ملخص كتاب "كيف يعمل العقل ؟"

هل شغلت نفسك من قبل في محاولة تفسير قرار أو وجهة نظر أو طريقة حياة شخص آخر؟

إذا كنت فعلت ذلك فقد حاولت أن تفهم كيف يعمل عقل هذا الشخص، وعلى هذا وجب عليك أن تنشغل أيضًا بنفسك لمعرفة كيف يعمل عقلك، الأمر ليس فقط محل اجتهاد وإنما يحتاج إلى كثير من المعرفة و الدراية وهو أمر يشغل كثير من الناس.

وفي هذا المقال نقدم لك أحد أهم الكتب التي تناولت هذا الأمر وهو كتاب (كيف يعمل العقل) الذي يعد من أفضل الكتب مبيعًا في العالم، وقد ترجم إلى أكثر من 26 لغة من بينها اللغة العربية.

قد يعجبك أيضًا ملخص كتاب الخروج عن النص واقتباسات عن مرآتنا النفسية

عن الكتاب

لا يعد الكتاب مجرد مؤلف عادي لأحد الكتاب أو المفكرين أو حتى أطباء الصحة النفسية، وإنما هو مجموعة من المحاضرات لكبار علماء النفس في بريطانيا قدموه في محاضرات متعددة الاختصاص في الإذاعة البريطانية من أجل أن يستفيد منها الناس في التعامل مع مشكلاتهم النفسية انطلاقًا من فهم كيفية عمل العقل، وقد جُمع المحاضرات في الكتاب ليستفيد منه القراء في كل مكان في العالم.

قد تجد نسخًا عدة من الكتاب مكتوب عليها أسماء مؤلفين مختلفين، فترجمت بعض دور النشر أجزاء من الكتاب ووضعت اسم أصحاب المحاضرات التي ترجمتها على الكتاب الذي يتناول خفايا العقل والمفاتيح التي يمكن بها فهم السلوك البشري وتوقعه واستغلاله في المعرفة القائمة على دراسات وتجارب وخبرات عميقة.

قد يعجبك أيضًا ملخص كتاب نظرية الفستق للكاتب فهد عامر الأحمدي

دراسة الشخص لعقله

يتحدث الكتاب عن الدراسة العميقة للعقول ليس فقط في الأشكال الخارجية ومراقبة الانطباعات وردود الأفعال ولكن في التسلل إلى الجمجمة والنظر إلى المشاعر الخفية.

وهو ما يدعو في الكتاب إلى تطبيقه على النفس بدلًا من البحث في عقول ونفوس الآخرين، وهو ما يحتاج إلى كثير من التأمل والتفكير الصدق مع الذات.

تعتمد دراسة الشخص لعقله من وجهة نظر كتاب (كيف يعمل العقل) على الملاحظة وكتابة المعلومات والحقائق بواسطة المشاعر وردود الأفعال.

ويقدم مجموعة من التجارب العملية التي يمكنها أن تساعد الشخص على التدريب، مثل وضع اليد في الماء الساخن ووضع اليد الأخرى في الماء البارد ومحاولة تحديد مكان الإحساس بالدفء أو الإحساس بالألم، وأي شعور قد يغلب على الإنسان، وهي آلية لمعرفة حقيقة ما يشعر به العقل عند التعرض للمتناقضات.

قد يعجبك أيضًا ملخص كتاب "لا تأكل بمفردك"

ما التحليل النفسي؟

يأخذنا الكتاب بعد ذلك إلى منطقة أكثر عمقًا في الحديث عن قراءة العقل فعرفنا على مصطلح التحليل النفسي، ويخبرنا أن هذا المصطلح يتعرض لسوء فهم كبير في المجتمعات المختلفة، ويخاف الناس من معرفة ما يدور في عقولهم ونفوسهم.

ثم يوضح الكاتب كيف أن التحليل النفسي بعيد تمامًا عن الأفكار المرتبطة بالتحرر وطرح القيود، وإنما يقوم التحليل النفسي على التعامل مع المشكلات والاضطرابات والظواهر النفسية بشيء من الاستقصاء والبحث عن الأسباب، واستحداث وسائل للعلاج تتناسب مع الحالة وظروفها الزمنية.

يوضح لنا الكتاب كيف يمكننا استخدام التحليل النفسي في التعرف على عقولنا، وما يدور داخل أنفسنا بوسائل عدة.

فعلى سبيل المثال توجد طريقة (التداعي الحر للمعاني والأفكار) فتترك إرادتك وسيطرتك على أفكارك، وتبدأ في ممارسة التداعي الحر، فمثلا إذا نظرت إلى البحر وتحدثت عن جماله، فأنا تعجبني هذه الأمواج التي تذكرني بالجماهير في ملعب كرة القدم التي أحبها كثيرًا وتذكرني بأصدقاء الصبا، حيث كنا نلعب في الشارع الضيق ذلك الشارع الذي شهد كثيرًا من المغامرات في مدة الطفولة.

وكذلك شهد إصابتي التي تسببت في عدم قدرتي على المشي بطريقة سليمة حتى الآن؛ لذا فقد وصلت إلى أعماق عقلي من طريق فكرة بسيطة، وهي فكرة التداعي الحر وهي أسلوب من بين أساليب عدة للتحليل النفسي.

قد يعجبك أيضًا ملخص كتاب «كيف تتعايش مع الألم؟»

قوة اللاشعور

يأخذنا الكتاب إلى مسألة مهمة وهي المسؤولية الأخلاقية للفرد، وكيف يمكن للتحليل النفسي وقراءة العقل أن يؤثر في تعاملات الفرد مع الآخرين.

وهنا يوضح الكاتب أن التحليل النفسي يزيد من إحساس الشخص بالمسؤولية على أعماله ويمنعه من ارتكاب الأخطاء، لكنه يمنحه كثيرًا من التساهل والتسامح مع أفعال الآخرين نتيجة لأنه يفهم كيفية عمل العقل.

لذا يدرك أن الآخرين لا يفهمون عقولهم فهمًا جيدًا وهو ما يؤثر في سلوكياتهم؛ لذا يمنحهم التسامح والتعاطف بقدر الإمكان.

كذلك فإن التحليل النفسي يدفع للإنسان إلى الاحتكام إلى الضمير البشري والكفاح ضد نزعات الشر في نفسه، فيفهم ذلك الصراع الذي يدور في داخله ويدرك أن هذا الأمر طبيعي وإنساني، ويدرك أيضًا كيف يتعامل مع هذا الصراع، وكيف يستغل هذا الصراع ليكون إنسانًا أفضل.

فعلى سبيل المثال إذا كان يميل إلى معاقبة الآخرين والتعامل معهم بصرامة، فيستطيع أن يستغل ذلك في أن يصبح محاميًّا أو قاضيًا أو شرطيًّا أو كاتبًا للروايات؛ وعلى هذا يهذب هذه الصفات ووضعها في مكانها بطريقة شرعية تتناسب مع قوانين المجتمع، ولا تضعه في أزمة أخلاقية مع نفسه وتجعل منه شخص سوي بقدر الإمكان.

قد يعجبك أيضًا ملخص كتاب السماح بالرحيل

الأحلام

وضمن فصول كتاب (كيف يعمل العقل) تأتي الأحلام كونها عنوانًا كبيرًا، يقول الكاتب: إنها تفرق الناس بين عقول عملية تتعامل مع الأحلام بكونها (صيد الأطياف) وعقول تنجذب إلى الحديث عن الأحلام وتفسيرها وتأثيرها، وهو ما يعبر عن طريقة التفكير ونمط العقل من الداخل.

ويؤكد الكاتب أن التعامل مع الأحلام مرتبط بكثير من المعارف الأخرى والقناعات الخاصة بالعلم والجن والسحر والشعوذة، وهو ما يجعلنا نسأل,, هل هناك أهمية للأحلام في قراءة العقل؟

تعد الأحلام جانبا مهمًّا  في التعامل مع العقل لا يجب إهماله وبعض الأحلام تحمل دلالات واضحة وبعضها يحتاج إلى تفسير متعلق بحياة الشخص وطريقة تفكيره، والأحداث التي يمر بها والرغبات المكبوتة والمخاوف والتحديات.

حتى إن الكاتب استعان بحكاية طويلة حكاها عالم النفس (فرويد) عن طفل صغير كان يحمل سلة من الفراولة هدية إلى جده في عيد ميلاده، وكيف أن هذا الطفل كان يتمتم وهو نائم قائلًا (لقد أكل جوني الفراولة جميعها) فكان الطفل يتعامل مع الواقع داخل حلمه، لذا تبرز أهمية الحلم في تفسير رغبات الطفل المكبوتة في أكل الفراولة.

قد يعجبك أيضًا نظرة تأمل في كتاب "بصحبة كوب من الشاي".. للكاتب ساجد العبدلي

كيف يعمل عقل الطفل؟

يتناول كتاب (كيف يعمل العقل) جانبًا خاصًّا بالأطفال، ويوضح كيف كان التعامل مع الأطفال قديمًا حين لم يكن الأمر يتعلق سوى بالرعاية القائمة على التغذية والنظافة والعلاج، وكيف تطور الأمر كثيرًا في السنوات الأخيرة.

فقد حدث ربط بين الحاجات الجسمية والصحة النفسية للطفل، وكيفية اكتشاف أن توجد علاقة بين الغذاء ونوعيته وراحة الطفل وقدرته على النوم، وكيف أن الملابس الضيقة قد تؤدي إلى سلوكيات نفسية معينة، لذا اكتشفت مفاتيح نفسية عدة يمكن بها التعامل مع الطفل بأسلوب أكثر معرفة ودراية  بواسطة عقل الطفل وليس بواسطة عقل الكبار.

وعلى هذا وجب التعامل مع عقل الطفل بواسطة المعطيات التي يمكن التوصل إليها من طريق مراقبة الطفل والاستماع إليه وقياس الأمور بالمنطق الذي يناسبه هو حسب سنه وطبيعته وظروفه.

فعلى سبيل المثال كانت إحدى الفتيات لا تستطيع النوم في الليل بسبب ظل يحدثه طرف عصا الستارة التي كان يتراءى لها كأنه رجل ذو لحية سوداء، وهو ما لم يفهمه المحيطين بالفتاة لذا لم يكن لديهم الفرصة للتعرف على ما يدور بعقلها، وكذلك عدم تفسير سلوكياتها بالانفعال والخوف الشديد وقلة النوم.

وعلى هذا تأخر العلاج كثيرًا حتى تدخل المعالج النفسي الذي تعامل معها في منطقها الخاص، وقرأ ما يدور في عقلها وغير الستارة وبذلك تغير المشهد واستطاعت الطفلة أن تنام بهدوء.

قد يعجبك أيضًا ملخص كتاب "فكر كأنك أينشتاين" لبيتر هولينز

الحظيرة العائلية

بالحديث عن عقل الطفل وكيفية التعامل معه يوضح كتاب (كيف يعمل العقل)، إن الطفل الصغير يولد في ما يشبه الحظيرة بين عائلته، فيكون كالصفحة البيضاء على مستوى العقل والنفس، وبذلك يبدأ الطفل في تلمس المشاعر وبناء الشخصية النفسية في سن صغير.

فعلى سبيل المثال ينام الطفل على صوت أمه، ويطمئن له حتى لو كان في الظلام، ولا يرى وجه أمه ويشعر بالرغبة في وجودها بجواره، فيصرخ لكي تحضر إليه، وعندما يبدأ الطفل في الاعتماد على نفسه يمارس كثيرًا من الأمور التي يبني به شخصيته النفسية والعقلية، وهو ما يستدعي تدخل الأهل تدخلًا واعيًا.

يجب أن يكون لدى الأهل الثقافة الكبيرة في التعامل مع الطفل بعدم السماح بالتمادي في محاولات التحكم المطلق، وتعريف الطفل بالقواعد مع بداية قدرته على المشي والزحف وممارسة السلوكيات الصحيحة أمام الطفل.

فيبدأ الطفل في تبني هذه السلوكيات ويختبرها بنفسه فيصرخ ويعاند والابتسام واللعب من أجل رؤية رد الفعل، وكيف أن القواعد ستسري حتى النهاية أم أن أحد الآباء سيخرق القواعد.

فعلى سبيل المثال يبكي أو يصرخ الطفل ساعات طويلة من أجل كسر إحدى هذه القواعد، وعند الاستسلام له فغالبًا لن يلتزم هو بهذه القاعدة بعد ذلك، لذا نحتاج إلى بناء عقل الطفل وشخصيته النفسية من السنة الأولى في عمره، وهو ما يحتاج إلى كثير من الثقافة والمعرفة من الأهل والقائمين على عملية التربية.

وهكذا فإن كتاب (كيف يعمل العقل) يعد كنزًا كبيرًا في قراءة العقل والتعامل النفسي وفهم الأشخاص، بل حتى في تربية الأطفال، فلا يضم الكتاب صوتًا واحدًا لعالم أو كاتب أو مفكر، وإنما هو مجموعة من المحاضرات لمجموعة من العلماء أصحاب التخصصات المختلفة، لذا فإننا ندعوك لقراءة الكتاب لتحصل على الاستفادة كاملة.

وفي الأخير نتمنى أن يكون مقالنا الذي تضمن ملخص كتاب (كيف يعمل العقل) قد نال إعجابك، ويسعدنا كثيرًا أن تشاركنا رأيك في التعليقات ومشاركة المقال على مواقع التواصل لتعم الفائدة على الجميع.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة