمة والانتباه هو ما يساعد الفرعون على حكم مصر. عندما تستكشف معلومات جديدة، فإنك تتأمل في الشخص الذي يمكنك أن تصبح عليه -وهو السؤال الأبدي للإنسان.

عندما تحدق في الهاوية، ترى وحشًا. وكلما كانت الهاوية أعمق، كان الوحش أكثر رهبة. لكن طبيعة الإنسان ليست الهروب من الوحش، بل مواجهته حين يتطلب الأمر ذلك. هذه هي طبيعة أسلافنا، الذين كانوا مستكشفين ومغامرين ومؤسسين للحضارات. هؤلاء هم الأسلاف الذين يمكنك أن تحذو حذوهم.

ومن قد تكون ذلك الشخص؟

لنفترض أنك تتحمل التزامًا أخلاقيًّا بالعناية بنفسك في الأقل. ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن تفعل ما يحلو لك وكأن الغد لن يأتي؟ بالطبع لا، فأنت تعلم أن الغد قادم، وأن جميع الفواتير ستُدفع في نهاية المطاف. بما أنك مسؤول عن نفسك، فأنت تتحمل فعلًا مسؤولية اجتماعية.

الذات التي ترعاها ليست مقتصرة على الحاضر، بل تمتد عبر الزمن. لذا فإن اتخاذ قرارات تؤدي إلى عواقب سلبية هو في جوهره ضربٌ من الأنانية تجاه ذاتك الحالية، وعدم اكتراثٍ بذاتك المستقبلية. من منظور معين، ويجب أن تعامل نفسك كما تعامل الآخرين؛ لأن نفسك في المستقبل هي شخص آخر.

السعادة والمسؤولية

يريد الجميع أن يكونوا سعداء، لكن هذا لا يعني أنه يجب عليهم السعي وراء السعادة في حد ذاتها. السعادة شعور عابر، إذ إن الإنسان حين يكون سعيدًا، فإنه يفكر فقط في الحاضر، وأحيانًا يصبح متهورًا.

إذن، ما البديل؟ العيش وفق إحساس بالمسؤولية -تجاه نفسك، وربما تجاه غاية أخلاقية أعلى، كأن يكون لك تأثير إيجابي على حياتك وحياة الآخرين. تكمن نتيجة ذلك في أنك ستختبر مشاعر إيجابية أعمق؛ فأقوى العواطف الإيجابية تنبع من السعي لتحقيق هدف ذي معنى.

متى تنشأ المشاعر الإيجابية

بمعنى آخر، لا يمكنك أن تكون سعيدًا دون أن تتحمل مسؤولية نفسك في الأقل. التخلي عن هدفك هو التخلي عن مسؤوليتك، ما يجعل حياتك عرضة للاكتئاب. أما السعي وراء هدف ضئيل، فسيجعلك تشعر بالخزي ويفقدك الحافز. لم ألتقِ يومًا بشخص كان راضيًا عن نفسه وهو يدرك أنه لا يفعل كل ما يجب عليه فعلهلا يمكنك الهروب من المستقبل، وأنت تعلم ذلك.

ابذل مزيدًا من الجهد

توجد طريقة صحيحة للتصرف -وهي الطريقة التي كانت صالحة للجميع، في كل الأزمنة. الحياة أشبه بلعبة، وأفضل اللاعبين هم الأكثر جاذبية. إنهم يجذبون الرفقاء، ويختار ميدان اللعب أفضل اللاعبين بناءً على سلوكهم الأخلاقي.

أنت تريد أن تصبح أفضل لاعب، ولهذا تحاكي أرقى السلوكيات الأخلاقية. عندما تفعل شيئًا يخالف مبادئك، تعبس. تعرف أنك خذلت نفسك. وعندما تحيد عن الطريق الصحيح، تشعر بذلك. وتدرك، في مرحلة ما، أنك ستدفع الثمن.

اختر الطريق الصحيح

فإذا كان ثمن خيانة ذاتك هو الشعور بالذنب والخجل والقلق، فإن المكافأة على التزامك بها هي المعنى -وهو شيء يستمرهذا هو جوهر الفرص التي تكمن في المواضع التي تم التخلي فيها عن المسؤولية. إذا أوليت انتباهك، ستلاحظ أن وعيك سينبهك سريعًا إلى ما هو خطأ. وإذا توقفت عن فعله، ستبدأ تلقائيًا في فعل الصواب. ببطء ولكن بثبات، ستعيش "وفقًا لنفسك".

ما الترياق ضد المعاناة والشر في الحياة؟ إنه السعي وراء الهدف الأسمى الممكنوما الشرط المسبق لهذا السعي؟ الاستعداد لتحمل أقصى درجات المسؤولية -بما في ذلك المسؤوليات التي يتهرب منها الآخرون. قد تسأل: "لماذا أرغب في هذا العبء؟"

لكن، ما الذي يجعلك تظن أنك لا تريده؟ أنت بحاجة، إيجابيًّا، إلى الانشغال بشيء ثقيل، عميق، وعسير. وعندها، حين تستيقظ في منتصف الليل وتراودك الشكوك، سيكون لديك دفاع صلب:

"على الرغْم من عيوبي الكثيرة، فأنا أفعل هذا. فأنا أعتني بنفسي. فأنا نافع لعائلتي وللناس من حولي. فأنا أتقدم، أتعثر للأمام، تحت العبء الذي اخترت تحمله."

تصبح حياتك ذات معنى بقدر عمق المسؤولية التي أنت مستعد لتحملها.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة